الناخب الوطني وليد الركراكي يستعيد ذكريات خالدة للأسود في ملحمة المونديال القطري

اعتبر الناخب الوطني وليد الركراكي أنه من الضروري تحقيق الهدف المنشود للكرة المغربية والمتمثل في تتويج المنتخب الأول بلقب كأس أمم إفريقيا بكوت ديفوار مطلع عام 2024.

وجدد الركراكي (47 عاما) في حوار أجراه مع صحيفة “ليكيب” الرياضية الفرنسية، تأكيده أنه لن يتردد في ترك منصبه إذا لم ينجح أقله في بلوغ المربع الذهبي للبطولة القارية.

وأبرز أن إنجاز الفريق الوطني بالتأهل إلى دور نصف النهاية بكأس العالم الأخيرة في قطر، سيظل محفورا في ذاكرة الكرة المغربية، مشيرا إلى أن الاستقبال الملكي والشعبي بالرباط سيظل أهم ذكرى له بعد ملحمة المونديال.

وبعدما قلل من تأثير ضيق فترة التحضير للبطولة، اعترف الركراكي أن الأصعب بالنسبة له كان محاولة التواصل مع حكيم زياش لإقناعه بالعودة إلى المجموعة، لأنه لا يتصور مطلقا المغرب في كأس العالم دون زياش.

وكشف الركراكي الذي نجح في تجاوز مشكل التواصل بلغات متعددة، شحنه لاعبيه بضرورة تخطي دور المجموعات، نظرا إلى كوكبة النجوم المتواجدة باللائحة، والتي تضم لاعبين كبارا يمارسون بأكبر الأندية الأوروبية.

كما تطرق إلى عدة لحظات فارقة في ملحمة المونديال، أبرزها المواجهة الأولى ضد كرواتيا وإقصاء إسبانيا من دور الثمن والإطاحة ببرتغال كريستيانو رونالدو والهزيمة غير المستحقة ضد فرنسا، إضافة إلى لعنة الإصابات منذ بداية البطولة.

–       ما هي أول صورة تحتفظ بها من كأس العالم؟

  • العودة إلى الرباط واستقبال جلالة الملك محمد السادس والجمهور في المطار. تدرك حينها المشاعر التي صنعناها. كنا معزولين لمدة خمسة أسابيع وحتى لو تابعنا ما يحدث على شبكات التواصل الاجتماعي، فعليك أن تعيشها لتفهمها. الأمهات والجدات والصغيرات والصغار … آنذاك، تفهم أنك لمست حتى أشخاصا بعيدين عن كرة القدم، وأنك جعلت الشعب فخورا بك.

–       كيف هيأت للحدث وأنت لم تتسلم المنتخب المغربي إلا مطلع شهر غشت؟

  • لمدة أسبوعين، قمنا بتشريح جميع المباريات مع طاقمي لتحديد أسلوب اللعب. أقرر طريقة 4-1-4-1، وهو نظام لعبته في فريق الوداد البيضاوي ويبدو مناسبا لنا. ثم يجب أن أخبر اللاعبين بما أتوقعه منهم عندما أدخل في رؤوسهم. لقد أجريت مكالمات فيديو متعددة وسافرت أيضا وتحدثت إلى 40-45 لاعبا. أول من التقيت من اللاعبين هم العميد غانم سايس وأشرف حكيمي وياسين بونو حتى أعرف كيف يرون الأمور.

–       وماذا عن حكيم زياش؟

  • كان الجزء الأصعب هو التحدث معه بشكل مباشر، لأنه كان غاضبا من الوضع. كان لا يجيب على الهاتف. ولذلك لجأت إلى صديق مشترك. في البداية تحدثنا عبر تقنية الفيديو، ووضعنا أسس مشروع المشاركة بكأس العالم. الأولوية كانت الإجماع من طرفي وطرف اللاعبين على مسألة عودته للمنتخب. لم أتخيل المغرب في قطر دون أفضل لاعبيه. ولم يكن ذلك مسموحا إذا أرادنا الفوز.

–       ماذا كان محتوى خطابك في حواراتك مع اللاعبين؟

  • كان تخطي الدور الأول. لم أكن مطلقا لأقبل هذا التحدي دون هذا الطموح. كنت مقتنعا بذلك ولم يكن إيحاء ذاتيا، عندما ترى فريقا نموذجيا يضم حكيمي في باريس سان جرمان وزياش في تشيلسي وبونو في إشبيلية ونصير مزراوي في بايرن ميونيخ ونايف أكرد في وست هام وسايس في وول مبتون قبل الانتقال إلى بيشكتاش وسفيان أمرابط في فيورنتينا. قلت لهم: “لدينا فريق قادر على هزم أي خصم”. الهدف كان إقناعهم بذلك. وفي النهاية، أعتقد أنهم صدقوا ذلك أكثر من المعتاد.

