الفنان أحمد إمخبوشان: حكاية عاشق للخط المغربي وجماليته

من مواليد 1955 بتنغير إقليم وارززات، شاءت الأقدار و لظروف العمل أن يكون استقراره بعاشقة المجانين، ملتقى الحضارات، مدينة آزمور حيث اشتغل كرئيس المصلحة الاقتصادية و الاجتماعية والثقافية ببلدية آزمور، فعشقها وعشقته بكل تلاوين سحرها الطبيعي الخلاب، لتغدو ملهمته في كل أعماله، فنان جعل من البساطة تعاملاته و تواضعه أمام الجميع سر حب الناس له، إنه الخطاط المتميز والأستاذ المتفنن ” أحمد إمخبوشان ” الذي شغف بالخط العربي و عذوبته دون سابق معرفة به و بقواعده و أساسياته، فأبحر في أغواره باحثا عن جذوره الحضارية و الأخلاقية، حيث يقول عنه ” الخط العربي تاريخ و أصالة وفن و إبداع ولولا جماليته و نقائه ما خط به القرآن الكريم، الذي يحمل كلام الله عز وجل “، لقد شق الخط منذ نعومة أظافره ، حتى باتت أنامله الرشيقة و الناعمة و هو فيسن لا يتجاوز الثانية عشر تـنقل عبر كتابة الحروف والكلمات ، كل ما يعتري روحه من مشاعر وأحاسيس صادقة ، فترجم هذا الحس الإبداعي المرهف إلى كتابات فنية ولوحات إبداعية بمنتهى الكمال والروعة، حتى برز كإسم له موقعه في مصاف الخطاطين انطلاقا من مدينة صفرو التي دونت له هذا الانجاز إثر مشاركته في العديد من المعارض و المسابقات التي نال على إثرها جوائز و شواهد اعتراف و تقدير، ليتحول خلال فترة السبعينيات إلى ممارس فعلي لم يتلق معها تكوينا أكاديميا أو فنيا في أي مدرسة من مدارس الفنون، بل اعتمد على عصاميته كمدرسة خاصة به، ليبحر في كل صنوف الخط العربي من المغربي بنوعويه المجوهر و المبسوط إلى النسخي و الرقعة و الديواني، مستعملا كل الأدوات و المواد على اختلاف أحجامها و أشكالها، عرض بعدة مدن مغربية كتطوان و بني ملال وبولمان و البيضاء كما أنه كان من الرعيل الأول الذي شارك في البرنامج التلفزي الشيق ” مواهب ” الذي كان يعده المرحوم عبد الني الجيراري، سنة 1979 حيث نال خلاله استحقاق و تشجيع، كان حافزا له للاستمرار و مواصلة مساره الفني كخطاط، فهو يملك صلابة الخط وليونة القلم و الريشة، هذب حسه وطعم إبداعه من جاذبية الطبيعة الأزمورية الخلابة، بسحر نهرها الخالد و أسوار مدينتها العتيقة، المتشبعة بنفحات التاريخ، فجاءت أعماله ترجمة حقيقية لما يختلج في نفسه من أحاسيس و مشاعر، لدرجة أنه يضع الخط العربي في مصاف الكلم، وعلى الجهات التي تعنى بالتربية والتعليم إعطاءه الحق الواجب ضمن المقررات الدراسية،حيث يقول ” إذا كنا نعتبر اللغة هي الكلام المسموع، والخط هو الكلام المنظور، فاللغة والخط صنوان، لا يمكن الفصل بينهما، كل واحد مكمل للثاني، و هنا نأسف كون الجهات التي تعنى بالتربية والتعليم من وزارات أو أكاديميات أو مؤسسات تروبية لا تلتفت له و لا تعره أي اهتمام “.
واعتبارا أن الفنان والخطاط أحمد إمخبوشان يعتبر كذاكرة في فن الخط العربي بمدينة آزمور، فقد كون مع جمعياتها ومنظماتها وهيئاتها ومدارسها رباطا خاصا حافلا بالعطاء كونه لم يكن يبخل على تقديم خبرته في الخط العربي من خلال كتابة اليافتات والحكم والمقولات سواء على القماش أو الورق أو الجدران، إلى جانب تقديم دروس لتلامذة المؤسسات التعليمية في إطار ورشات خطية، ليبقى الحلم الوحيد الذي ظل يحلم به و الهاجس الوحيد الذي يتملكه، هو إنشاء معاهد خاصة لتدريس فن الخط العربي، خاصة الخط المغربي لما يشكله من تراث حضاري وتاريخي للمملكة، لتبقى أجمل ذكرى في مساره الإبداعي هي تلك التي تواجهك عند مدخل مدينة آزمور على مستوى القنطرة القديمة، وهي لوحة رخامية كان له فضل تخطيط حروفها بالخط المغربي إبان الاستعدادات للزيارة الملكية للمغفور له الحسن الثاني لمدينة آزمور 9 يوليوز 1994 والتي تحمل قولته “إن المرء لا يمكنه أن يتيه إذا ما وضعناه في أزمور، يكفي أن يرى وادي أم الربيع والأسوار العتيقة ليعرف بأنه في المغرب وليدرك أنها من المدن الشاطئية التي بناها الملوك المغاربة ….” التي قالها على مرأى ومسمع ثلة من المهندسين المغاربة، القولة التي تبين مدى ما تزخر به هذه المدينة من عمران ذا طابع مغربي أصيل، والمتجلي في المدينة العتيقة التي مازالت أسوارها، أبوابها وأبراجها ومساجدها وزواياها، شاهدة ليومنا هذا رغم ما اعتراها من تهميش وتقصير، المدينة التي تعاقبت عليها عدة حضارات من قبيل الفنيقيين والرومان والمرابطين.

> محمد الصفى

Related posts

Top