الناقد السينمائي محمد بكريم في حوار مع : ” بيان اليوم”

صدر، مؤخرا، كتاب جديد للناقد السينمائي محمد بكريم، تحت عنوان “السينما المغربية: الرؤية والخطاب.. تيمات، مؤلفين، اتجاهات”، عن منشورات الجامعة الوطنية للأندية السينمائية.
وقال محمد بكريم في حوار مع بيان اليوم، إن الكتاب يحاول أن يبرز الحيوية التي يعرفها المشهد السينمائي المغربي على مستوى الإنتاج وتطور البنية المؤسساتية وعلى مستوى الخطاب المرافق، مؤكدا حرصه منذ الإصدار الأول “الرغبة الدائمة” (2006) على المساهمة كتابة في تطوير النقاش الوطني حول السينما. فيما يلي تفاصيل الحوار:

1) هل من تقديم تعريفي لهذا الإصدار الجديد؟
> يأتي كتاب ” السينما المغربية: الرؤية والخطاب” في سياق خاص وسياق عام. السياق العام هو الحيوية التي يعرفها المشهد السينمائي المغربي (بما لها وما عليها) على مستوى الإنتاج وتطور البنية المؤسساتية وعلى مستوى الخطاب المرافق. وسياق خاص يتجلى في كون الكتاب استمرار لتوجه حرصت عليه منذ الإصدار الأول “الرغبة الدائمة” (2006) بمعنى كلما توفر متن متكامل من النصوص (مقالات نقدية، مداخلات، بحوث..) أقوم بنشرها في كتابـ لتكون رهن إشارة من لم يطلع عليها.
وشجعني على ذلك الصدى الطيب الذي صادف التجربة (ثلاث كتب من أصل خمسة نفذت من السوق). ويشكل هذا الإصدار الجديد الحلقة السادسة في هذه السلسلة إن صح التعبير (خمسة كتب صدرت من قبل).


وقد كانت المادة هذه المرة غزيرة ومتوفرة وكان الكتاب موجودا منذ سنوات ولكن تعذر إصداره، إذ تزامن مع مرحلة “كوفيد” وبعد الجائحة تغيرت الشروط المادية للنشر فتأخر صدور الكتاب بل تركته جانبا وشرعت في إعداد كتاب جديد حول الفيلم الوثائقي (سيصدر إن شاء الله خلال الدخول الثقافي القادم).
وكما نقول مغربيا رب تأخير فيه خير. إذ صدر الكتاب اليوم ضمن منشورات الجامعة الوطنية للأندية السينمائية مما أسعدني كثيرا لأنني أعتبر نفسي والكثير من أبناء جيلي (وبعده) خريجي هذه المدرسة النبيلة والمعطاءة.
وبهذه المناسبة أشكر رفيقاتي ورفاقي أعضاء المكتب الجامعي لجواسم وأحيي صمودهم وحرصهم على استمرارية هذا المكسب الثقافي الوطني.

2) ماذا عن محتويات الكتاب؟
> صدر الكتاب في 280 صفحة من الحجم الكبير بغلاف بالألوان. بثمن 60 درهما للعموم (مائة درهم للمؤسسات والدعم) ويمكن اقتناء نسخ عبر الاتصال برئيس الجامعة الوطنية للأندية السينمائية أو عن طريق المكتبي المعروف بعشقه للسينما الأستاذ حسن بنعدادة، وسيتم لاحقا نشر لائحة المكتبات لفائدة القراء.
وفهرسه يتضمن خمسة أقسام منها افتتاحية طويلة حول السينما في شرط تاريخي يتسم بتعدد الشاشات وتنوع مصادر الصور، وقسم يتضمن تيمات تبدو لي بصمت السينما المغربية من قبيل سينما المؤلف، سينما المرأة، وظيفة النقد السينمائي، سينما والذاكرة الجمعية، ثم قسم خاص بمجموعة من المؤلفين من سيهيل بنبركة إلى هشام العسري مرورا بعبد القادر لقطع، جيلالي فرحاتي… حكيم بلعباس، فوزي بنسعيدي، تالا حديد، ثم قسم رئيسي حول قراءة الأفلام (حوالي عشرين فيلما)، بشكل منفتح على مختلف الأجناس والتيارات حيث ستجد كمال لزرق وسعيد الناصري ومارتن سكورسيزي، ثم قسم آخر حول أهم الاتجاهات المميزة للسينما المغربية يبدأ بسؤال “بلاغي” حول هل هناك سينما مغربية. ثم مشهد الاختتام حول فقيد النقد السينمائي والمشهد السينمائي المغربي الراحل نورالدين الصايل.

3) هل هناك خيط رابط بين هذا التنوع في المحتوى؟
> الخيط الرابط هو السينما طبعا، ولكن السينما في زمن التحول، انطلاقا من توجه معرفي مفاده الشعار الذي ألخص به الكتاب: “مساءلة الرؤية والتفكير في الخطاب”. إن الخطاب السينمائي لا يأتي من فراغ، كل فيلم إلا وتخترقه توترات قادمة من رؤية المخرج وبنية الإنتاج والبيئة الثقافية التي شهدت إنتاجه، والحاصل أننا اليوم في وضع يسائل المقاربات التقليدية للسينما، والكتاب يبدأ بنبرة نوعا ما متشائمة في نص عنوانه مثير “وداعا للسينما” حيث يتم التساؤل حول ما الجدوى أن تكتب اليوم حول السينما؟ أي معنى لعملية إنتاج نص من 2000 كلمة حول فيلم أو ظاهرة سينمائية في زمن ينصب فيه الاهتمام حول عدد النقرات؟
كان هناك مثلث ذهبي منسجم ومتكامل مكون من الجمهور + القاعة + النقد. مع بداية الألفية الجديدة انتهى هذا المثلث أمام سيادة الردود الفورية والمباشرة عبر الوسائط الجديدة، أضف إلى ذلك أن الابداع السينمائي بنفسه أصبح حبيس منظومة صناعة الفرجة العالمية، مما يطرح تحديات كبيرة على السينمات القادمة من الهامش وعلى منتجي الخطاب حول هذه السينما، الكتابة إذن نوع من المقاومة الثقافية التي لا تخلو من المتعة: متعة أن تقتسم أحاسيسك واجتهاداتك مع أوسع عدد ممكن، الخيط الرابط يبقى بشكل ما سياسي ثقافي تربوي.

Top