بمدينة الجديدة، يظهر أن “الكل” أصبح حارسا للسيارات بالفضاءات العمومية، إذ يكفي أن يتوفر المعني الشخص المفترض على صافرة وقميص أصفر أو أحمر، ليدعي أنه حارس للسيارات، أمام مرأى السلطات المحلية والشرطة الإدارية التابعة لمجلس الجماعات الحضرية، حيث الجميع يغض الطرف عن هذه الفوضى، وهذا الاستغلال البشع للأماكن العمومية..
تشهد عاصمة دكالة السياحية على مرأى السلطات المحلية وسكان المدينة وزوارها من السياح المغاربة والأجانب، فوضى عارمة، واكتظاظ واغلاق للطرق والممرات ومشادات كلامية وتبادل فاحش للشتم والسب ثم عراك وشنآن… ذلك هو حال جميع الأماكن العمومية التي يستغلها اشخاص يدعون أنهم حراس لمواقف السيارات بمدينة الجديدة، بالرغم من شكايات المواطنين والسكان المتضررين ضد هؤلاء، و بالرغم من الحملات التي نشرت على مواقع التواصل الإجتماعي، و التي من خلالها وجهت الساكنة رسائل تطالب جميع المسؤولين وعلى رأسهم عامل إقليم الجديدة، من أجل التدخل لوضع حد لهذه الظاهرة التي أصبحت عبئا ثقيلا على سكان و زوار المدينة ، بل أساءت لها كثيرا.
في جولة قصيرة بشوارع وأزقة مدينة الجديدة، نلاحظ انتشار الحراس العشوائيين بجميع الفضاءات العمومية، أمام المؤسسات العمومية بدون استثناء، بل حتى أمام المحاكم كما هو الشأن بالنسبة لموقف السيارات الكائن أمام محكمة قضاء الأسرة بالقرب من حي لالة زهراء، إضافة الى انتشارهم أمام المساجد أثناء أوقات الصلاة، وبجميع الشوارع، الأحياء، الأزقة و بالممرات وبجانب الأسواق الشعبية، أشخاص يستغلون الاكتظاظ وأزمة مواقف السيارات، ليستخلصوا الأموال من المواطنين، دون أي ترخيص، بذريعة حراسة السيارات يتربصون بأصحابها متى يعودون لاستخلاص الأموال، وإذا ما وقع مكروه أو أصيبت سيارة بحجرة طائشة مثلا، فإنهم يغادرون المكان بسرعة.
الواقع يؤكد أن هؤلاء الأشخاص أصبحوا مصدر إزعاج لكثير من الوافدين على مدينة الجديدة السياحية، حين لا يقبلون بدرهمين كتعريفة ويطلبون أكثر، أو عند مطالبتهم من قبل بعض أصحاب السيارات بوصل أو شارة حارس السيارات.
والخطير في الأمر أن بعض المنحرفين يستغلون بعض الأماكن العمومية لمزاولة هذه المهنة ويهددون سلامة أصحاب السيارات إذا ما رفضوا أداء واجب رسوم غير قانونية.
والملاحظ أن الحارس المفترض يترك مكانه لشخص آخر في أية لحظة، ليجرب حظه في جني دراهم مهمة قد تصل يوميا إلى ما بين 150 و 250 درهم، حسب سلطة الحارس وقوته و طريقته في استخلاص المقابل المادي، حتى أن العديد من اصحاب السيارات أصبحوا يفضلون أداء ذلك المقابل، حتى لا يتعرضون لوابل من الكلام الفاحش و هو رفقة أفراد أسرتهم، بينا أصحاب السيارات الذين يكون بمفردهم و يعرفون القانون ولهم من القوية الجسدية ما يمكن من الدفاع عن أنفسهم، فإنهم يرفضون أداء أي مقابل لهؤلاء الحراس الوهميين، الذين يتراجعون للوراء كلما واجههم زبون مفتول العضلات أو برفقة أصدقائه.
بعض هؤلاء الحراس العشوائيين، يقدمون نفسهم على أساس أنهم يشتغلون مع الشركة الخاصة باستغلال مواقف السيارات، لاستخلاص واجبات الوقوف، وكل من حاول التدقيق في هويتهم وامتنع عن الأداء، فإنهم يعرضونه لاعتداء جسدي، قد يرسله إلى قسم المستعجلات بالمستشفى الإقليمي، كما حدث عدة مرات .
والحالة هذه الشاذة فإن على السلطات المحلية التدخل العاجل، من أجل وضع حد لظاهرة الحراس العشوائيين، وفرض وضع الشارة تحمل صور وأسماء الحراس القانونيين، لتحديد هوياتهم، في مواقف السيارات التابعة للجماعة الحضرية.
وتجدر الإشارة إلى أن حراس السيارات القانونيين، الذين يكترون المواقف في فضاءات عامة (الشوارع والأزقة والأرصفة) من المجالس الجماعية، فإنهم الآخرون أصبحوا موضوع مساءلة، خصوصا فيما يتعلق بالمقابل المالي المفروض على أصحاب السيارات، ذلك أن المجالس الجماعية ليس من حقها إيجار أماكن ركن السيارات للغير، سواء تعلق الأمر بالفضاءات الفارغة أو الممرات أو أرصفة الشوارع والأزقة، ونجد أن أغلب المجالس الجماعية تؤول المادة 94 من القانون 113-14 بشكل غير صحيح.
فإذا كانت هذه المادة القانونية تخول لرؤساء مجالس هذه الجماعات اتخاذ القرارات المتعلقة بتحديد سعر الرسوم والأتاوى ومختلف الحقوق طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، فإن مجموعة من الأساتذة المحامين، يرون أنهذه المجالس الجماعية لا حق لها في تأجير مواقف السيارات في الفضاءات العمومية، في غياب نص قانوني واضح.
فمن حق المجالس الجماعية أن تؤجّر المرائب الخاصة التي تنشئها، والتي تتوفر على تجهيزات معينة، يؤدي مستعملها مقابلا ماليا، لكن ليس من حقها أن تحول الشوارع والأرصفة والمساحات المحاذية للشواطئ إلى مرائب تؤجرها لحراس السيارات.
محمد الغوات