اليوم العالمي للكتاب

اعداد: عبد العالي بركات

منذ سنة 1995 صادقت منظمة اليونسكو على قرار الاحتفال باليوم العالمي للكتاب كل شهر أبريل، وبالضبط في الثالث والعشرين منه، وبلدنا على غرار سائر البلدان المتحضرة، يولي هذه المناسبة الاعتبار الذي تستحقه، وعيا بالدور الأساسي الذي يلعبه هذا المنتوج الثقافي والمعرفي في الرقي بالمجتمع وتكريس روح القيم الحضارية.
  بهذا الصدد، يدلي نخبة من أدبائنا وكتابنا لبيان اليوم، بتصريحات تخص تجربتهم في النشر وعلاقتهم بالكتاب الورقي والالكتروني ومنظورهم لسياسة دعم النشر التي تنهجها وزارة الثقافة واقتراحاتهم للرفع من نسبة مقروئية الكتاب المغربي..

*الأديب العربي بنجلون

النشر والتوزيع ليسا مشكلة

 بالنسبة إلي، النشر والتوزيع، ليسا مشكلة، لأن تجربتي الطويلة في هذا المجال، مكنتني من تيسيرهما. وأحدث كتاب لي، هو (الأعمال الإبداعية الكاملة) الذي صدر في أربعمائة وخمسين صفحة من القطع الكبير. ولم أجد صعوبة في طبعه وتوزيعه، لأنني توليت بنفسي تصفيفه وتنسيقه وإخراجه الفني، مما سهّل علي كلفة طبعه بأكثر من النصف.
                 
آخر ما قرأت
 
أنا لا أقرأ الكتب الرقمية، لأنها تضعف بصري وترهقني، والكثير منها يفتقر إلى اللغة السليمة. وبالتالي، لا أستفيد منها بتاتا، حتى لو قرأتها بإمعان وتروٍّ. وهذه مسألة عالجها الكاتب الطاهر بنجلون، حين قال في حوار له إنه حاول قراءة أعمال رقمية، فوجد نفسه يزجي وقته ليس إلا. أما الكتب الورقية، فآخر ما قرأته، وأنا الآن في تونس، مجموعة قصصية للكاتبة نجيبة الهمامي بعنوان: (ليلة رأس ميدوزا) اقتنيتها من معرض الكتاب بتونس، قبل خمسة أيام. وتتوزع قضاياها بين الجنس والموت، إذ يشكل هذان العنصران خيطا ناظما بين كافة القصص في أجواء ساخرة.

 لا أوثر قراءة الكتاب الإلكتروني

 كما قلت سابقا، لا أوثر قراءة الكتاب الإلكتروني للأسباب الآنفة الذكر، لكنني أتعامل معه كمرجع ومصدر. فهناك أمهات الكتب والمؤلفات المصورة، التي أعتمد عليها في توثيق كتاباتي، أو اقتطاع جزء منها لأستشهد بها، أثناء كتابتي لمقال، مثلا.
                                            
تشجيع على الكتابة وعلى الطبع

 طريقة دعم النشر التي تنهجها وزارة الثقافة هي من ضمن الطرق التي تشجع على الكتابة، أولا، وعلى الطبع، ثانيا. لكن على الأعمال المعروضة أن تتوفر فيها نسبة من الجدة والموضوعية والإبداع، لأن الوزارة لا يمكنها أن تشجع أيا  كان. وبالنسبة لي، فإن مؤسستين للنشر، عرضتا على الوزارة عملين: الأول، مجموعة قصصية للأطفال، بعنوان: سلسلة التكنولوجية الحديثة. والثاني تنظيري، موسوم بـ(ثقافة الطفل..قيم فنية، ومبادئ إنسانية) وقد حظيا معا بقبولهما من طرف لجنة الدعم والنشر، وأرجو أن يفيدا الصغار والكبار معا.
                            
المسؤولية ملقاة على المدرسة

 كنت وما زلت ألح على أن الرفع من نسبة مقروئية الكتاب، بصفة عامة، يعود إلى المدرسة، وبالضبط، إلى مرحلة الروض. فمن هناك ينبغي أن نبدأ. لأن الطفل الصغير، إذا تعود على القراءة، منذ نعومة أظافره، فإنه سيظل رفيقا لها في كافة أطوار حياته. طبعا، ستعترض قائلا: وأين هو دور الأسرة، باعتبار أن الطفل يفتح عينيه على أبويه وإخوته، قبل مربيه ومعلميه؟ وأنا سأجيبك بأن الأسرة العربية، عموما، لا تقرأ، ولا تعير الكتاب أية أهمية. إذن، المسؤولية ملقاة على المدرسة، لتنشئ لنا جيلا قارئا، وهذا الجيل هو الذي سيكون أسرا واعية في المستقبل.  

*الأديب محمد صوف Sans titre-13

لم أر كتابي موزعا حتى الآن

 تجربتي في النشر كتجارب أغلب من سعى إلى نشر مؤلفه .. اتصلت بالناشر. حدد لي سعر عملية الطبع والنسخ التي ستكون من  نصيبي. وتمت العملية. كنت أعتقد أنه سيقوم بالتوزيع وإرسال نسخ لوسائل الإعلام وهو دور الناشر أساسا. غير أني لم أر الكتاب موزعا حتى الآن، اللهم إلا في مكتبة فرنسا وهي تقتني كتب المغاربة بإرادة منها. الأمر يتعلق بمجموعة “زمن عبد الرؤوف”.
 
