المال وحده لا يصنع الألقاب

ما تزال إدارة نادي باريس سان جرمان الفرنسي، بقيادة القطري ناصر الخليفي تطارد أول لقب على الصعيد الأوروبي، ومساء الأحد في العاصمة البرتغالية لشبونة كانت صدمة أخرى، بعد الخسارة أمام نادي بايرن ميونيخ الألماني بهدف لصفر، من توقيع الفرنسي كينغسيلي كومان، اللاعب الذي تم التفريط فيه من طرف “بي. سي. جي”، لأنه لم يكن يومها نجما كبيرا.
فرغم الاستثمارات الكبيرة والمبالغ الضخمة، والقيام بصفقات مدوية، عجز هذا النادي حتى الآن عن تحقيق الحلم الذي يراود مسؤوليه منذ عقد من الزمن، وحتى بعدما وصل إلى المباراة النهائية لأول مرة في تاريخه، عجز عن تحقيق التتويج الذي يراوده.
جاء النادي الباريسي إلى لشبونة، وهو محمل بآمال عريضة، مسلحا بنجوم صرفت عليهم مبالغ فلكية، حطمت كل الأرقام في تاريخ كرة القدم العالمية، الشيء الذي وصف بالجنون، وكل هذا من أجل السيطرة على كرة القدم العالمية، إلا أن المحاولة باءت بالفشل مرة أخرى.
الطرف الثاني بالمباراة النهائية، وهو البايرن بتاريخه وفلسفته ومنهجيته التي لا تعتمد على كبار النجوم، بقدر ما تميل إلى الاستثمار المربح في المواهب الشابة، والدليل على ذلك أن أغلب الصفقات التي أبرمتها إدارة النادي البافاري خلال السنوات الأخيرة، تبلغ نصف صفقة انتقال نيمار من برشلونة إلى باريس سان جرمان، وهذا دليل آخر على أن المال وحده لا يصنع الألقاب.
هذا النادي الألماني العريق الذي تعود على المنافسة أوروبيا وعالميا، حقق نتائج مدوية قبل الوصول إلى المباراة النهائية، ولعل أبرزها الانتصار الساحق والمذل الذي حققه على حساب نادي برشلونة الإسباني ونجمه الأرجنتيني ليونيل ميسي، بثمانية أهداف لاثنين، وهذا يؤكد أن الفريق المستعد بدنيا وذهنيا وتكتيكيا، هو من كسب التاج الأوروبي.
فريق ناصر الخليفي، تجاوز في طريقه فرقا متوسطة وهي دورتموند الألماني، وأطلانطا الإيطالي، ولايبزيغ الألماني، ولم تسقطه القرعة في مواجهات قوية، كما أن الظروف العامة التي عاشها العالم بسبب وباء كورونا المستجد، أربكت حسابات الكثير من الأندية الكبيرة، كما هو الحال بالنسبة لريال مدريد وبرشلونة الإسبانيين ويوفنتوس الإيطالي، وليفربول الانجليزي، الشيء الذي سهل نوعا ما من مهمة النادي الباريسي للوصول إلى المباراة النهائية.
وفي أول تصريح له بعد الخسارة الصادمة، قال الخليفي إنه يوم آخر حزين، لكنه هنأ اللاعبين على المجهود الذي بذلوه، مؤكدا أن إدارته ستواصل مطاردة اللقب الأوروبي مستقبلا، وهذا طموح مقبول، إلا أن الذي يجب أن يعلمه المستثمر القطري، أن المال وحده ليس كافيا، إذا كانت الاستراتيجية أصلا خاطئة من الأساس.
فالانتماء إلى الدوري الفرنسي المتوسط تقنيا، لا يمنح لاعبي فريقه فرصة التنافس على أعلى مستوى، كما أن المبالغة في جلب النجوم من كل حدب وصوب، أثر سلبا على الأغلبية الساحقة من الأندية التي ليست لها نفس القدرة المالية للقيام بنفس الصفقات.
كما أن الرهان على نيمار وحده، لا يمكن أن يعطي النتائج المنتظرة، والدليل عطاؤه المحدود حتى مع المنتخب البرازيلي، لأنه ببساطة يفتقد إلى كاريزمة القائد، كثير الميول للعب الاستعراضي، وادعاء الإصابة بصفة متكررة، وغياب الانضباط التكتيكي، وكثر الأعطاب، كلها سلبيات لا يمكن تجاوزها بسهولة، وبالتالي فإنه غير مستقر في عطائه، خاصة وانه أصبح ذهنه شاردا، يفكر أكثر في التمتع بلذات الحياة، بحكم الأموال الطائلة التي أصبح يتوفر عليها هو وعائلته.
ننتظر ما إذا كانت مطاردة الحلم ستواصل من طرف القطريين، مع العلم أن المال هنا وحده غير كاف، كما حدث مع الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) عندما كسبوا بقدرة قادر رهان تنظيم نهائيات كأس العالم لسنة 2022.

محمد الروحلي

Related posts

Top