كشف التقرير السنوي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي برسم سنة 2016، عن العيوب التي تعتري تدبير الإدارة العمومية وربط ذلك بالتحول الرقمي الذي أصبح ضرورة حتمية تماشيا مع تسارع التطور التكنولوجي.
وأورد التقرير السنوي أن الرافعة الرقمية ليست فقط عامل تسريع قويا لتحسين الخدمات لفائدة المواطنين، بل تشكل أيضا وسيلة فعالة لمحاربة الرشوة ولتقليص نطاق السلطة التقديرية للإدارة.
ومن أجل ذلك أوصى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ببلورة مقاربة شمولية ومتجانسة من أجل بلوغ مستوى جديد لرقمنة المرافق العمومية، بما يكفل تحقيق الإنصاف والشفافية والنجاعة على مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين، سيما من خلال تفعيل ميثاق المرافق العمومية الذي ينص عليه الدستور وإحداث هيئة قيادة مؤسساتية خاصة.
وركز التقرير، في جانب منه، على تكريس الحق في الحصول على المعلومة، وفقا لما نص عليه الدستور المغربي الذي يعطي الحق في الحصول على المعلومة دون قيد وبصورة غير محدودة إلا في الحالات الاستثنائية التي ينص عليها القانون. ودعا المجلس في تقريره إلى أن اعتماد قانون أكثر تقدما في مجال الحق في الحصول على المعلومات، أكثر مما ورد في مشروع القانون 13-13 الذي يوجد في أروقة البرلمان.
وأضاف التقرير أنه ومن أجل ضمان الحق في الحصول على المعلومة، ينبغي التحديد الواضح والرسمي لمساطر وإجراءات الولوج إلى المرافق العمومية، وتجميعها في شكل إطار مرجعي يسهل ولوج المواطنين إليها، كما ينبغي أن تكون وسائل الولوج متعددة وملائمة. وأكد أنه يتعين الإعلان عن الإجراءات الموحدة في المرافق العمومية المعنية، ومنحها طابعا إلزاميا بقوة القانون، لدى العاملين في الإدارة.
ودعا المجلس أيضا، في هذا الصدد، إلى إحداث مكتب خاص بالطعون في الأماكن التي تقدم فيها الخدمات، بمهام وأهداف واضحة وأطر عاملة خاصة، مؤهلة لمعالجة الشكايات واتخاد القرارات اللازمة. وبالإضافة إلى ذلك يجب أن يكون التفاعل بواسطة المواقع الإليكترونية وبوابات الإدارات تفاعلا فعليا، مع ما يتطلبه ذلك من معالجة الرسائل الإليكترونية التي يبعث بها المرتفقون والرد عليها بإجابات حقيقية. وأورد التقرير في السياق ذاته أنه ينبغي الإعلان عن الآجال المحددة لتقديم الرد واحترامها.
وارتباطا بتحسين جودة الخدمات في الإدارة، دعا التقرير إلى إحداث مرصد لتتبع جودة الخدمات، تتجلى مهامه في وضع الأدوات والوسائل اللازمة لتجميع المعطيات الواردة من مختلف الإدارات واستكمالها، عبر استبيانات ميدانية حول مدى الرضا لدى المواطنين.
وكشف التقرير، في جانب آخر، عن محدودية العمل ببطاقة الهوية الوطنية البيومترية، حيث أشار إلى أن الإدارات لا تستفيد منها باستثناء المصالح الأمنية، كما أن عمليات قراءة المعطيات المتضمنة في البطاقة والتحقق منها لا تقوم بها إلا مصالح الشرطة، وذلك بالرغم من أن إحداث هذه البطاقة كان الهدف منه أن تحل محل أربع وثائق إدارية على الأقل، ولمواجهة هذه المحدودية، دعا التقرير إلى ضرورة تطوير نظام آخر لتحديد هوية الساكنة.
في جانب آخر، سجل التقرير على الصعيد الاقتصادي، أن سنة 2016 تميزت بضعف الأداء الاقتصادي، إذ عرف نمو الناتج الداخلي الخام تباطؤا ملموسا بلغ 1.2 في المائة بعدما حقق 4.5 في المائة سنة 2015، وذلك بعد تراجع القيمة المضافة الفلاحية بالنظر للنقص الكبير في التساقطات المطرية، الأكثر حدة طيلة 30 سنة، في وقت سجلت فيه القيمة المضافة غير الفلاحية نموا جد متوسط.
وأبرز التقرير، أن الاستهلاك النهائي للأسر والاستثمار العمومي وارتفاع وتيرة قروض التجهيز (ابتداء من شهر شتنبر)، شكلت العوامل المحركة الرئيسية لدينامية الطلب الداخلي في سنة 2016. وفي الجانب الاجتماعي، لاحظ المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أن متوسط مستوى عيش المغاربة تضاعف تقريبا خلال الفترة ما بين سنتي 2001 و2014، حيث انتقل من 8.300 درهم سنويا إلى حوالي 15.900 درهم، مشيرا في السياق ذاته إلى تراجع معدل الفقر النقدي من 15.3 في المائة سنة 2001 إلى 4.8 في المائة سنة 2014، كما بدأت الفوارق الاجتماعية على صعيد مستوى العيش في الانخفاض منذ سنة 2007.
وأشاد تقرير المجلس على المستوى البيئي، بنجاح المغرب في تنظيم الدورة 22 من مؤتمر الأطراف في الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة بشأن التغيرات المناخية (كوب 22)، في شهر نونبر 2016 في مراكش.
وبالنسبة لسنة 2017، أفاد التقرير بأن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي سينكب، إضافة إلى إعداد التقرير السنوي، على دراسة موضوعات السياسة الصناعية للمغرب، والمبادلات الاقتصادية بين المغرب وباقي البلدان الإفريقية، والنظام العقاري والرصيد العقاري، والمناولة، والهجرة وسوق الشغل، والحماية الاجتماعية، والمدن المستدامة، والتكنولوجيات والقيم، والمحتوى الثقافي والإعلام، وسياسة السكن في الوسط القروي. ويأتي إنجاز المجلس لتقريره السنوي، تطبيقا للمادة العاشرة من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، حيث تتضمن هذه الوثيقة رصدا وتحليلا للوضعية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للمملكة، وجردا للأنشطة التي أنجزها المجلس خلال هذه السنة.
حسن أنفلوس