القطاع غير المنظم.. نمط للارتباط التاريخي لمجتمع تقليدي في طور الانتقال

بالرغم من القيمة المضافة التي حققتها وحدات الإنتاج غير المنظمة والتي تجاوزت نسبة 12 في المائة من الإنتاج الوطني، حيث بلغت القيمة بلغة الأرقام حوالي 185 مليار درهم من السلع والخدمات، فإنه مع ذلك لا يشكل قطاعا اقتصاديا بمعنى الكلمة، مما يحول دون اعتباره مكونا بنيويا ويضفي عليها مشروعية احتلال موقع خاص في الاقتصاد الوطني.
وكشف المندوب السامي للتخطيط، أحمد لحليمي، خلال تقديمه زوال الأربعاء المنصرم نتائج البحث الوطني حول القطاع  غبر المنظم بالمغرب، أن هذا القطاع  الذي بلغت عدد وحداته سنة 2013 أكثر من 1 مليون و600 وحدة، تشغل حوالي 2.4 مليون شخص، والذي بالرغم من أن القيمة المضافة التي حققها والتي ساهمت فيها بشكل كبير الأنشطة الصناعية والخدمات، فإنه لازال يشكل نمطا للارتباط التاريخي لمجتمع تقليدي في طور الانتقال، مع نموذج رأسمالي ليبرالي ذو إنتاجية ضعيفة، حيث تؤثر هذه الوضعية على نمط استغال هذه الأنشطة على جميع مستويات الإنتاج والمبادلات والاستهلاك على الصعيد الوطني.
وأضاف لحليمي، أن حجم الاستثمارات التي قامت بها وحدات الإنتاج غير المنظمة بلغ 3.366 مليار درهم، بارتفاع نسبته 3.2 في المائة منذ سنة 2007، لتصل مساهمتها إلى 1.1في المائة بالنسبة للتكوين الإجمالي لرأس المال الثابت الوطني، مبرزا أن قطاع الخدمات حقق 50 في المائة من هذه الاستثمارات، مقابل أزيد من الثلث بالنسبة لقطاع التجارة وأكثر من 12 في المائة بالنسبة للصناعة و5.3 في المائة بالنسبة لقطاع البناء والأشغال العمومية.
وأوضح المندوب السامسي للتخطيط أنه بالنظر لضعف قيمة الضرائب والرسوم، نسبيا، التي يتم استخلاصها من القطاع غير المنظم، فإن مساهمته في الناتج الداخلي الإجمالي تقدر سنة 2013 بـ 11.5  مقارنة مع سنة 2007(سنة الأساس).
وفيما يتعلق بالأنشطة التي يشتغل بها العاملون المحسوبون على هذا القطاع والبالغ عددهم خلال سنة 2013 نحو 2,4 مليون شخص، أفاد المندوب السامي، أن الفلاحة تأتي على رأس اللائحة، حيث أن عدد المناصب تمثل  36.3  من إجمالي المناصب غير الفلاحية على الصعيد الوطني، حيث أن 233 ألف مشغل مستقل قام  بتشغيل 420 ألف أجير وتوزيع 11,4 مليار درهم كأجور، وهو ما يمثل4  من كثلة الأجور الموزعة على المستوى الوطني، و 11 من القيمة المضافة الإجمالية للقطاع غير المنظم.
وخلص المندوب السامي، إلى أن نتائج البحث الوطني حول القطاع غير المنظم، والذي غالبا ما ينظر إليه كقطاع طفيلي، أظهرت أن هذا القطاع أصبح بمثابة وسط ملائم لتطوير أنشطة استغلال الفرص المناسباتية، لصالح طلبات الاستهلاك والخدمات لمجتمع تقليدي في طور الانتقال، مستفيدا من هشاشة العرض وجودة اليد العاملة في سوق الشغل.
واعتبر أن الفكرة الرائجة لدى الرأي العام التي تقول بأن إدماج القطاع غير المنظم في القطاع المنظم يمر، في نهاية المطاف، عبر إخضاعه لمقتضيات النظام الجبائي الوطني، بأنها ليست على صواب، واسفا إياها ب”الوهم” ، لكون الربح الضريبي يبقى محدودا نظرا لضعف مستوى دخل الوحدات الإنتاجية، قائلا” حتى من هذا المنظور، فان الربح الضريبي يبقى محدودا جدا نظرا لضعف مستوى دخل الوحدات الانتاجية (كوحدة إنتاجية وكأسرة القائم عليها)، حيث لا يتعدى عدد الوحدات الانتاجية ذات الدخل القريب من 10000 درهم شهريا 20000 وحدة إنتاج غير منظمة”.
وأبرز، بناء على نتائج البحث، أن استيعاب الأنشطة غير المنظمة من المفروض أن يتم عبر ادماجه في سياق التحول الشامل للبنيات الإنتاجية للنموذج التنموي الكلي والرفع من تنافسيته.
ويشار أن نتائج البحث الوطني حول القطاع غير المنظم أظهرت أن هذا القطاع يشمل أساسا الأنشطة التجارية والمقاولات الصغرى جدا، حيث تساهم الأنشطة التجارية بحوالي 70 في المائة من إجمالي رقم المعاملات، متبوعة بالأنشطة الصناعية (13,1 في المائة) والخدمات (9 في المائة) والبناء والأشغال العمومية (8,1 في المائة)، فيما تحقق ما يقرب النصف من هذه الوحدات أقل من 100 ألف درهم سنويا، و 35,3 في المائة منها أقل من 60 ألف درهم، و 16,2 في المائة منها تحقق أكثر من 360 ألف درهم.
كما كشف أن مبادرة إحداث وحدات الإنتاج غير المنظمة تعود إلى مبادرة فردية بنسبة 83 في المائة، وإلى مبادرة جماعية بنسبة 10,6 في المائة،فيما 5 في المائة من الحالات هي ثمرة لمساهمة عائلية .
وأبان البحث أن وحدات الإنتاج في القطاع غير المنظم،51.4  في المائة منها لا تتوفر على مقر قار لمزاولة أنشطتها، وتتمركز الوحدات التي تشتغل في محلات مهنية أو داخل المنازل خاصة في القطاع الصناعي،كما أن أكثر من  80 في المائة  من مجموع وحدات الإنتاج غير المنظمة وأقل من 40 في المائة من الوحدات التي تتوفر على مقر تصرح بأنها لا تؤدي الضريبة المهنية.

فنن العفاني

Related posts

Top