المغرب يبسط سيادته تشريعيا على مياهه البحرية

صادقت لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين في الخارج بمجلس النواب، الاثنين الماضي، بالإجماع على مشروعي قانونين رقم 37.17 ورقم 38.17، يهدفان إلى بسط المغرب لسيادته الكاملة على كافة مجالاته البحرية.
وبهذه المناسبة، قال وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، إن هناك مجموعة من المحددات وراء إعداد وعرض هذين المشروعين في هذه الظرفية بالذات، والتي من بينها السياسي والقانوني والاقتصادي وكذا الإجرائي – التقني، مشددا على أن عمقها يبقى حرص المغرب على حماية وصون مصالحه العليا، على مستوى ترابه، كما على المستوى الجيو سياسي للمنطقة.
وأضاف ناصر بوريطة، في عرض قدمه أمام اللجنة البرلمانية، أن هذا الأمر يعتبر بمثابة خيار استراتيجي وسيادي بالدرجة الأولى، ينبني على حقوق المغرب المشروعة، ويستند إلى مرتكزات قانونية وجيهة، عملا بدبلوماسية الوضوح والطموح التي يريدها جلالة الملك محمد السادس.
وأبرز بوريطة في كلمته التي نقلتها وكالة المغربي العربي للأنباء أن تفعيل المسطرة التشريعية بخصوص المشاريع سالفة الذكر، يأتي غداة الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى الـ 44 للمسيرة الخضراء، الذي شدد فيه جلالة الملك على ضرورة استيعاب كافة المجال الترابي للمملكة، حيث نبه جلالته إلى أن “المسيرة الخضراء مكنت من استرجاع المغرب لأقاليمه الجنوبية. ومنذ ذلك الوقت، تغيرت خريطة المغرب، ولم نستوعب بأن الرباط صارت في أقصى الشمال وأكادير هي الوسط الحقيقي للبلاد”.
ولفت إلى أن هذه التوجيهات الملكية السامية “تستنهضنا لرأب الفراغ التشريعي الذي يسم المنظومة القانونية الوطنية المتعلقة بالمجالات البحرية، وملاءمتها مع سيادة المغرب الداخلية، الكاملة المكتملة، على كل أراضيه ومياهه من طنجة إلى الكويرة”.
وخلص إلى أن من شأن هذا الوضوح القانوني أن “يشكل، لا محالة، أرضية تفاوضية صلبة لأي تسوية أو اتفاق قد يتم بهذا الخصوص مع الدول التي لها شواطئ متاخمة أو مقابلة لبلادنا”، مؤكدا أن “القيام بهذا العمل التشريعي السيادي لا يعني عدم انفتاح المغرب على حل أي نزاع حول التحديد الدقيق لمجالاته البحرية مع الجارتين إسبانيا وموريتانيا في إطار الحوار البناء والشراكة الإيجابية”.
وتعليقا على هذا المستجد، قال صبري لحو، الخبير في القانون الدولي وقضايا الهجرة ونزاع الصحراء، “في اعتقادي إن هذه الخطوة وإن جاءت متأخرة فإنها ضرورية لبسط المغرب لسيادته الكاملة على مجاله البحري والجوي والإقليمي الذي يؤول إلى جميع الدول”.
وبخصوص هذا التأخر، أوضح صبري لحو، في اتصال أجرته معه بيان اليوم، أن المغرب بعد استرجاعه للأقاليم الجنوبية لم يطابق ولم يلائم ذلك بنصوص تشريعية لدواعي سياسية متعددة، مشيرا إلى أن المغرب كان يجب أن يؤمن بمجاله وبإقليمه قبل أن يقر ويعترف له جميع الخصوم بذلك.
وشدد لحو على أن المغرب كان يجب عليه أن يتخذ هذه الخطوة منذ زمن بعيد، مرجعا هذا التأخير بالأساس إلى العراقيل والمشاكل والصعوبات التي جعلته يتراخى في بسط سيادته على مياهه الإقليمية، من خلال إصدار نصوص تشريعية مؤكدة لذلك.
وعن ظروف إقدام المغرب على هذه الخطوة التي تعتبر مثيرة وجريئة بالنسبة للجارين إسبانيا وموريتانيا، أفاد الخبير في القانون الدولي وقضايا الهجرة ونزاع الصحراء، أن الرباط حاورت وفاوضت مدريد ونواكشوط في الموضوع.
واعتبر المتحدث التفاوض مع هذين البلدين، خطوة مهمة تجنب المغرب فتح هذا الملف أمام القضاء الدولي وأمام الآليات الدولية التي تشتغل في هذا المجال، مؤكدا بأن المغرب غلب طرح التوافق مع موريتانيا وإسبانيا على التوجه إلى القضاء الدولي للحسم في الموضوع.
وأشار صبري لحو، أن الحقوق المغربية ظاهرة وجلية اليوم للجميع، لاسيما وأن المجتمع الدولي والأممي متوافق على أن حل نزاع الصحراء هو حل سياسي، مثمنا مبادرة المغرب على هذا المستوى، التي تؤكد إيمان المجتمع الدولي بعدالة القضية، وحق المغرب في بسط سيادته الكاملة على أقاليمه الجنوبية.
وحول الخلفية السياسية لاتخاذ المغرب هذا القرار التشريعي، شدد لحو بأن الموضوع يعود إلى سنة 2015 عندما أصدرت إسبانيا قوانين تشريعية تمس بسيادة المغرب البحرية في الأقاليم الجنوبية، وهو ما دفع بالمغرب إلى توجيه اعتراض عن ذلك، على حد تعبيره.
وعن التداعيات التي من المرتقب أن يحدثها هذا القرار على المستوى الإقليمي، أفاد الخبير في القانون الدولي وقضايا الهجرة ونزاع الصحراء، للجريدة، أنه ليس هناك ما يمنع المغرب “من سن تشريع وطني يجعل السيادة تمتد إلى أقاليمه الجنوبية، وتمتد إلى المياه الإقليمية المتاخمة لحدوده القارية فالقانون الدولي يسمح له بذلك”.
وعاد المتحدث للتأكيد على أن هذه الخطوة ضرورية، لأنها تهدف إلى تحديد كل شبر مغربي بشكل قانوني، من تم فالمغرب في حاجة إلى أن يلائم ذلك تشريعيا وهو ما يعد تعبيرا عن قناعته وحقوقه التي يؤمن بها، مشيرا إلى أن الموضوع بالفعل حساس وهي جرأة من المغرب التي جاءت بعد تسوية كل النقاط الخلافية له مع الجارة إسبانيا وموريتانيا، وهو ما يعني وجود توافق دولي حول الحل النهائي لنزاع الصحراء.
جدير بالذكر أنه تمت إحالة المشروعين على مجلس النواب خلال 27 يوليوز 2017، كما تمت إحالته على لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين في الخارج في غشت 2017.

يوسف الخيدر

Related posts

Top