المغرب يدعو بمجلس الأمن إلى ملاءمة ميثاق الأمم المتحدة مع الوقائع العالمية الجديدة

أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، دعا المغرب، أول أمس الأربعاء بنيويورك، إلى ملاءمة ميثاق الأمم المتحدة مع الوقائع الجديدة في العالم.
ففي مداخلة لوزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة خلال مناقشة عامة انعقدت حول موضوع “تسخير القيادة من أجل السلام: متحدون في احترام ميثاق الأمم المتحدة سعيا لمستقبل آمن”، أشار الوزير إلى أن المجتمع الدولي حقق العديد من المكتسبات، على أساس احترام هذا الميثاق، مسجلا في الوقت نفسه أن هذه الإنجازات تظل مهددة بفعل تحديات جديدة ناشئة ومتعددة الأبعاد تنذر بتقويض السلم والأمن الدوليين.
وقال إن “من غير الممكن أن نتصور، للحظة واحدة، نظام عمل متعدد الأطراف دون احترام ميثاق الأمم المتحدة، الذي يشكل أساس عملنا وجهودنا المشتركة والذي أضحى بمثابة دستور مشترك وجماعي”.
وقال الوزير: “وأمام ما يشهده العالم من تطورات، لاسيما في غزة، حيث يستمر عدد القتلى في الارتفاع وتتدهور الأوضاع، مما ينذر بتأجيج التوترات في المنطقة، فإن من حق الأجيال الحالية والمستقبلية أن تسائلنا نحن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة عن المغزى من ميثاق للأمم المتحدة إذا كان يتم انتهاكه مع إمكانية الإفلات من العقاب؟”
وتساءل الوزير، كذلك، قائلا “ألم يصبح الميثاق مجرد وثيقة لإعلان النوايا الحسنة؟ وهل ظهرت محدودية العمل متعدد الأطراف؟ ألم يحن الوقت للإقرار بقصوره والتفكير في بدائل أخرى للحكامة العالمية؟ هل نحن مجبرون على الاختيار بين نظام العمل المتعدد وتعددية المثل العليا؟”
وأبرز بوريطة أن الوقت قد حان لمراجعة هذا الميثاق، بغية ملاءمته مع الوقائع العالمية الجديدة، مذكرا بالرسالة التي وجهها صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى قمة الأمم المتحدة للألفية سنة 2000، وأكد فيها جلالته أنه “يستحسن بعد ما طال الانتظار، العمل على تعديل ميثاق الأمم المتحدة بتحيين بعض مقتضياته التي أصبحت متجاوزة مع الاحتفاظ بالمبادئ ذات المغزى الكوني التي بنيت عليها تلكم المنظمة ذات الخصوصيات الفريدة والمنتظر منها أن تلعب دور المحرك في عملية التدبير الكلي للمشاكل العالمية”.
وأشار الوزير إلى أن احترام سمو ميثاق الأمم المتحدة يساهم في تعزيز السلم والأمن الدوليين، مجددا التأكيد على ضرورة احترام وتنفيذ المبادئ المقدسة لهذا الميثاق، لا سيما سيادة الدول وسلامة أراضيها ووحدتها الوطنية.
واعتبر أن “احترام الميثاق لا ينبغي أن يتم بشكل انتقائي لمبادئ معينة على حساب أخرى، أو إنشاء مجموعة تدافع +حسب الطلب+ عن مبادئ الميثاق”، مضيفا أنه يجب تطبيق كافة هذه المبادئ إذا كنا نأمل في إقرار السلام وضمان مستقبل مزدهر ومستدام للأجيال القادمة.
جرى عقد هذه المناقشة العامة من طرف دولة سلوفينيا، التي تتولى الرئاسة الدورية لمجلس الأمن لشهر شتنبر.

كما دعا ناصر بوريطة إلى تجديد دواليب العمل متعدد الأطراف من أجل إيجاد حلول ناجعة للتحديات التي يواجهها العالم.

وخلال اجتماع لوزراء خارجية مجموعة الـ20، انعقد على هامش الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة، أبرز بوريطة أنه “في وقت تتزايد فيه الصراعات والتوترات الجيوسياسية، أضحى من الضروري أكثر من أي وقت مضى تجديد عملنا الجماعي من أجل إيجاد حلول ناجعة تنسجم مع طموحنا من أجل عالم أفضل ينعم بالسلم”.

