أكدت ثلاث منتخبات مسؤولات بمكاتب المجالس الجهوية لثلاث جهات من الجهات الإثنى عشر للمغرب، في الندوة التفاعلية الافتراضية التي نظمها حزب التقدم والاشتراكية ومنتدى المناصفة والمساواة حول موضوع من أجل تنمية ترابية دامجة للنوع “، على أن مسألة اعتماد مقاربة النوع في صياغة وإعداد المخططات التنموية على المستوى الترابي حسمت فيها مختلف القوانين التنظيمية المنظمة للمجالس الترابية بمستوياتها الثلاث، أي مجالس الجهات ومجالس العمالات والأقاليم، واعتبرن أنه رغم حدوث نوع من الخلل ممثلا في غياب التنسيق بين الجماعات الترابية في مستوياتها الثلاث في إعداد مخططاتها ارتبط ببعض التأخر في إخراج المراسيم التطبيقية لهذه القوانين في بداية المرحلة الانتدابية الحالية والتي تشرف على نهايتها، فالأمر يتعلق بمرحلة انتقالية في بناء نظام الجهوية بالمغرب،
وأكدت نادية التهامي، عضوة المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، وعضوة المكتب التنفيذي لمنتدى المناصفة والمساواة، نائبة رئيس مجلس جهة الرباط سلا القنيطرة مكلفة بالتنمية الاجتماعية، خلال هذا اللقاء الذي قام بتسييره عزوز الصنهاجي عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، على” أن القوانين التنظيمية الخاصة بمجالس الجهات و مجالس العمالات والأقاليم و الجماعات، جميعها تنص على اعتماد مقاربة النوع التي تهم مختلف شرائح وفئات المجتمع فهي ليست محصورة على النساء بل هي تهم النساء والرجال، الأطفال والفتيات والفتيان والشباب من الجنسين .
وأوضحت أن الأمر يتعلق باستحضار مقاربة النوع الاجتماعي في مختلف مستويات التخطيط والبرمجة، بحيث لايمكن برمجة أي مشروع سواء تعلق الأمر بالمجالس الجهوية أو مجالس المالات والأقاليم أو الجماعات الترابية دون استهداف كل نوع اجتماعي،من حيث تطلعاته، انتظاراته ومشاكله وفي جميع الميادين سواء تعلق الأمر بالتعليم أو الصحة أو الولوج للفضاء العمومي و التشغيل، وغير ذلك، مما يعني يعني استفادة جميع شرائح المجتمع والنوع الاجتماعي من نساء ورجال وأطفال وفتيات وفتيان وشبان مع تشخيص حاجياتها التي تختلف حسب كل فئة”.
ونبهت أن القوانين التنظيمية للجماعات الترابية نصت على إحداث هيئة المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع، وذلك بشراكة مع المجتمع المدني، والتي هي بمثابة آلية من آليات الديمقراطية التشاركية التي تختص بمختلف القضايا المرتبطة بتفعيل مقاربة النوع، سواء تعلق الأمر بميزانية الجماعة الترابية أو برنامج التنمية الجهوية بالنسبة لمجالس أو في برامج العمالات والأقاليم للنهوض بالتنمية الاجتماعية خصوصا في العالم القروي، أو برنامج العمل الجماعي بالنسبة لمجالس الجماعات.
وأوضحت بالنسبة لمفهوم النوع الاجتماعي، على أنه يتعلق بالمرأة والرجل إلا أنه استخدم واستعمل لدراسة وضع المرأة بشكل خاص أو كمدخل لموضوع المرأة في التنمية، مشيرة غلى الصيرورة التي شهدتها تطور هذا المفهوم والذي تحول من أداة للتحليل إلى أداة معيارية يمكن عن طريقها قياس مدى نجاعة المشاريع التنموية وأهدافها ومدخلاتها ومخرجاتها في تحقيق النفع لكل من الفئات الاجتماعية خاصة رجل وامرأة، أي مراقبة مدى تحقيق العدالة الاجتماعية في تقاسم المنافع.