–       إضافة إلى ذلك، عدد كبير من اللاعبين لا يتكلمون نفس اللغة، البعض قادم من بلجيكا والمغرب وفرنسا وهولندا، كيف تعاملت مع هذا الأمر؟

  • أتكلم الإسبانية والفرنسية والإنجليزية، وإن لم تكن مثالية. التنظيم كان واضحا: جميع الاجتماعات والمحادثات كانت باللغة العربية. إنها هويتنا ونضع شخصا يتحدث لغة أخرى بجانب أولئك الذين لا يفهمون. على سبيل المثال، ترجم رومان سايس للمتحدثين باللغة الإنجليزية. وسيتم قريبا إضافة جيل من إيطاليا.

–       ما الذي أصررت عليه في حديثك قبل مواجهة كرواتيا؟

  • كانت الفكرة هي رؤية هذه المباراة على أنها بطولة مصغرة. كانت هناك فترتان خلال هذه المسابقة، لذا في أسوأ الحالات، توجب علينا ألا نخسرها وأن نبقى على قيد الحياة. ثم مع توالي مباريات البطولة، بات كل شيء ممكنا. أصعب شيء عشناه كان دور المجموعات. التعادل ضد كرواتيا (0-0) طمأننا وجعلني واثقا من أنه سيكون صعبا التغلب علينا. والفوز على بلجيكا (2-0) هو الذي حررنا. هنا أصبحنا على يقين تام. وضد كندا (2-1) كنا نسعى وراء المركز الأول، حتى أننا أشركنا حكيمي الذي كان يعاني من حمل عضلي بسيط.

–       لماذا كل هذه المخاطرة؟

  • قلت لهم إن علينا أن نصنع التاريخ. فوزان في مرحلة المجموعات في أسبوع واحد، يعادل جميع انتصارات المغرب في خمس مشاركات.

–       وها أنت في دور الثمن ضد إسبانيا منتخب البطولة الأكثر مشاهدة في المغرب!

  • إنه أفضل فريق لعبنا أمامه على الإطلاق. إذا لم نخرجهم، فيمكنهم المضي قدما. ربما كانوا يفتقرون إلى المهاجم، لكن لديهم يقين في أسلوب لعبهم الذي لا تمتلكه الدول الأخرى. للاستعداد للمباراة كان الأمر سهلا جدا، خاصة أن الصحافة تحدثت أنهم (الإسبان) خسروا عمدا أمام اليابان حتى يواجهوا المغرب في ثمن النهاية. كان ذلك هبة من السماء. كانت الرسالة في الأساس: “إنهم لا يحترمونك” (يضحك). بالإضافة الى ذلك، لدينا عدة لاعبين يمارسون في إسبانيا. وبالمناسبة، فقد حطم كل من عز الدين أوناحي وأمرابط ويوسف النصيري أرقامهم في الركض داخل الميدان.

–       جعلتم كريستيانو رونالدو يبكي في دور ربع النهاية ضد البرتغال بهدف النصيري؟

  • بالنسبة للشباب، كان أمرا رائعا اللعب ضده. عندما عادوا إلى غرفة خلع الملابس، أرادوا قميصه، وأيضا مواساته. كان أمرا جميلا. وبصراحة، كان اللاعبون بعد مواجهة البرتغال يقولون: “سنفوز بهذه الكأس”. لهذا السبب قلت بثقة إننا لسنا متعبين، وأن اللاعبين مصممون.

–       تضاءل فريقك إلى حد كبير، أليس كذلك؟

  • منذ البداية، لعب سليم بالتواء في الركبة. حكيمي بدأ المباراة بتمدد عضلي، وأصيب مزراوي في ضلوعه في المباراة الأولى قبل أن يصاب بالأنفلونزا كأكرد. في نصف النهائي، كنا في نهاية النهاية، وقدمنا أقصى ما لدينا . لأننا بدأنا من بعيد. وقبل المسابقة، لم يلعب سفيان بوفال لمدة شهر. النصيري لم يشارك مع ناديه، ونفس الحال لزياش. أصيب أكرد شهرين، كان أملاح يتدرب مع فريق أقل من 23 عاما بستاندار دولييج.

