بدأت تظهر خلال المدة الأخيرة إعلانات لم نعهدها في وسطنا الفني والثقافي، يتعلق الأمر بقيام بعض الفنانين على الخصوص باشتراط دفع قدر مالي لمن يرغب في التحدث معهم باعتبارهم نجوما، وتتم الإشارة إلى أن القدر المالي يرتفع بارتفاع عدد الدقائق التي سيتفرغون فيها للتحدث مع من يطلبهم.
عند الاطلاع على أسماء هؤلاء الذين يعتبرون أنفسهم نجوما، لا بد أن يستولي عليك الاستغراب، ما الذي جعلهم يتجرؤون على تقديم عروض من هذا القبيل؟ ثم ماذا سيضيفه شخص تخصصه يقف عند حدود التشخيص أو الغناء؟ من الملاحظ أن أغلب أصحاب هذه العروض غير المألوفة في ساحتنا الثقافية على الأقل، هم مطربون وممثلون. لم نجد بينهم مثلا فيلسوفا أو أديبا أو أي أحد آخر من هذا القبيل، مع أن هؤلاء هم أجدر بتقديم الإفادة لمن يطلب التحدث إليهم ومقابلتهم.
الميدان الحقيقي لأولئك الفنانين الذين صدقوا أنهم فعلا نجوم، هو خشبة المسرح وبلاطو تصوير الأفلام السينمائية والمسلسلات الدرامية التلفزيونية، خارج هذا الميدان، لن يضيفوا أي شيء إلى رصيدنا المعرفي، فلماذا إذن سيتكلف الواحد منا بدفع مبالغ مالية لأجل التحدث معهم؟
طبعا، من حقهم أن يشترطوا على بعض المحطات الإعلامية، الحصول على تعويضات مالية مقابل إجراء مقابلة صحافية معهم، أخذا بعين الاعتبار أن هذه المحطات، سواء كانت إذاعات أو قنوات تلفزيونية أو أي شيء آخر من هذا القبيل، هي الأخرى تستفيد من مقابلة الفنانين، من خلال رفع وتيرة مداخيل الإشهار. ونحن هنا نتحدث عن الفنانين المشاهير الذين يعدون بحق نجوما، وليس كما هو الشأن بالنسبة لأغلب الذين اطلعنا على إعلاناتهم التي يشترطون فيها دفع مبالغ مالية على كل من يحلم التحدث معهم. لكل حصة زمنية ثمن، وكلما ارتفعت مدة الحصة الزمنية ارتفع الثمن.
سبحان مبدل الأحوال، لقد أحيانا الله حتى صرنا نرى الفنان المغربي الذي كان يقضي سحابة يومه بالمقهى في انتظار من يعرض عليه المشاركة في فيلم أو مسرحية، يشترط على من يريد التحدث معه، دفع قدر معين من المال.
لقد قوبل هذا النوع من العروض بالاستخفاف من طرف العديد من المتتبيعن، لقد بدا الأمر شبيها بالوقاحة، خصوصا عند الاطلاع على الرصيد الفني لأغلب هؤلاء الذين يدعون أنهم نجوما وأن نجوميتهم تسمح لهم بفرض ثمن محدد لمجرد التحدث معهم.
لا شك أن ذلك من مخلفات الجائحة التي لم تصب فقط أجسامنا، بل أثرت كذلك على سلوكنا ومعاملاتنا في ما بيننا، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
عبد العالي بركات