باحثون: جائحة كورونا فاقمت عدم المساواة بين الجنسين

على الرغم من تراجع فيروس كورونا الجديد وتعايش العالم معه، إلا أن موجة تفشي الوباء التي عاشها العالم خلال العامين الماضيين كان لها تأثير على الحياة الاجتماعية والاقتصادية للسكان، وخصوصا النساء اللواتي شكلن الحلقة الأضعف.

وأظهرت دراسة جديدة نشرت في مجلة “ذا لانسيت” الطبية أن كورونا نسف عقودا من التقدم المحرز نحو المساواة بين الجنسين، إذ تضررت النساء اجتماعيا واقتصاديا بدرجة أكبر بكثير من الرجال.
وبين مارس 2020 وسبتمبر 2021، أبلغت النساء بفصلهن من العمل بنسبة تجاوزت 26 في المائة بالمقارنة مع الرجال. وبحلول سبتمبر 2021، وصلت نسبة النساء اللواتي أجبرن على ترك وظائفهن طوعيا، بسبب الاهتمام بذويهن أو رعاية الأطفال، إلى أكثر من 80 في المائة.

كما بينت أن 8 نساء في مقابل رجل واحد اضطررن إلى ترك أعمالهن للتفرغ لشؤون العائلة، ونسبة التسرب من المدرسة لدى الفتيات كانت أكبر بنحو 21 مرة في مقابل الفتيان.

وكانت النساء أكثر إبلاغا عن تعرضهن للعنف القائم على النوع الاجتماعي بالمقارنة مع الرجال خلال فترة تفشي الجائحة. 
وتظهر الدراسة تعرض النساء لتأثيرات اجتماعية واقتصادية سلبية أكبر من الرجال، الأمر الذي يطرح علامات استفهام عن دور المنظمات الحكومية التي سعت إلى تعزيز دور المرأة وحقوقها على مدى عقود.

ويقول الخبراء الذين أشرفوا على الدراسة إن الفجوة اتسعت بين الرجال والنساء وزادت عدم المساواة خلال جائحة فيروس كورونا، وحثوا المجتمع الدولي والقادة السياسيين والاجتماعيين على الاهتمام بالسياسات التي تمكن المرأة وتشجعها على المشاركة في القوى العاملة ومواصلة تعليمها.
وحللت الدراسة البيانات المتاحة للجمهور من 193 دولة ما بين مارس 2020 وسبتمبر 2021 حول الصحة والرفاهية أثناء الوباء، ليظهر أن النساء عانين بسبب فقدان وظائفهن بنسبة أعلى من الرجال منذ بداية الوباء.

سابقا، ركزت الدراسات التي تناولت قضية انعدام المساواة بين الجنسين على الآثار الصحية المباشرة للأزمة. على سبيل المثال، وجدت العديد منها أن الرجال في جميع أنحاء العالم أصيبوا بالفيروس أكثر من النساء. مع ذلك، فإن دراسات قليلة بحثت في دور فيروس كورونا الجديد وتأثيره على انعدام المساواة بين الجنسين.  
وتقول كبيرة الباحثين البروفيسورة إيمانويلا جاكيدو عن هذه الدراسة، كما نقلت عنها صحيفة “ذي غارديان” البريطانية: “تعد هذه النتائج أول دليل عالمي شامل على التفاوت بين الجنسين استنادا إلى مجموعة من المؤشرات”. وتشير الأدلة إلى أن فيروس كورونا ساهم في تفاقم الفوارق الاجتماعية والاقتصادية الموجودة سابقا. وتوضح أن هناك حاجة ماسة للاستثمار في تمكين النساء والفتيات، رافضة استمرار التداعيات الاجتماعية والاقتصادية للوباء لمرحلة ما بعد كورونا.
من جهتها، تقول المشاركة في الدراسة الدكتورة لويزا فلور إن الآثار الاقتصادية على النساء كانت واضحة. علاوة على ذلك، تحدثت الدراسة عن الأعراف الاجتماعية في العديد من البلدان التي تنسب مسؤوليات الأسرة ورعاية الأطفال للمرأة، الأمر الذي يقلل من قدرتها على الانخراط في العمل في مقابل أجر.
ولم تنحصر نتائج الدراسة فقط في انعدام المساواة بين النساء والرجال. وكشفت البيانات عن وجود عراقيل في الرعاية الصحية الجنسية والإنجابية بين النساء.

في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، أبلغت النساء عن مشاكل في الرعاية الصحية الجنسية والإنجابية بنسبة أعلى بكثير بالمقارنة مع الدول الأخرى.
في سبتمبر 2021، أبلغ نحو 2 في المائة فقط من المشاركين في الدراسة عن صعوبة الوصول إلى المنتجات الصحية، مثل النظارات الطبية، أو أجهزة السمع، أو العكازات بسبب الجائحة. وفي أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، كانت النساء أكثر عرضة للإبلاغ عن مشاكل في الرعاية الصحية بالمقارنة مع الرجال. يضاف إلى ما سبق فقدان الوظائف والدخل والشعور بعدم الأمان في المنزل والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وكان مؤشر عدم الأمان أعلى بكثير بين النساء بالمقارنة مع الرجال.

Related posts

Top