–       هل أنت نادم على اللعب بخمسة مدافعين أمام فرنسا في نصف النهاية؟

  • لا، لأننا كنا نرغب في إغلاق الممرات على كيليان مبابي وعثمان ديمبلي. وبما أننا كنا متعبين، فمن خلال اللعب بثلاثة مدافعين، كانت مسافة الركض أقل. كان لدينا مفاجأة لطيفة لرؤية أكرد وسايس جاهزين. ولكن بعد الإحماء مباشرة، وعند دخول غرفة تغيير الملابس، شعر أكرد بألم. كان لدى أشرف داري دقيقة واحدة لدخول المباراة وهذا دفع جواد اليميق الذي عمل على اليمين أثناء التحضير، يلعب على اليسار. تلقينا الهدف الأول في هذه الجهة. الأمر هكذا، ولكن بعد ذلك، لم نستطع التسجيل في الوقت المتبقي.

–       هل كنت تعتقد أنك ستضع الفرنسيين في مثل هذه الصعوبة؟

  • بصراحة لا. في الشوط الأول، أخبرت لاعبي فريقي أنهم أسوأ فريق منذ بداية مباريات خروج المغلوب. حذاري، أنا أتحدث عن هذه المباراة، بالطبع، ليس عن فرنسا بشكل عام، والتي تظل فريقا كبيرا. ولهذا شعرنا ببعض الندم في النهاية. لست ساذجا. فالمستوى عال جدا جدا. تعتقد دائما أنك لست بعيدا، لكنك في الواقع بعيد. كانت الخطوة عالية بعض الشيء بالنسبة لنا. ثم في مباراة المركز الثالث ضد كرواتيا مع يوم تعاف أقل، وعدد أقل من اللاعبين، كان الأمر معقدا. لكن أفضل انتصار كان هو الحياة ضمن هاته المجموعة. لقد خضت مسابقات حيث يوجد دائما شخص واحد سيأخذ زمام المبادرة من شخص آخر. هنا، كنا مثل الإخوة. غادرنا مؤخرا يوم الثلاثاء، ولم تكن هناك فوضى منذ خمسة أسابيع. كانت فترة رائعة. كدعم أنصارنا أو المشجعين من قارتنا.

–       بعض اللاعبين أكدوا أنك لم تتردد في التعبير عن رغبتك في الفوز بكأس العالم؟

  • نعم هذا صحيح. عندما ذهبنا إلى قطر لرؤية الملعبين اللذين كنا سنلعب فيهما، طلبت من السيدة المسؤولة مرافقتنا لمشاهدة ملعب المباراة النهائية. قلت لها: “لأننا سنكون في النهائي”. ضحكت وأجابتني أن فرنسا وإنجلترا وألمانيا -على ما تعتقد- حاضرة. صليت أنا ومساعدي في الملعب وصورنا ذلك بالفيديو لإظهاره للاعبين. لم نكن بعيدين! (يضحك). أخبرتهم أن البرازيل فقط هي القادرة على التغلب علينا، لإثارة غضبهم قليلا. وعندما أقصيت البرازيل، حذرتهم: “الفريق الذي يمكن أن يهزمنا قد خرج، أنتم بخير” (يضحك). لأنه، في الواقع، جئنا للفوز واللاعبون اندمجوا في اللعبة. ولهذا السبب عندما خسرنا أمام فرنسا، كانوا حزينين للغاية. إنها تشبه إلى حد ما إشبيلية المغرب. والتواجد الأول في نصف النهائي، سيظل محفورا في الذاكرة إلى الأبد.

–       كيف ترى مستقبل أسود الأطلس اليوم؟

  • هدفنا هو الفوز بكأس أمم إفريقيا في كوت ديفوار. علينا أن نضع أهدافا عالية. كنا فريقا نرضى بسرعة كبيرة عن بلوغ دور ثمن النهاية.

–       لهذا قلت إنك لن تستمر في مهمتك إذا لم تصل إلى دور نصف النهائي؟

  • علينا حصد النتائج. جئت لتحقيق الانتصارات، وإلا فلأترك مكاني لشخص آخر. علي أن أكون قدوة للآخرين. والمدرب الجديد سيرى أن سقف التطلعات عال جدا. وعلينا أن نزرع جينات الفوز في هذا الفريق.

ترجمة: صلاح الدين برباش

Related posts

Top