المغرب والخليج

تعود دعوة مجلس التعاون الخليجي المغرب للانضمام إليه إلى الواجهة هذا الأسبوع بمناسبة الاجتماع الخليجي المرتقب في جدة، وفي السياق أيضا تعود بعض الآراء المترددة بشأن هذا الانضمام إلى البروز في أوساط الطرفين معا.
نذكر هنا بأن المغرب كان قد سجل «التقدير الإيجابي للعرض الخليجي»، لافتا حينها إلى أن المملكة المنتمية إقليميا، ومنذ زمن طويل إلى الفضاء المغاربي، ستبحث عن «الصيغة المثلى التي تأخذ بعين الاعتبار المصالح المشروعة للطرفين»، وهو ما يتوقع الشروع في البحث فيه خلال اجتماع جدة.
بعض الأوساط الخليجية بدأت تروج لـ «شروط» تجاه المغرب، مثل رفض إقامة المواطنين المغاربة في بلدان الخليج من دون ورقة إقامة، وعدم السماح لهم بالتملك، بالإضافة إلى الاستمرار في فرض التأشيرة على الراغبين في الدخول إلى البلدان المذكورة، وهي تقييدات يرجح أن يرفضها الطرف المغربي باعتبار ذلك يفرغ الانضمام من كامل معناه، كما أن أطراف خليجية أخرى تميل إلى الاتفاق على فترة شراكة وتعاون انتقالية قد تدوم سنتين مثلا، قبل الانكباب على بحث تفاصيل واشتراطات وشكليات الانضمام.
وفي كل الأحوال، فإن العرض الخليجي يمثل اليوم بداية تحول أساسي في علاقة المغرب بهذا التجمع الإقليمي، وهي مرحلة لا بد أن يتعاطى معها المغرب بكثير من الجدية والحنكة الديبلوماسية والسياسية بغاية استثمارها لخدمة مصالحه السياسية والاقتصادية والإستراتيجية، وأيضا مراعاة مصالح الطرف الآخر.
من جهة ثانية، إن تداعيات الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية للسنوات الثلاث الأخيرة، تضع المغرب على رأس الحلول والمخارج التي من شأنها أن تفتح الاستثمارات والرساميل الخليجية على آفاق جديدة للتطور والنجاح، ما يخدم مصالح هذه البلدان التي جربت الاستثمار في المملكة منذ سنوات، وتدرك جاذبية البلد وأهمية موقعه الجغرافي الاستراتيجي وانفتاح منظومته الاقتصادية والسياسية، وهذه كلها نقاط قوة يمكن للديبلوماسية المغربية استثمارها وإبرازها للشركاء الخليجيين.
وفي السياق نفسه، فإن الأسواق الخليجية التي تستورد معظم ما تستهلكه شعوب المنطقة، يمكن أن تكون وجهة جديدة للصادرات المغربية ذات الجودة والانسجام مع المعايير الدولية، وبالتالي، فإن الصادرات المغربية وتمتين التعاون التجاري والزراعي، فضلا عن جلب الاستثمارات المباشرة، وتقوية المشاريع المشتركة، هي مجالات قد تتيح خدمة مصالح الطرفين، وتساعد على الانتقال بالعلاقة إلى مرحلة أكثر نفعا ومردودية، ناهيك بالطبع عن أهمية الدعم السياسي المتبادل.
واضح إذن، أن الموضوع يكتسي أهمية حقيقية للطرفين على صعيد الأفق الاستراتيجي، وأيضا المنفعة الاقتصادية، ومن ثم فإن المصلحة المشتركة تحتم أن تنتصر إرادات العقلاء في الجهتين، وتتمكن من السير قدما نحو تعزيز العلاقات المشتركة بالاعتماد على التاريخ الطويل من الأخوة والصداقة، والعلاقات السياسية المتينة.
[email protected]

Top