ونبهت إلى معطى بات يشهده الواقع العملي، وهو أن اللجوء إلى اعتماد مقاربة النوع يتم حينما يكون المشروع ممول من طرف شركاء دوليين، الذين يلزمون الفاعل العمومي على الأخذ بعين الاعتبار مقاربة النوع، وذلك حتى يتم تجاوز نوع من الممانعة وعدم الاهتمام بهذا الجانب الذي يطبع عمل بعض الفرقاء السياسيين، ودراسة الجدوى ووقعها بصفة عامة، وفق نادية التهامي.
ولفتت في هذا الصدد غلى أن حزب التقدم والاشتراكية ومنتدى المناصفة والمساواة، طالبا دائما بالتملك الجدي وبضرورة إدماج والإعمال الحقيقي لمقاربة النوع من طرف الفاعلين الترابيين وفي جميع البرامج التي تهم المجال الترابي، على أساس أن بعد النوع الاجتماعي سيسمح بإدماج انشغالات النساء والفتيات والشباب والرجال عند بلورة البرامج الترابية وذلك للاستفادة مما تطرحه بالتساوي بين كل الفئات .
وكلاهما يؤكدان من هذا المنطلق على أن برامج التنمية الترابية تكرس دور الجماعات الترابية ضمن المنظومة المؤسساتية للبلاد، وقد شددا في بلاغ مشترك بمناسبة اليوم العالمي للمرأة هذه السنة، على وضع سياسات عمومية على أساس مقاربة النوع الاجتماعي من أجل الرفع من معدل انخراط المرأة في سوق الشغل، مع الإقرار العملي للمساواة ولحقوق النساء.
ومن جانبها، أكدت آسية بوزكري، مستشارة بمجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة ومنسقة المرأة التجمعية بمدينة تطوان، على أن “الإطار التشريعي لإدماج مقاربة النوع في السياسات الجهوية والترابية بصفة عامة عرف تحولا عميقا على مستوى البرمجة والتخطيط وكذلك بالنسبة لتحديد الفئات والشرائح الاجتماعية المعنية بصيرورة البناء التنموي للجهات، بما في ذلك الأخذ بعين الاعتبار مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص والنوع الاجتماعي”.
وأضافت أن هذا القانون التنظيمي للجهات اشترط إدماج النوع الاجتماعي أثناء عمليات البرمجة والتخطيط وكذلك أثناء تحديد الأهداف والمؤشرات، كما نص على إحداث الهيئة الاستشارية بشراكة مع المجتمع المدني، والتي جعل مجال اختصاصها يتمحور حول دراسة القضايا الجهوية المتعلقة بتفعيل مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع الاجتماع، والتي هي هيئة سعى عبرها المشرع إلى تجويد القرار السياسي في هذا المجال عبر آلية الديمقراطية التشاركية، وفق ما تضمنه هذا القانون”تشير المستشارة.
وأفادت أن إدراج مقاربة النوع في التنمية، جاء من أجل القضاء على التفاوتات المسجلة والتنمية بسرعات مختلفة فيما بين الجهات بل التي توجد حتى داخل الجهة الواحدة، حيث رصدت تفاوتات بين الأقاليم والمدن والجماعات، والذي أظهرته نتائج التشخيص على مستوى الجهات، حيث كان من الضروري حسب المتحدثة، “البحث عن آلية للوصول إلى تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال إشراك الجميع وعدم ترك أي أحد على قارعة الطريق”.
وبالنسبة للعمل الذي قام به مجلس طنجة تطوان الحسيمة على هذا المستوى، والذي سجل، وفق قول آسية برزكري، “خلال السنوات الأخيرة نموا غير مسبوق سواء على مستوى البنية التحتية أو على مستوى الاستثمار و التمدن والتطور الاقتصادي، هذا رغم أن التفاوتات بين الفئات المجتمعية لازالت موجودة بشكل ملحوظ سواء في مجال التعليم، الصحة و الولوج لسوق الشغل، حيث العديد من الفئات المستبعدة اجتماعيا لازالت لاتستفيد من الفرص التي يوفرها السياق الجهوي وهذا ما يعيق التنمية”.
وكشفت المستشارة، أن هذا الواقع كان من بين الدوافع التي دعت مجلس الجهة إلى إعداد استراتيجية جهوية لإدماج مقاربة النوع في التنمية، والوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع، في محاولة للتقليص من كل ما يضخم من المشاكل الاجتماعية وعلى كل ما يزيد من منسوب الهشاشة والفقر و الحرمان الاجتماعي.
