اختتمت، أمس الجمعة بالدار البيضاء، أشغال ندوة دولية نظمتها رئاسة النيابة العامة حول موضوع “آليات حماية الأسواق الاقتصادية والصفقات العمومية من الممارسات المنافية لقواعد المنافسة”، وذلك بتعاون مع وزارتي التجارة والعدل الأمريكيتين.
وجاءت هذه الندوة، المندرجة في إطار برنامج تطوير القانون التجاري التابع لوزارة التجارة الأمريكية، ضمن المبادرات التي تنخرط فيها رئاسة النيابة العامة للمملكة إسهاما منها في حماية الأسواق الاقتصادية، والحفاظ على روح المنافسة الحرة في ظل المخاطر القانونية والواقعية التي تعترض المقاولة من قبيل الممارسات المنافية لقواعد المنافسة.
فقد قدمت الندوة، بصفة عامة، أفضل الممارسات في الكشف عن الممارسات المنافية لقواعد المنافسة في الأسواق الاقتصادية والصفقات العمومية وفرض العقوبات المناسبة، والتحقيق في الممارسات والاتفاقات الأخرى التي تعيق المنافسة ومعاقبة مرتكبيها؛ وتوفير الدعم التقني اللازم لقضاة النيابة العامة وباقي القطاعات العمومية من أجل تنزيل فعال لقوانين المنافسة؛ بالإضافة إلى تشجيع التعاون وتبادل المعلومات بين المسؤولين المكلفين بإنفاذ قوانين المنافسة والطلبيات العمومية في المغرب من أجل رصد الممارسات المنافية لقواعد المنافسة في مجال الصفقات العمومية والحد منها.
وكانت أمينة أفروخي رئيسة قطب النيابة العامة المتخصصة والتعاون القضائي برئاسة النيابة العامة، قد افتتحت هذه الندوة، أول أمس الخميس، بكلمة اعتبرت فيها أن هذه المبادرة ترمي إلى تعزيز قدرات قضاة النيابة العامة المعنيين بالمجال، وذلك إسهاما في تحقيق أهم رهانات الأنظمة القضائية الدولية والمتمثلة أساسا في توفير الاستقرار والأمن القانوني والقضائي للمستثمر.
ومن منطلق الوعي بأهمية الحفاظ على روح المنافسة الحرة وحماية الأسواق الاقتصادية، ذكرت أفروخي، بالدورية الصادرة في 24 يناير الماضي لتفعيل دور النيابة العامة في حماية النظام العام الاقتصادي، وكذا بالتوجيهات الصادرة لحث قضاة النيابة على استحضار أثر المنازعات التجارية على الأمن الاقتصادي والاجتماعي بمناسبة إعمال سلطة الملاءمة المخولة لهم عند تفعيل النصوص القانونية المرتبطة بمنظومة المال والأعمال.
وشددت على الدور المحوري الذي تضطلع به النيابة العامة في محاربة وردع الممارسات المنافية لقواعد المنافسة، مما يحتم، كما قالت، على قضاة النيابة العامة توسيع معارفهم وخبرتهم ليتسنى استيعاب المفاهيم ذات الصبغة التقنية والاقتصادية المحيطة بالموضوع، معتبرة أن الاطلاع على تجربة الولايات المتحدة الأمريكية في هذه المجالات يعد فرصة مهمة بالنظر لريادة هذا البلد على الصعيد الدولي.
ومن جانبها، أبرزت أبريل كوهين المستشارة الاقتصادية بالسفارة الأمريكية بالرباط، أن المغرب في طريقه إلى تعزيز مكانته كبوابة للمنطقة الأفريقية، بالنظر إلى قدرته على جذب الاستثمارات، وعلى تطوير المبادلات التجارة مع الولايات المتحدة وأوروبا.
ولتحقيق هذه الغاية، أكدت على الأهمية الكبيرة التي تكتسيها اتفاقية التبادل الحر المغربية الأمريكية، باعتبارها الاتفاقية الوحيدة من نوعها بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية على مستوى القارة الأفريقية، فضلا عن أهميتها المتزايدة بالنسبة للمملكة المغربية.
وفي معرض تطرقها لهذه الورشة، قالت كوهين إن الأمر يتعلق بورشة تقع على مفترق طرق بين أولويتين مهمتين بالنسبة للمغرب، وهما مكافحة الممارسات المنافية للمنافسة وتعزيز النظام القضائي، مضيفة أن الحكومة المغربية واعية بأهمية المنافسة في مختلف القطاعات الاقتصادية التي حققت تقدما ملحوظا خلال العامين الماضيين في هذا المجال.
بالإضافة إلى ذلك، أشارت المستشارة الاقتصادية، إلى أن الأفكار المستجدة حول النموذج التنموي المغربي الجديد تقدم سلسلة من المقترحات التي من شأنها المساهمة في انفتاح المزيد من القطاعات الاقتصادية على المنافسة. وقالت إن الإجراءات المعتمدة بالأسواق المغربية ستستفيد من نفس الإصلاحات التي قد تجعل منها محركا للمنافسة، بدلا من أن تكون عائقا لها.
وساهم في تأطير هذه الندوة، المستشاران الخبيران، ستيفاني راني، محامية محاكمة، شعبة مكافحة الاحتكار، وزارة العدل الأمريكية، وجوناثان أ. كلو، محامي محاكمة، قسم مكافحة الاحتكار، وزارة العدل الأمريكية، إضافة إلى مسؤولي الحكومة الأمريكية، آدم الصراف، مستشار قانوني، برنامج تطوير القانون التجاري، وإدي دور، أخصائي في مجال البرامج الدولية، برنامج تطوير القانون التجاري، ومن المغرب، محمد أخليفا، رئاسة النيابة العامة، التهامي أولباشا، رئيس اللجنة الوطنية للطلبيات العمومية، توفيق قب، خازن عمالة الدار البيضاء المركز الغربي، وممثل مجلس المنافسة.
< حسن عربي