المغرب يجدد تشبثه بمبادرة الحكم الذاتي حصريا ويذكر برؤية جلالة الملك لحل نهائي في الشرق الأوسط

جدد رئيس الحكومة، أول أمس الثلاثاء بنيويورك، التأكيد على تشبث المغرب بالتوصل إلى حل سياسي نهائي للنزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء، على أساس مبادرة الحكم الذاتي حصريا، وفي إطار الوحدة الترابية والسيادة الوطنية للمملكة.
وذكر أخنوش، في كلمة باسم المغرب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، بثوابت موقف المغرب، كما جدد التأكيد عليها صاحب الجلالة الملك محمد السادس للأمين العام للأمم المتحدة، وتتمثل في أن لا عملية سياسية خارج إطار الموائد المستديرة التي حددتها الأمم المتحدة، بمشاركة كاملة من الجزائر، وأن لا حل خارج إطار المبادرة المغربية للحكم الذاتي، وأن لا عملية سياسية جدية دون العودة إلى إيقاف إطلاق النار من طرف الميليشيات المسلحة كما ينادي به أعضاء مجلس الأمن.
وأبرز، من جانب آخر، الدعم الثابت والمتزايد للعديد من الدول لسيادة المغرب على صحرائه وللمبادرة المغربية للحكم الذاتي، مؤكدا أن هذه الدينامية الدولية تشكل رسالة واضحة للأطراف الأخرى وللأمم المتحدة، مفادها أن الوقت قد حان للتحرك نحو حل سياسي على هذا الأساس، من خلال سلسلة الموائد المستديرة، ووفقا لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. واعتبر أن هذا الحل يعد السبيل الوحيد الذي من شأنه أن يفتح آفاقا جديدة لفرص التنمية في المنطقة.
وفي الكلمة التي ألقاها بحضور وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، والسفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، أعرب رئيس الحكومة عن دعم المغرب للجهود التي يبذلها الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي من أجل إعادة إطلاق مسلسل الموائد المستديرة السياسية، بحضور المشاركين الأربعة، بهدف التوصل إلى حل سياسي وواقعي وعملي ودائم، على أساس روح التوافق، لهذا النزاع الإقليمي، وفقا لقرار مجلس الأمن 2703.
من جانب آخر، استعرض رئيس الحكومة دينامية التنمية التي تشهدها الصحراء المغربية، بوتيرة تعد من بين الأعلى على الصعيد الوطني، بفضل المشاريع الكبرى المنجزة في إطار النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية.
وخلص أخنوش إلى التأكيد على أن المشاركة الكاملة والنشطة لساكنة المنطقة من خلال ممثليهم المنتخبين ديمقراطيا، في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، تبنثق من تشبثها الراسخ بالوحدة الترابية للمملكة ولمغربية الصحراء.كما أبرز رئيس الحكوم محددات موقف المغرب بشأن الصراع في الشرق الأوسط، كما حددها جلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، من أجل الخروج من منطق تدبير الأزمة إلى منطق العمل على إيجاد حل نهائي.
وذكر أخنوش بأن صاحب الجلالة أكد أن “الاهتمام بالأوضاع الداخلية لبلادنا، لا ينسينا المأساة التي يعيشها الشعب الفلسطيني الشقيق”، وذلك في خطابه بمناسبة الذكرى الـ25 لاعتلائه العرش، والذي أكد فيه جلالته أن المغرب يضع القضية الفلسطينية في مرتبة القضية الوطنية.
وفي هذه الكلمة التي ألقاها بحضور وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، والسفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، ذكر رئيس الحكومة بأن المملكة تضم صوتها إلى صوت باقي الدول الإسلامية والعربية للتعبير عن فائق القلق إزاء الأوضاع الخطيرة وغير المسبوقة التي تعرفها الأراضي الفلسطينية المحتلة، منذ أكتوبر 2023، والتي راح ضحيتها آلاف القتلى والجرحى من المدنيين فضلا عن الدمار الهائل، في خرق سافر للقوانين الدولية.
وأشار إلى أنه إذا كان التوصل إلى وقف الحرب في غزة أولوية عاجلة، كما أوضح ذلك جلالة الملك، فإنه يجب أن يتم بموازاة مع فتح أفق سياسي كفيل بإقرار سلام عادل ودائم في المنطقة.
وأضاف أخنوش، انطلاقا من خطاب جلالة الملك، أن اعتماد المفاوضات لإحياء عملية السلام بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي يتطلب قطع الطريق على المتطرفين، من أي جهة كانوا.
ويتمثل المحور الثالث ضمن هذه الرؤية الملكية في أن إرساء الأمن والاستقرار بالمنطقة لن يكتمل إلا في إطار حل الدولتين، تكون فيه غزة جزءا لا يتجزأ من أراضي الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية.
