بعد أكثر من 50 عاما على تأسيسه، انتقل حزب “الجبهة الوطنية” اليميني المتطرف، الذي اتخذ اسم “التجمع الوطني” في عام 2018، من التهميش إلى تطبيع صورته في صناديق الاقتراع، في عام 2024 الحزب الأول في فرنسا، حيث حقق حزب “التجمع الوطني” المنتمي لليمين المتطرف بزعامة مارين لوبان، مكاسب تاريخية، وفاز بالجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية الفرنسية، لكن النتيجة النهائية ستعتمد على تحالفات الأيام التي تسبق الجولة الثانية الأسبوع المقبل.
فبعد 20 يوما على حل “الجمعية الوطنية”، في 9 يونيو الماضي، وصل “التجمع الوطني” إلى أبواب السلطة، بحصوله على نحو 34 في المئة من الأصوات في الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية المبكرة.
ووفقا للنتائج الرسمية التي أعلنتها وزارة الداخلية، أول أمس الاثنين، فحزب “التجمع الوطني” المنتمي لليمين المتطرف وحلفاؤه حصل على 33 في المئة من الأصوات في الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية. وجاء تحالف الجبهة الشعبية الجديدة في المركز الثاني بحصوله على 28 في المئة. وذكرت الوزارة أن تحالف الوسط الذي ينتمي له الرئيس إيمانويل ماكرون حصل على 20 في المئة.
رجوعا لسنة 1972، حيث أنشأت مجموعات قومية حزب “الجبهة الوطنية من أجل وحدة الفرنسيين”. وبعد حصول الحزب على أقل من واحد في المئة من الأصوات في الانتخابات الرئاسية عام 1974، اختار رئيسه جان ماري لوبان مكافحة الهجرة كأولوية.
وفي سنة 1983، حققت “الجبهة الوطنية” أول اختراق انتخابي بحصولها على 16.7 في المئة من الأصوات خلال الجولة الأولى من الانتخابات البلدية، وبعد 3 سنوات، أدى الاقتراع النسبي إلى وصول 35 نائبا من “الجبهة الوطنية” إلى “الجمعية الوطنية” الفرنسية.
وبعد تسلم مارين لوبان رئاسة الحزب في يناير 2011 معتمدة استراتيجية “تطبيع” عبر تسليط الضوء على القضايا الاجتماعية، حصلت على 17.9 في المئة من الأصوات في الانتخابات الرئاسية عام 2012. وبعد فوزه في 11 مجلسا بلديا في عام 2014، حقق حزب “الجبهة الوطنية” فوزا تاريخيا في الانتخابات الأوروبية، بحصوله على 25 في المئة من الأصوات، متقدما على الحزب اليميني الرئيسي والاشتراكي.
وفي سنة 2024 حصل حزب “التجمع الوطني” المنتمي لليمين المتطرف وحلفاؤه على أعلى نسبة من الأصوات، مقارنة بتحالف الجبهة الشعبية الجديدة، وتحالف الوسط الذي ينتمي له الرئيس ماكرون.
وفي هذا الصدد، قال عمر المرابط نائب العمدة السابق بجنوب فرنسا، والخبير في الشأن الفرنسي، إن تصدر اليمين للانتخابات بنسبة 33 في المائة من الأصوات طبقا لاستطلاعات الرأي وطبقا لما وقع في الانتخابات الأوروبية الأخيرة، حصل نتيجة تحالف حزب “التجمع الوطني المتطرف” مع إيريك سيوتي والجمهوريين، علما أن اليسار نفسه، تحالف مع الجبهة الشعبية، وهو تحالف عريق أيضا، واستطاع أن يحصل بذلك، على المركز الثاني، عكس ما كان يتوقعه ماكرون، فهذا الأخير عندما حل الجمعية الوطنية كان يظن أنه سيبقى في المرتبة الثانية بعد اليمين المتطرف، وبالتالي ففي الجولة الثانية سيكون المرشحين التابعين له ضد مرشحي اليمين المتطرف، ومن ثم سيختار الفرنسيون بين حزب ماكرون وبين اليمين المتطرف.
وأكد عمر المرابط في تصريح لجريدة بيان اليوم، أن خطة ماكرون في الحفاظ على قاعدته الشعبية فشلت، لأن اليسار استطاع أن يتوحد داخل الجبهة الشعبية التي تجمع بين الشيوعيين، وحزب فرنسا الأبية، والحزب الاشتراكي الفرنسي الذي حكم فرنسا سابقا، والخضر أيضا، وبالتالي فهذا التحالف أسقط ماكرون في الفخ وفشلت خطته، لأن هذا التحالف هو الذي حصل على المركز الثاني بعد اليمين المتطرف بحوالي 28 في المئة، بعدما كانت الأغلبية الرئاسية السابقة لماكرون في الجولة الأولى تخطط لتجاوز اليسار، بيد أن النتائج كشفت أن نسبة الأصوات لفائدة تحالف ماكرون لم تتجاوز 20 في المئة.
وأكد عمر المرابط أن اليمين المتطرف سيصل إلى الصدارة لا محالة، لهذا ماكرون غير خطته وأصبحت أعينه كلها موجهة صوب الجبهة الجمهورية، بمعنى آخر من الممكن أن يتنازل حزب اليسار لحزب ماكرون، ومن الممكن أن يحصل العكس أيضا، وفسر نائب العمدة السابق هذا بقوله إن الذي سيكون في المرتبة الثانية سوف يتنازل للآخر، فهذا التنازل المتبادل سيقلل من حظوظ التجمع الوطني لحصوله على الأغلبية المطلقة، لكن بكل تأكيد ستكون هناك ردة فعل من الفرنسيين لصالح التجمع الوطني، لكن توقعاتي أن اليمين المتطرف سيحصل على الصدارة لكن ليس بالأغلبية المطلقة، وحسب أيضا نوعية هذه الأغلبية إذا كانت قريبة من الأغلبية المطلقة فقد تقع تحالفات بين اليمين المتشدد واليمين التقليدي للحصول على الأغلبية المطلقة أو الأغلبية النسبية كما فعل الرئيس ماكرون منذ سنتين.
أما بالنسبة للأغلبية الرئاسية، يشير عمر المرابط في حديثه مع الجريدة، فالرئيس ماكرون عندما حل الجمعية الوطنية، حل في نفس الوقت الأغلبية التابعة له، وبهذا الفعل، فقد الرئيس ماكرون الكثير من توهجه السياسي ومن سلطته أيضا، ولا محالة أن تكون نهاية التيار الماكروني تحصيل حاصل، بالرغم من بقائه كرئيس إلا أنه سيبقى بدون تيار، وبدون سلطة فعلية داخل المشهد السياسي الفرنسي، لأن غالبة الفرنسيين الذين صوتوا لصالح اليمين المتطرف أو لصالح اليسار، صوتوا ضد ماكرون، لأنه أصبح وجها غير مرغوب فيه، داخل الساحة السياسية الفرنسية، بعد سبع سنوات من الحكم.
< هاجر العزوزي