وأبرزت أن المجلس بالنظر للاختصاصات الذاتية المحصورة للجماعات تم اللجوء لعقد شراكات للاشتغال على موضوع التعليم والصحة، كما تم إحداث لجنة للتتبع والتقييم تقوم برصد مدى التقدم المحقق على مستوى تنفيذ المشاريع، ومدى مساهمتها في التأثير بشكل إيجابي على الفئات المستهدفة، منبهة إلى أن الجهة لا تتوفر على مؤشرات للقياس بهذا الخصوص، ولكن هناك تقييم وإحصائيات تقوم بها المديريات الجهوية كالأكاديمية الجهوية للتربية والتعليم والصحة كل في مجاله.
وخلصت المتحدثة إلى اعتبار أن أي نقص على مستوى اعتماد مقاربة النوع يرتبط بكون المرحلة الحالية شكلت مرحلة البناء للجهات وهي مرحلة انتقالية في إطار تنزيل قوانين تنظيمية جديدة وأن العنصر الذي ينبغي التركيز عليه في المرحلة القادمة هي الحكامة، وعلى المجالس المنتخبة أن تلعب دورها وتعمل على اعتماد نهج التكامل بين المخططات في مستوياتها الثلاث، أي على مستوى مجلس الجهة والإقليم والعمالة والجماعة الترابية .
ومن جانبها حرصت بديعة بناني، رئيسة مقطعة أكدال الرياض بالرباط، وهي منتخبة باسم حزب العدالة والتنمية، على إبراز الدور الذي يلعبه المنتخبون خاصة حينما يمتلكون من الكفاءات العالية لاقتراح مشاريع رائدة تعتمد في بنائها على مقاربة النوع، هذا رغم الإكراهات الموجودة والتي ترتبط في هذه الحالة بالمقاطعة كوحدة إدارية تابعة للجماعة، حيث أن المشرع فرض عليها بعض القيود، فهي وحدات لا تعد وحدة ترابية ولا تتمتع حتى بالشخصية الاعتبارية وليست لها ميزانية بل تعتمد اعتمادا خالصا على الجماعة التي ترصد لها مخصص إجمالي بعد اقتطاع 10 في المائة من ميزانية الجماعة.
وأبرزت أن مركز القوة التي تستند عليه المقاطعات هو كونها قوة اقتراحية، حيث يمكن لها أن تقدم بعض البرامج والمشاريع لمجلس الجماعة، كما يمكن لها أن تنزل بعض المشاريع الدامجة للنوع في إطار إدماج مقاربة النوع في سياستها في إطار اختصاصها الذي يهم القرب بصفة عامة.
وقالت بديعة بناني “إن مقاطعة أكدال الرياض تتميز بمستوى سوسيو اقتصادي عال جدا وأنه بغض النظر عن التشخيص الترابي و الإكراهات القانونية التي ترتبط بكونه المقاطعة ليست وحدة ترابية، لكن لها مميزات لعل أولها كونها مجال حضاري في مستوى اقتصادي عالي كما تتميز بتواجد قطب جامعي كبير على مستوى ما يعرف بمدينة العرفان وكذا حي أكدال، فضلا عن تواجد مستشفيات جامعية عمومية وقطاعات وزارية مركزية أو فروعها، وهذا الثراء تم استثماره باقتراح جعل المقاطعة نشكل قاطرة للتحول في مدينة الرباط نحو المدن الذكية “.
وكرئيسة للمقاطعة نفت بديعة بناني، حدوث أي تصادم مع العقلية الذكورية طيلة مشوارها الذي لازال مستمرا إلى غاية اليوم،قائلة ” لم أواجه قط العقلية وأنا على رأس تدبير شؤون المقاطعة، سواء من الفرقاء السياسيين أو داخل الحزب الذي أنتمي إليه، ورطبت هذا الأمر بنوعية مقاطعة أكدال الخاصة جدا، حيث تتميز بمستوى للوعي عال جدا، إذ أنه مثلا بالنسبة لتركيبة المجلس الذي يضم 36 عضو كلهم من الأطر العليا سواء الذين ينتمون للأغلبية المسيرة أو المعارضة، هذا مع بعض الاستثناءات، تقر المتحدثة.
< فنن العفاني