وسجل الوزير ضرورة بلورة شراكات استراتيجية دائمة، ملاحظا أن العمل الذي ينخرط فيه المغرب في مجال التعاون الدولي يندرج في هذا الإطار.
وأكد أن المبادرة الدولية التي أطلقها جلالة الملك محمد السادس لتعزيز ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، والمشروع الاستراتيجي لخط أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي بين المغرب ونيجيريا، والمبادرة الثلاثية الخاصة بتكييف الفلاحة في إفريقيا مع التغيرات المناخية، تجسد بوضوح هذا الالتزام بمقاربات مبتكرة وشراكات استراتيجية لمواجهة تحديات التنمية.
ومن أجل الاستجابة لتحديات التنمية والسلام والأمن، الراهنة والمستقبلية، أكد بوريطة أهمية بلورة مقاربة شاملة لإيجاد حلول عالمية ومنسقة، مبرزا أن العمل متعدد الأطراف المتجدد والفاعل، والقائم على المسؤولية والتضامن، يعد السبيل الوحيد لمواجهة الرهانات المطروحة، من قبيل الفقر والجوائح والتغير المناخي وانعدام الأمن الغذائي وكذا التهديدات السيبرانية.
وشدد بوريطة على أهمية استعادة الثقة في المؤسسات متعددة الأطراف وفي مصداقيتها، وضرورة إرساء حكامة عالمية تواكب التحولات والواقع الراهن.
وشدد على عدم إمكانية تأجيل الإصلاحات اللازمة، معتبرا أنه “إذا كان انضمام الاتحاد الإفريقي مؤخرا إلى مجموعة الـ20 يمنح صوتا آخر لإفريقيا، فمن الضروري توسيع الحوار وإشراك المزيد من البلدان متوسطة الدخل، لاسيما في إفريقيا، في عملية اتخاذ القرار داخل المؤسسات متعددة الأطراف”.
واعتبر الوزير أن تحديات التنمية والسلام والأمن تتطلب تدبيرا شموليا لإشكالية التمويل، مضيفا أنه “إذا كانت تعبئة الموارد المحلية رهانا رئيسيا، فإن تهيئة بيئة دولية ملائمة للتمويل يعد ضرورة عاجلة.
كما دعا إلى إرساء نظام مالي دولي أكثر عدالة وإنصافا وإدماجا، وإلى إيجاد حلول مستدامة للمديونية، التي ما تزال تعيق غالبية الاقتصادات الإفريقية.
من جانب آخر، أبرز ناصر بوريطة، أن المغرب يتقاسم انشغالات المجتمع الدولي بشأن أهمية حماية حقوق النساء والفتيات والنهوض بها في أفغانستان.
وأشار الوزير، في كلمة خلال اجتماع حول حقوق المرأة في أفغانستان، نظمته كل من هولندا وكندا وأستراليا، إلى أنه لا ينبغي تحويل النقاش حول الوضع في هذا البلد بآسيا الوسطى إلى نقاش حول دور المرأة في الإسلام.
وأكد إيمان المغرب الراسخ، باعتباره أمة مسلمة، “بأن قيم الإسلام تتوافق بشكل تام مع حقوق الإنسان العالمية، بما في ذلك حقوق المرأة”، مسجلا أن المملكة على قناعة أيضا بأن المساواة، التي تعد مبدأ عالميا متجذرا في قيم العدالة والكرامة، تتجاوز الحدود الثقافية.
وفي مداخلته خلال هذا اللقاء المنعقد على هامش الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة، بحضور وزراء ومسؤولين أمميين، أعرب السيد بوريطة عن التزام المغرب بحماية حقوق المرأة والنهوض بها.
وقال: “نحن هنا اليوم لنجدد تأكيد التزامنا بالسهر على أن يتم احترام الحقوق الأساسية لكل النساء والفتيات، في كل مكان”، مضيفا أن أي بلد يقوم بإقصاء المرأة من مجالات التعليم والحياة العامة، يعيق تقدمها ويقلل من إمكانيات تحقيق السلام والنمو المستدامين.
وأضاف أن المساواة بين الجنسين وحقوق المرأة لا تعد حكرا على أي بلد، مشددا على أن كافة الدول ملزمة بالسهر على احترام هذه الحقوق.
من جانب آخر، ذكر وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج أن المغرب نادى على الدوام بإعلاء فضائل الحوار والتعاون في مجال حقوق الإنسان، ملاحظا أن هذا المبدأ ينطبق أيضا على وضعية النساء في أفغانستان.

**********

ناصر بوريطة يبرز جهود ملوك المغرب من أجل العيش المشترك

أبرز وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، بنيويورك، الجهود التي يبذلها ملوك المغرب في سبيل التعايش ونبذ الكراهية ورفض الآخر.
وقال بوريطة، خلال حدث رفيع المستوى، عقدته الاثنين منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، إن صاحب الجلالة الملك محمد السادس، ودأبا على هذا المنوال، ما فتئ يدافع عن تراث أسلافه، انطلاقا من قناعة ويقين راسخين، من أجل النهوض بالتعايش وصيانة الروافد المتعددة للهوية المغربية.
شارك في هذا الاجتماع، المنظم على هامش الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي تناول مكافحة معاداة السامية وخطاب الكراهية من خلال التربية، على الخصوص، الوزير الفرنسي المكلف بأوروبا والشؤون الخارجية، جان نويل بارو، والمديرة العامة لليونسكو، أودري أزولاي.
وأشار بوريطة إلى أن المملكة، التي تحمل قيم التسامح والعيش المشترك الراسخة، كانت على الدوام وستظل فضاء للحريات، والتلاقح الثقافي وملتقى للحضارات.
وسجل التنامي المقلق لخطاب الكراهية العنصري، الديني والوطني على حد سواء، مبرزا أن مكافحة هذه الظاهرة تتطلب قيادة قوية، وتعبئة دائمة من خلال مبادرات ملموسة ومنسجمة بين المستوى الوطني والعمل متعدد الأطراف، مذكرا بخطاب جلالة الملك بمناسبة الزيارة التي قام بها البابا فرانسيس في مارس 2019، أبرز فيه جلالته أنه “لمواجهة التطرف بكل أشكاله، فإن الحل لن يكون عسكريا ولا ماليا، بل الحل يكمن في شيء واحد، هو التربية”.
وقال الوزير إن المغرب، وانطلاقا من قناعته بأن التربية تعد أساس المستقبل، انخرط في التحضير لمستقبل التعليم” الذي يهيئ الأفراد للتحلي بقيم المواطنة والأخلاق والقيم الكونية للتسامح والعيش المشترك.
وعلى صعيد العمل متعدد الأطراف، ذكر بوريطة بأن المغرب ساهم في صياغة أول قرار للجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن مكافحة خطاب الكراهية، والذي تم اعتماده سنة 2019، وكذا القرار الذي تم بموجبه إعلان 18 يونيو يوما دوليا لمكافحة خطاب الكراهية.

Top