باحثون وأساتذة جامعيون يقاربون ملفات ما بعد عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي

أجمع أساتذة جامعيون وباحثون في الشؤون السياسية أن المغرب ومن خلال عودته للاتحاد الإفريقي يقدم تجربة ديمقراطية هادئة ومتراكمة في ظل مؤسسات تمثل وجود دولة حديثة تعتمد على فصل السلط والحكامة بالإضافة إلى العمل بمؤسسات دستورية تحترم التخصص والتدرج والتي تقدم، حسب الباحثين، نموذجا لسياسة خارجية تعتمد أبعادا أساسية.
هذه الأبعاد الأساسية للسياسة الخارجية حددها الأساتذة والباحثون، في مداخلاتهم أول أمس الأربعاء خلال يوم دراسي نظمه المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات حول “الاتحاد الإفريقي ملفات ما بعد العودة”، في ثلاث نقاط أساسية، أولها حقل إمارة المؤمنين بأبعاده الروحية والرمزية والتاريخية ودورها في خلق مناخ الأمن والاستقرار وبناء شروط الاندماج والتعايش والبناء المشترك. وثانيها حسب المتدخلين، يكمن في البعد الاقتصادي الاستثماري والتي أكدوا أنها تتم تحت شعارين مركزيين، شعار “رابح رابح” وشعار “إفريقيا للأفارقة”، وذلك بسياسة خارجية تحمل مضمون سياسات عمومية لبرامج ومشاريع وقع تجريبها في الداخل ليتم نقلها لباقي دول إفريقيا. بالإضافة إلى كون المغرب يشكل نموذجا جديدا في دول الجنوب له القدرة على استيعاب وإدماج المهاجرين القادمين من إفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط.
وشكل البعد الإنساني النقطة الثالثة ضمن الأبعاد الأساسية لسياسة المغرب الخارجية، والتي تكمن في تواجد التجريدات العسكرية المغربية تحت الوصاية الأممية في كثير من بقع التوتر الإفريقي. ومعالجة أمنية تقدم، حسب المتحدثين، نموذجا في مكافحة التطرف والإرهاب والتصدي الاستباقي لمخاطر الجماعات الإرهابية ومنظمات الجريمة الدولية العابرة للقارات حفظا لقيم الإنسانية والتعايش المشترك.
وأكد المتدخلون في هذا اليوم الدراسي، على أن الديبلوماسية المغربية اشتغلت بإيقاع ذكي ومنظم ومتكامل، واعتمدت تفكيرا مركبا بالنظر لتعقد القضايا والعلاقات الدولية والإقليمية، كما شدد المتدخلون على أن المغرب مزج “بجرعات متوازنة” بين الثقل والدور الاقتصادي والتواجد السياسي سواء من خلال مجموعة من العلاقات مع دول صديقة أو من خلال المنابر والمحافل الدولية التي دافع فيها المغرب عن إفريقيا وحقوقها ودورها ومكانتها.
وعودة إلى السياق التاريخي قدم الأساتذة الجامعيون عرضا تاريخيا لمنظمة الاتحاد الإفريقي والسياق التاريخي المرافق لخروج المغرب عن مقعده بالاتحاد سنة 1984 بالنظر للظروف السياسية آنذاك والتي تمثلت في المساس بهيبة وكينونة الدولة المغربية.
وفي هذا الصدد أكد المتدخلون أن عودة المغرب لا تعني بالأساس الاعتراف بكيان البوليساريو، على اعتبار أن مواصفات الدولة لا تتمثل فيه مطلقا، مؤكدين على أن التحدي الرئيسي أمام المغرب هو خلق نقاش عام حول القضايا الإفريقية الكبرى المتعلقة بالاقتصاد والأمن والتعليم وغيرها من القضايا، مشددين على أن المغرب سيكون له تأثير قوي في هذا التوجه بالنظر للسياسية التي ينهجها والدور الحيوي الذي أصبح يضطلع به في العالم الإفريقي وعلى المستوى الدولي ككل.
إلى ذلك، المتدخلون الذين رصدوا نوعا من النقص في المعرفة الجماعية والمتخصصة حول إفريقيا وقضاياها بسبب غياب المغرب عن مقعده بالاتحاد لما يقارب 34 سنة، دعوا إلى ضرورة الاشتغال لبناء وترميم الفهم العام لإفريقيا خصوصا الفهم المشكل للمخيال الجمعي للمغاربة الذي يستبطن صورة تقليدية حول قارته الأم، هذا الترميم أكد الباحثون أنه من الضروري الاشتغال عليه لتنوير الفاعل المغربي، لتكتمل العودة المغربية لإفريقيا مؤسساتيا ومجتمعيا في الآن نفسه.
يشار إلى أن اللقاء الذي نظمه المركز المغاربي للأبحاث والدراسات، أطره العديد من الباحثين والأساتذة الجامعيين والخبراء المختصين في العلاقات الدولية والشؤون السياسية، من بينهم عبد الله بوصوف، المنار السلمي، حسن طارق، ادريس لكريني الحسان بوقنطار، عبد الفتاح بلعمشي، وأساتذة وباحثين آخرين، أطروا أربع جلسات لتدارس عودة المغرب إلى إفريقيا من زوايا متعددة.

محمد توفيق أمزيان

Related posts

Top