نهاية أسبوع صاخبة، عاشتها الرياضة المغربية، تميزت بحدثين هامين، استرعيا الكثير من الاهتمام، كما أكدا على قيمة المغرب، وحضوره المتوازن داخل الملاعب والقاعات، وحتى خارجها…تمثل الحدث الأول، في الموقف البطولي والثابت لبعثة فريق نهضة بركان، الرافض لأي تنازل أو مساومة، في موضوع غير قابل للنقاش أو التراجع، وحتى التأويل…
حيثيات الموضوع تابعها الجميع بأدق التفاصيل، لتقف أسرة كرة القدم الإفريقية ومعها العالمية، على صورة بئيسة، تجلت في مصادرة قميص الفريق المغربي، لا لسبب، سوى تضمن القميص البرتغالي، لخريطة المغرب كاملة، وغير منقوصة، بما في ذلك أقاليمنا الصحراوية الغالية…
سلوك أرعن خارج التاريخ، عكس السعار الذي أصبح يمتلك النظام العسكري الجزائري اتجاه كلما هو ما مغربي، حيث وصل بهم الهذيان إلى حد احتجاز بعثة نادي نهضة بركان لكرة القدم، بمطار الجزائر العاصمة، والاحتفاظ بالأمتعة الرياضية والشخصية لكل أفراد البعثة، مخافة من “تسرب” أقمصة، تتزين بخريطة المغرب، بعلم أحمر ناصع، تتوسطه نجمة خضراء، تدل على الحياة والعزة والكرامة، وكمنبت للأحرار ومشرق للأنوار…
وأمام اندهاش الجميع، تمادى خدام الطغمة العسكرية، إلى حد تزوير القميص الرسمي للنادي المغربي، وإدخال تغييرات على شكله ومضمونه، وهو تصرف غير مسبوق في تاريخ الرياضة، سواء عربيا أو قاريا أو دوليا، في سابقة غريبة ستدون بمداد الانحطاط والحقارة…
وبالرغم من القرار الصادر في حينه، من طرف الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، والمنصف كليا لموقف الفريق المغربي، والإقرار بضرورة السماح له بإجراء مباراة الذهاب ضد اتحاد العاصمة، بقميصه الرسمي، إلا أن السلطات الجزائرية تمادت في غطرستها، مما جعل البعثة المغربية تقرر رفض خوض المباراة، وعدم دخول أرضية الملعب، في تناغم تام مع طاقم التحكيم الذي رفض هو الآخر، النزول لأرضية الملعب…
فكان الانسحاب، وفق ما تقتضيه قوانين (الكاف)، وتطابقا مع القرار الأخير للجنة الاستئناف التابعة للجهاز القاري، موقف يعد فعلا انتصارا لموقف مبدئي، يضع الاتحاد الإفريقي أمام مسؤوليته التاريخية، إما الحرص على سيادة القانون، أو السماح مستقبلا بارتكاب المزيد من الحماقات…
أما الحدث الثاني بكل أشكال التميز، فيتمثل في تألق المنتخب المغربي لكرة القدم داخل الصالات، وحفاظه على اللقب الإفريقي للمرة الثالثة على التوالي، بعد مشوار رائع، عكس المستوى العالي، الذي وصل إليه هذا الفريق الوطني، صاحب الرتبة الأولى عربيا وإفريقيا، والمركز المتقدم دوليا…
مسار أكثر من رائع لـ “هشام و وليداتو…” أصبح يشكل بحق مفخرة وطنية، ونموذجا حقيقيا لعطاء مدرسة، تختزل معان كثيرة، من حيث طرق الاجتهاد والاشتغال، والتضحية ونكران الذات…
إنها بالفعل نهاية أسبوع وطنية، عكست قيمة الإرادة والتحدي والثبات على المواقف، والإيمان بأن المستقبل، يكمن في الاعتماد على طاقات هذا الوطن المعطاء، من طنجة العالية إلى لكويرة العزيزة…
برافو..برافو..برافو …وعلى الانتصارات دائما نلتقي…
محمد الروحلي