الميسوفونيا اضطراب عصبي يزيد من خطر الإصابة بالقلق الاجتماعي والاكتئاب

تعد الميسوفونيا اضطرابا عصبيا يتميز بردة فعل انفعالية سلبية تجاه سماع بعض الأصوات كالمضغ والتنفس والسعال، وغيرها من الأصوات كصوت الكتابة على لوحة المفاتيح وصرير القلم، وفق ما قالته أخصائية العلاج النفسي الألمانية آن مولمان.
وأوضحت مولمان أن سبب حدوث هذا الاضطراب، الذي يعرف أيضا باسم “متلازمة حساسية الصوت الانتقائية”، لا يكمن في الأذن، وإنما في كيفية معالجة الأصوات في طريقها إلى الدماغ.
وأضافت مولمان أن أعراض الميسوفونيا تشمل أعراضا نفسية تتمثل في الغضب والاشمئزاز والعدوانية، بالإضافة إلى أعراض جسدية تتمثل في خفقان القلب ونوبات التعرق والغثيان.
وشددت مولمان على أهمية الخضوع للعلاج النفسي، لأن عدم علاج هذا الاضطراب يزيد من خطر الإصابة بالقلق الاجتماعي والاكتئاب.
وينزعج بعض الأشخاص من الأصوات المحيطة، مثل صوت الطنين، أو مضغ العلكة، أو تناول الطعام، وتسبب هذه الأصوات الامتعاض والضيق لدى هؤلاء الأشخاص.
ولا يوجد علاج نهائي للميسوفونيا، فهي عادةً إحدى المشكلات الصحية التي تواجه الشخص طوال حياته، ولكن، في ما يأتي أهم طرق علاج الميسوفونيا التي تساعد على التحكم بالمرض:
يستخدم بعض الأطباء العلاج بإعادة تدريب الطنين، وهو أحد أنواع العلاج الذي يعتمد على تدريب الإنسان على كيفية تحمّل الأصوات الخارجية المختلفة. كما يساعد العلاج السلوكي المعرفي في توجيه الأفكار السلبية المرتبطة بالأصوات المزعجة لدى الشخص.
ويقوم بعض الخبراء باستخدام أجهزة يتم تركيبها على الأذن والتي تبث أصواتا مختلفة كصوت المطر، أو الطبيعية، أو أي من الأصوات التي تبعث على الراحة، وأثبتت هذه الطريقة فعاليتها في علاج الأعراض لدى 85 في المئة من الأشخاص.
كما تساعد الاستشارة النفسية للشخص المصاب بالميسوفونيا وجميع أفراد عائلته والأشخاص المحيطين في علاج الأعراض بشكل كبير. ومن الجدير بالذكر أنه لا يوجد أي دواء حتى الآن لعلاج الميسوفونيا، وتعدّ جميع أنواع العلاج إما سلوكية أو نفسية.
وللتعامل مع الميسوفونيا يمكن ارتداء السماعات أو سدادات الأذن في الأماكن التي تحتوي على أصوات مزعجة وتحفز على الاضطراب. كما يمكن استخدام أجهزة الضوضاء التي تساعد على التخفيف من حدّة الأصوات المحيطة، والاستماع إلى صوت الراديو أو التلفزيون من أجل تقليل حدّة الأصوات المزعجة.
وكذلك اتّباع إستراتيجيات وطرق تساعد على التخلص من التوتر عند الاستماع إلى أصوات تسبب الإزعاج. كما يمكن تغيير المكان الذي يتواجد به الصوت من أجل تقليل حدّة الأصوات المحيطة، وممارسة تمارين التأمل والاسترخاء، إضافة إلى أخذ نفس عميق من فترة لأخرى. ويمكن إخبار الآخرين قدر الإمكان بأن الأصوات التي يقومون بإصدارها مزعجة مثل صوت العلكة أو الصفير.