آخر ما قرأته ورقيا ورقميا
 
رقميا قرأت رواية ” الطلياني” لرشدي المبخوت .وهي الرواية الفائزة بجائزة بوكر السنة الماضية، أما الكتاب الورقي فكان  مؤلف المفكر السوداني أحمد محمود طه ” نحو مشروع مستقبلي للإسلام “.

أنا من جيل الكاغط

في ما يخص علاقتي بالكتاب الالكتروني، أنا من جيل الكاغط .. لا أرتاح إلا للورق. علاقتنا مع رائحة الورق علاقة حميمة. الكتاب الإلكتروني يعفيك من أداء سعر الكتاب غير أن التعامل معه غير صحي. يؤدي البصر ضريبته. هذا إضافة إلى أن الكتاب يمكنك أن تحمله معك إلى أي مكان دون خوف من انقضاء البطارية أو غياب الكهرباء.
 الإيجابي في الكتاب الإلكتروني هو كونه متوفرا  ولا داعي للبحث في المكتبات أو انتظار استيراده. ويمكن استنساخه. رغم أن هذه العملية متعبة وجماليتها محدودة.

فرق لا يحتاج إلى تعليق
 
وزارة الثقافة تدعم الناشر فقط. العلاقة بين الناشر والمؤلف تبقى محدودة جدا وتتدخل فيها عوامل ذاتية، أحيانا تحول قبول نشر الكتاب. من قبل كانت الوزارة تدعم المؤلف أيضا عبر اقتناء نسخ من مؤلفه. حبذا لو نهجت وزارة الثقافة هذا النهج، مع تحديد علني لعدد النسخ المقتناة. إذ من قبل كان الاقتناء يتم بنوع من الزبونية. هناك من كانت تكتفي باقتناء خمسين نسخة منهم وهناك من كانت الوزارة تقتني حتى خمسمائة نسخة.. والفرق بين العددين لا يحتاج إلى تعليق.

 ضرورة تربية النشء على القراءة
 
العملية  ليست يسيرة ولا توجد وصفة ترفع من المقروئية غير تربية النشء على القراءة. وهذا إجراء يخضع أولا للإرادة السياسية. أما على المستوى الفوري فيتعين توزيع الرواية في مكتبات المركبات الثقافية والمؤسسات التعليمية من ثانويات وكليات ودور الثقافة ودور الشباب،  مع تنظيم لقاءات مع الكتاب. وهذا أمر يبدو سهلا، ولكنه يحتاج إلى قرار مسؤول وتجنيد مستمر.. على أن العمل الناجع لن يتم إلا بإعادة النظر في السياسة التعليمية.

*الأديب عبدالواحد كفيحSans titre-10

الرغبة في النشر ومصروف الجيب

 آخر تجربة مع  طبع مجموعتي القصصية الأخيرة “رسائل الرمال”، تجربة عرفت تعثرا على المستوى التقني. حيث بعد طبعة أولى غير موفقة، وبعد عياط ومياط وشفاعة من قريش وجهد شخصي جهيد، تمكنت من إخراج العمل لحيز الوجود مرة ثانية، بعدما عاث في جيبي فسادا وتدميرا. وما لا أرضاه في كل هذا كله هو أن يمتد قدر الرغبة في النشر الى مصروف الجيب اليومي ويفقده توازنه واتزانه على حساب حاجيات وأولويات يومية، لها اسبقيتها على  مشروع طبع ونشر كتاب، ومع ذلك كل مرة يلتئم الجرح وننسى.

آخر ما قرأته ورقيا وإلكترونيا

 آخر كتاب قرأته ورقيا، هو إعادة قراءة الجزء الأول من الأعمال الروائية الكاملة  لمحمد زفزاف وديوان الشاعر أحمد العمراوي “يتجددون كأفعى” والمجموعة القصصية ” كأنثى صحت لتوها” لسميرة المنصوري. أما آخر كتاب الكتروني هو في “انتظار البرابرة ” لكويتزي.

أجد صعوبة في القراءة على الشاشة

 في الحقيقة بدأت علاقتي تخف تدريجيا بالكتاب الالكتروني، مقارنة مع فترات سابقة، حيث أدمنت الجلوس الساعات الطوال أمام شاشة الحاسوب، لكن مع مرور الزمن والتقدم في السن وضعف البصر، بدأت أجد صعوبة في القراءة على الشاشة.

رهين عقلية الدار الناشرة

  بخصوص دعم وزارة الثقافة حاليا، فالمبدع يبقى رهين عقلية الدار الناشرة، التي قدمت العمل وطلبت الدعم، إذ  تختلف استفادة المبدع المادية والمعنوية وتبقى خاضعة لمزاج الناشر بعدما يكون قد نال حظ الاستفادة.  ليس هناك قانون واضح أو عقدة تبين مالكَ وما عليكَ، بخلاف الطريقة القديمة التي كانت مباشرة مع وزارة الثقافة، حيث بنود العقدة على علاتها، واضحة. وقد تناولت هذا النوع من الدعم للوزارة في مقالة سابقة معروفة تحت عنوان “دعم وزارة الثقافة وقبلة اللقلاق”.
 
وزارة معنية بتشجيع القراءة

 لتشجيع القراءة والمقروئية في نظري، من الضروري تدخل الوزارات المعنية: الثقافة، التربية الوطنية، الشباب وغيرها، لتخصيص ميزانية مشتركة لإنتاج كتب بأثمنة مناسبة جدا، تستهدف كافة المستويات، إضافة إلى تخصيص حيز زمني في استعمال الزمن المدرسي للمطالعة وترك حرية اختيار الكتب للأساتذة  والتلاميذ، وتضمين النشاط القرائي في المناهج التعليمية.

Related posts

Top