العرايشي ينتقد الوضع، يطالب بالإنصاف ويحث الجامعات على الرفض

بعد سنتين من انتخابه كرئيس للجنة الأولمبية الوطنية المغربية، جاء فيصل العرايشي لتقديم حصيلة العمل أمام رؤساء الجامعات الرياضية، والتي بلغ عددها ثلاثين جامعة من أصل واحد وثلاثين جامعة كان من المفروض حضورها لأشغال الجمع العام العادي برسم موسم 2017-2018.
ولعل أولى الملاحظات التي استرعت الانتباه خلال هذا الموعد، تتجلى في غياب رؤساء الجامعات التي توصف بـ “النافذة” كفوزي لقجع وعبد السلام أحيزون ومحمد مقتبل وجواد بلحاج، وغيرهم، غياب لا يمكن أن نحمله أكثر مما يحتمل، أو نفسره بمثابة موقف، لكن غياب كل هذه الأسماء دفعة واحدة ترك أكثر من علامة استفهام داخل القاعة.
قبل خوض الجمع العام في تفاصيل وأرقام ومعطيات التقريرين الأدبي والمالي، كانت هناك كلمة للرئيس فيصل العرايشي، كلمة وصفت من طرف أغلب ممثلي الجامعات الحاضرة بالتاريخية والجريئة، إذ لأول مرة في تاريخ هذا الجهاز الرياضي يتحدث رئيس بكثير من الوضوح، ويضع الأصبع على مكامن الخلل داخل المنظومة الرياضية الوطنية.
الكلمة الافتتاحية لرئيس اللجنة الأولمبية الوطنية استمرت حوالي ساعة كاملة، وشرح فيها الواقع بحمولة انتقادية، إذ حدد أولويات المرحلة القادمة، وطالب أسرة الرياضة الوطنية بكل تنوعاتها، بخلخلة هذا الواقع عن طريق إظهار نوع من الرفض المطلق لهذه النظرة غير المنصفة والسائدة للفعل الرياضي، بروح من المسؤولية وبكثير من الجرأة، واعتبار المتدخلين في الشأن الرياضي شركاء وليسوا خصوما.
وللوصول إلى تحقيق هذا الهدف الأساسي، طالب العرايشي من رؤساء وممثلي الجامعات بمنحهم الحق في التحدث باسمهم أمام الأجهزة الحكومية، والدفاع عن حق الرياضة في تمويل منصف يوازي المجهود الذي يبذل يوميا في كل المدن والجهات والأحياء، وفي أبعد نقطة من ربوع المملكة، مع حث هذه الجامعات على إعداد مشاريع هادفة، وبلغة مغايرة تختلف عن المألوف، والمطالبة بالدعم الكافي من موقع قوة وليس استجداء، وضمان تمويل كاف يغطي نفقات برامج ومشاريع تساهم في تطوير القطاع الرياضي ككل.
تساءل العرايشي بكثير من الاستغراب، عن كيفية تدبير وتسيير جامعات بميزانية سنوية لا تتجاوز الـ100 مليون سنتيم، رغم تعدد المهام وكثرة الالتزامات داخليا وخارجيا، والأغرب من ذلك مطالبتها بتحقيق نتائج في المستوى، في وقت نجد مسؤولي هذه الجامعات صامتين، لا يرفعون أصواتهم ولا يقدمون إشارات دالة على الرفض.
تحدث العرايشي أيضا عن روح التطوع والتضحيات التي تقدم كل يوم على من أكثر من صعيد ومستوى داخل هذه المنظومة الرياضية، وعليه لابد من وضع القطاع ضمن خارطة التنمية البشرية، كرافعة أساسية ومحرك لا محيد عنه للمساهمة في الوصول إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
كما وقف رئيس اللجنة الأولمبية الوطنية على غياب التجهيزات الأساسية التي تسمح بممارسة رياضية سليمة وقادرة على توسيع القاعدة، وذلك بربط رهان تحقيق النتائج بالإمكانيات المالية والتجهيزات الأساسية، وهي معادلة واضحة لا تتطلب أي مزايدة أو تأويل.
وقال العرايشي إنه يفضل توسيع قاعدة الممارسة الرياضية، خاصة الأطفال والشباب من الجنسين، على المراهنة فقط على الفوز بالميداليات، لأنها في هذه الحالة تعتبر الشجرة التي تخفي الغابة، فتوسيع القاعدة في نظره يبقى أهم بكثير، لأنه يهم العمق ويلامس الجوهر، وتوسيع هذه القاعدة لا يمكن أن يتحقق دون استعادة الدور المركزي والحيوي للرياضة المدرسية وجعلها في مقدمة الاهتمامات والمشاريع.
ختم لعريشي كلمته التي طغت على أجواء الجمع العام بالتأكيد على أن اللجنة الأولمبية الوطنية أعدت مشروعا سماه مشروع 2024-2028 يجسد كل هذه التصورات والمشاريع والرهانات المستقبلية التي تهدف إلى وضع الرياضة الوطنية في صلب الاهتمامات، شريطة انخراط كل المتدخلين في المجال، والمطالبة بالإنصاف والتمويل العادل، والتجهيز اللائق والمكانة المستحقة.
هكذا كان الجمع العام العادي للجنة الأولمبية الوطنية المغربية، عادي في شكله وترتيبه الزمني، لكنه غير عادي تماما في مضمونه لأنه يختلف عما سبق، ويحمل رهانا مستقبليا يطمح لقطع الطريق مع نماذج سائدة انتهت منذ مدة طويلة صلاحياتها وعمرها الافتراضي.
وعلى هذا الأساس، فالمصلحة تقتضي، جعل “الكنوم” مؤسسة بصلاحيات واسعة تمكنها من لعب دور حيوي في الرياضة على الصعيد الوطني، وجعلها محركا أساسيا للقطاع من حيث التدبير والتأطير والتخطيط والسهر على تنفيذ المشاريع وضمان المراقبة، وليس جهازا شكليا فقط ينتظر المشاركات الخارجية، لإعداد البعثات وضمان لباس موحد وتخصيص تذاكر السفر، والبحث عن أماكن الإقامة، لأن أي وكالة أسفار -على كثرتها- قادرة في هذه الحالة على القيام بالمطلوب بكثير من السلاسة والسهولة.

محمد الروحلي

Related posts

Top