الكاتب المغربي فؤاد العروي.. ساخرا

 ينوع الكاتب المغربي فؤاد العروي في كتاباته؛ فإلى جانب كونه روائيا وقصاصا أصيلا وباحثا أكاديميا، نجده حريصا على تخصيص حيز من وقته لكتابة نصوص ذات طابع نقدي، نقد المجتمع ومشاكل الهجرة والعادات والعلائق الإنسانية بوجه عام.
 هذا الكاتب المقيم بالمهجر، وتحديدا بهولاندا، الذي اختار اللغة الفرنسية وسيلة للتعبير عن آرائه وما يختلج في وجدانه والذي حظيت إنتاجاته الأدبية بالتتويج في محافل دولية، على سبيل الذكر: «القضية الغريبة لسروال الداسوكين» الفائزة بجائزة الغونكور للقصة القصيرة.. ظل محافظا على روحه الخفيفة حتى وهو يكتب نصوصا ذات طابع جدي، كما أنه لم يضح بالبعد الجمالي والإبداعي لهذه النصوص، رغم منحاها التقريري.

  • سؤال بليد

 في مسرح “دو ميرفارت” بأمستردام،  تم عرض مسرحية بعنوان “جهاد” (بداية حسنة، ستقولون بنبرة احتجاجية، انتظروا، سترون، هذا جدير بالاهتمام).
  إذن، “جهاد”، مسرحية للكاتب المسرحي إسماعيل السعيدي أعدتها للركح “دارية بوكفيك” وحظيت بتنويه من طرف النقاد.
تسرد المسرحية قصة ثلاثة أصدقاء، هولنديون من أصل مغربي، كانوا قد ذهبوا إلى سوريا للالتحاق بالجهاديين. كل واحد قام بذلك بتطابق مع الدور الذي أناطه بنفسه بشكل واع أو غير واع: الأول يدعي بأنه الرجل الخارق، الثاني يعتبر نفسه شهيدا (لأي سبب)  والثالث لا يدري تماما أي دور يلعبه (على أي، إنه غير متأكد من أي شيء، إنه من نوع الفتيان  الذي يقضي وقته في التساؤل:” ماذا أفعل هنا؟” بنبرة يائسة، ترون هذا الشخص، هناك بين أصدقائكم يوجد أحد ما يشبه بالتأكيد.
عند وصولهم إلى سوريا، وجد الكراكيز الثلاثة وضعا أقل مثالية مما كانوا يتوقعونه. انتبهوا إلى أنهم خدعوا من طرف البهرجة الإعلامية، والشبكات الاجتماعية،  وكذا سذاجتهم.
الصراع ضد الكافر هو صراع ملتبس والعدو يبدو لنا بقوة.
 طيب، كل هذا ليس جديدا تماما، لكنه ينم عن إحساس جدير بالاهتمام:
 ينبغي أن نبرز لأولئك الذين يحاولون الرحيل للجهاد بأن الواقع شيء آخر غير الذي يعكسونه.
 المؤسسات التعليمية الثانوية والإعدادية، بالأخص تلك التي تضم نسبة كبيرة من أطفال المهاجرين، مدعوة لإرسال التلاميذ لمشاهدة مسرحية “جهاد”.
 لم لا؟ مرة أخرى، الأمر جدير بالاهتمام.
 لكن هيهات، بأي لا مبالاة تتم الأمور أحيانا؟
 مباشرة بعد انتهاء العرض، ظهرت سيدة (لا أعرف من تكون) وتوجهت إلى الجمهور الفتي، وكان سؤالها الأول:
ـ ليرفع أيديهم أولئك الذين يحملون هوية الإرهابيين.
 من المفترض أنها تريد إثارة النقاش كما يقال. لكن يا له من سؤال بليد وخطير.
 بعض التلاميذ كانوا غاضبين.
 هكذا إذن، أن تكون من أصول مغاربية يجعلك مهيئا للتطبيع مع الإرهابيين؟
 آخرون أخذوا ينظرون حولهم، حذرين، كأنهم بصدد التفكير:
 “هناك بالتأكيد قوات أمنية بزي مدني ينتظرون مني أن أرفع أصبعي للارتماء علي..”.
 آخرون رفعوا أياديهم بكل جرأة.
هنيئا.
على إثر سؤال واحد، كل الأثر الذي خلفه العرض المسرحي كان قد تبخر ولم يتبق غير الإحساس بالانتماء إلى جالية مشتبه بها مسبقا. إحساس يثبط همة جيل بكامله.

ترجمة: عبد العالي بركات

Related posts

Top