كما ذكر أخنوش، خلال كلمته أمام الاجتماع رفيع المستوى للدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة، بأن جلالة الملك، بصفته رئيسا للجنة القدس، المنبثقة عن منظمة التعاون الإسلامي، عمل على فتح طريق بري غير مسبوق لإيصال المساعدات الإنسانية إلى سكان غزة.
وتطرق رئيس الحكومة إلى التصعيد الحالي في منطقة الشرق الأوسط، مسجلا أن المغرب يعبر عن بالغ قلقه إزاء وضع غير مسبوق من شأنه توسيع دائرة الصراع، والذي قد يدخل المنطقة برمتها في مرحلة لا يمكن التكهن بتأثيرها وتداعياتها.
وأبرز أن جلالة الملك أكد أن انسداد الأفق السياسي للقضية الفلسطينية يعتبر من أهم الأسباب التي تؤجج الصراع في منطقة الشرق الأوسط.
وفي هذا الصدد، أعرب رئيس الحكومة عن تضامن المغرب الكامل مع لبنان حكومة وشعبا لما يتعرض له من اعتداء، مؤكدا على ضرورة احترام الوحدة الترابية لهذا البلد الشقيق وسيادته الوطنية.
من جانب آخر، أكد رئيس الحكومة، عزيز أخنوش التزام المغرب، بقيادة جلالة الملك محمد السادس، لفائدة التعاون جنوب-جنوب، على أساس التضامن والعمل المشترك.
فقد تطرق أخنوش، على الخصوص، إلى التوجه الأطلسي للمغرب، مبرزا إيمان المغرب الراسخ بأن الساحل الأطلسي يمكن أن يصبح فضاء للتواصل الإنساني والتكامل الاقتصادي ومحورا للإشعاع القاري والدولي.
وفي هذا الصدد، ذكر بأن صاحب الجلالة دعا إلى تعزيز روابط الاندماج والتعاون والتضامن بين البلدان الإفريقية المطلة على المحيط الأطلسي، في إطار مبادرة “مسلسل الرباط للدول الإفريقية الأطلسية”، مسجلا أن هذه المبادرة الملكية، تطمح إلى جعل هذا الفضاء الإفريقي منطقة يعمها السلام والاستقرار والتنمية، وتجسد التعاون جنوب-جنوب القائم على العمل المشترك والتضامن.
وتطرق رئيس الحكومة، أيضا إلى المبادرة الطموحة التي أطلقها جلالة الملك، الرامية إلى تعزيز ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، انطلاقا من قناعة جلالته بأن لهذه المنطقة كامل الحق في المشاركة في الاقتصاد العالمي.
ولفت إلى أن “هذه المبادرة الملكية الرائدة تسعى إلى أن تكون ركيزة للرخاء والسلام والاستقرار في هذا الجزء من القارة الإفريقية”، كما أن روح التضامن ذاتها، يضيف السيد أخنوش، هي التي كانت وراء مشروع إنشاء خط أنبوب الغاز بين المغرب ونيجيريا.
وأوضح أن من شأن هذا المشروع الرائد أن يساهم في تحقيق التكامل الاقتصادي والتنمية في الضفة الأطلسية للقارة، وسيستفيد منه 13 بلدا إفريقيا.
وفي هذه الكلمة التي ألقاها بحضور وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، والسفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، أكد رئيس الحكومة أن إفريقيا تطمح إلى تضامن المجتمع الدولي وتعاونه في مواجهة التحديات التي تواجهها القارة.
وفي هذا الإطار، ذكر بأن المغرب أسس دبلوماسيته متعددة الأطراف، بناء على التوجيهات الملكية السامية، على مبادئ الطموح والوضوح، ويولي أهمية لجعل التعاون مع الشركاء التاريخيين يواكب تطور الاحتياجات، ولبناء علاقات ثقة مع شركاء جدد، انطلاقا من مبدإ التضامن الفعلي والتنمية المشتركة.
وتطرق رئيس الحكومة إلى التعاون في مجال مكافحة التغير المناخي في إفريقيا، موضحا أن المغرب يدعو إلى إنشاء آليات مالية مبتكرة كفيلة بتعزيز الأثر الإيجابي لصناديق المناخ مع ضمان القدرة على تدبير المديونية.
كما ينبغي، يتابع أخنوش، التعجيل بإصلاح الهيكل المالي الدولي، بغرض تلبية احتياجات البلدان النامية، مذكرا بأن المغرب يدعو إلى تمثيلية أكثر ملاءمة للبلدان الإفريقية في مجالس إدارة البنك الدولي وباقي البنوك متعددة الأطراف.

Top