ويقوم بعض الأشخاص بإجبار أنفسهم على الاستماع إلى الأصوات المزعجة مرارًا وتكرارًا ظنًا منهم بأن هذ الأمر يعدّ مفيدا ويساعد على تخفيف حدّة الأصوات المزعجة، وفي الحقيقة فإن الاستمرار في الاستماع إلى الصوت المزعج يجعل الحالة أكثر سوءًا.
ويُنصح الأشخاص الذي يعانون من الميسوفونيا بالذهاب إلى الطبيب أو المعالج النفسي من أجل الحصول على العلاج الأمثل للمشكلة.
وتقوم بعض المجموعات العلاجية بتقديم المساعدة إما من خلال الهاتف أو بشكل مباشر على كيفية التعامل مع المشكلة، إضافة إلى إقامة الاجتماعات المختلفة لأشخاص يعانون من نفس المشكلة والتي تعدّ بدورها بالغة الأهمية والفائدة.
وفي دراسة حديثة نشر ت على موقع “ذا هايرينغ جورنال” بعنوان “ميسوفونيا: مجمع عصبي ونفسي وسمعي”، توصل الباحثون إلى وصف دقيق وشرح الحالة بقولهم إن “مرض الميسوفونيا أو مرض الحساسية الشديدة تجاه الأصوات هو مرض ناتج عن اضطرابات عصبية في الدماغ، تظهر أعراضه مع الشخص منذ طفولته عندما يكون بعمر 9 إلى 13 سنة يكون فيه المريض غير قادر على تحمل أصوات معينة كأصوات المضغ، وصرير القلم على الورقة، وأصوات لوحة المفاتيح أثناء الكتابة على الكمبيوتر، أو صوت احتكاك الأظافر بشيء صلب كالحائط”.
رغم عدم وجود علاج سريع أو حبوب سحرية للميسوفونيا، إلا أن استخدام العلاجات الصوتية والتعديلات السلوكية والعلاج المعرفي السلوكي يبدو واعدًا
وتجعل هذه الأصوات المريض شديد التوتر وسريع الانفعال والغضب مما يجعله يغادر المكان الذي تتواجد فيه هذه الأصوات، مما يؤدي إلى تخريب علاقاته الاجتماعية وابتعاده عن الأصدقاء والأهل.
والسبب الحقيقي وراء هذا المرض غير معروف حتى الآن، ولكن الأطباء حول العالم قاموا بإرجاع أسباب هذه المتلازمة إلى خلل في النظام السمعي بالدماغ، أو اضطراب وراثي، حيث أن أغلب الإصابات والأمراض تكون وراثية.
كما أن الإصابة بمرض طنين الأذن تزيد من احتمال الإصابة بالميسوفونيا. وقد يكون الدماغ قد ربط ذكرى سيئة للشخص مع هذا الصوت الذي يسبب له الاضطراب فيؤدي ذلك إلى الشعور بعدم الراحة أو الغضب عند سماع الصوت. وكل تلك الأسباب غير مؤكدة حتى الآن، فهي مجرد احتمالات طبية تعزى لها الإصابة بهذا المرض.
ولا يمكن علاج هذه المتلازمة إلا نفسيا أو سلوكيا، فعلى المريض التعايش مع هذه المتلازمة ومحاولته القيام بنشاطات مختلفة تلهي الأذن والدماغ عن سماع مثل هذه الأصوات، كما ينصح الأطباء المريض بالتخفيف من الأعراض بممارسة الرياضة بشكل يومي ومنتظم، وأخذ قسط كاف من النوم والاستراحة، وإلهاء الدماغ عن مثل هذه الأصوات بسماع موسيقى مفضلة أو أغنية دون التركيز على الصوت الآخر.
وختم الباحثون دراستهم قائلين “على الرغم من عدم وجود علاج سريع أو حبوب سحرية للميسوفونيا، إلا أن استخدام العلاجات الصوتية والتعديلات السلوكية والعلاج المعرفي السلوكي يبدو واعدًا. وسيتمكن المزيد من البحث من إظهار فعالية طرق العلاج الأخرى، مثل التحفيز الكهربائي والمغناطيسي، في البحث عن إدارة الميسوفونيا”.

Top