لطالما تمحورت أهداف الأمم المتحدة بشأن التنمية المستدامة بالوصول سواء إلى المياه النظيفة والتحلية أو إلى المجتمعات والمدن المستدامة من بين 14 هدفا آخر. ومن خلال تصميم مسار عمل لإجراءات محلية تترجم إلى تطور عالمي، تضمن الأمم المتحدة أن تستفيد الجهات الفاعلة من الشراكات القوية المبرمة لتحقيق التنمية. وفي هذا الصدد، يفتح برنامج “الأهداف الـ17 (والذي يتضمن عقد الشراكات من أجل تحقيق الأهداف) الباب أمام الشباب والمرأة وأصحاب الحرف والمهن للحصول على فرص على حد سواء.
ويهدف هذا البرنامج الطموح – الذي خرج عن مساره بسبب جائحة “كورونا” – إلى تحقيق الازدهار للمزيد من البشر حول العالم عن طريق التحالفات بين القطاعين العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني. وفي خطابه مؤخراً خلال فاعليات قمة أهداف التنمية المستدامة، التي عقدت قبل بدء أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة الـ 76 تحت عنوان “بناء المرونة عبر الأمل”، شدد “أنطونيو جوتيريش” الأمين العام للأمم المتحدة على أهمية وتعزيز أهداف التنمية المستدامة في الوقت الحاضر واصفاً إياهاً بـ “الطريق نحو تعافي العالم من تحدٍ لم يشهد مثيله من قبل”.
ومن ثم، تبرز أهمية بناء الشراكات التي تقود بالتبعية إلى تحقيق المرونة والوصول إلى الأهداف. هذا الوصول يوسع من قدرات بناء الشركات وتعزيز أواصر المجتمعات وخلق الوظائف. ومن بين الشراكات الجاري الحث عليها تزايد وجود شركة تديرها النساء، وهي “Native Nosi” حيث حافظت مالكة الشركة “موكادي مابيلا” على تراث عائلتها مع تبني المدفوعات الرقمية بتكلفة مخفضة بالتعاون مع شركة “يوكو” (Yoco). وحققت “مابيلا” المرونة مستعينة بمهاراتها بالإضافة إلى قواعد تنظيمية تتيح توافر التكنولوجيا المالية لتمكنها من تلقي المدفوعات عن البضائع والسلع التي يبيعها زوجها.
وفي مصر، استفادت “باي ناس” من رخصتها كوكيل مصرفي يعرض على الشركات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر والشركات الموردة في البلاد منصة تجمع بين أدوات إدارة الموارد البشرية والحلول المالية المرنة لخدمة قطاع عريض من المصريين لا سيما العاملين في الشركات من الفئات المذكورة. وتتيح تلك الحلول القدرة لتغلب الشركات على تحدياتها فيما يتعلق بإدارة قوتها العاملة بجانب توفير مالية ومزايا أخرى لموظفيها. وبالفعل، سوف تضمن الشراكة تحقيق المساواة ووصول الشركات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر – والتي توظف أكثر من 75% من إجمالي العمالة في مصر – إلى تمويل وتأمين أعمالها.
ورغم كل ذلك، لا تزال هناك حواجز تتعلق بالوصول إلى جودة التعليم والعمل اللائق والنمو الاقتصادي. وفي إطار المحاولات لإزالة هذه العوائق، تستفيد شركة “STEMPower” على سبيل المثال من أصول التعليم المالي لتأهيل الشباب في إثيوبيا لمواكبة العالم الرقمي. وبذلك، تصبح المهارات المكتسبة بمثابة الخيط الذي يدمج الإبداع وريادة الأعمال بفرص العمل. وفي إندونيسيا، كانت جائحة “كورونا” بمثابة فرصة سانحة لشركة “جوجيك” (Gojek) لتأهيل نحو 950 ألف من قادة شركات صغيرة ومتوسطة ومتناهية الصغر. ومن خلال الاستفادة من أدوات التعليم المالي التي توفرها “فيزا”، تعززت الأدوات الرئيسية من مهارات الأعمال والمعرفة والرؤى والحفاظ على الأعمال وتنميتها في الشركات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر. وبالشراكة مع الشباب وهذه الشركات، نصبح قادرين على التقدم في مجتمع أكثر عدالة تزدهر فيه المجتمعات المتعلمة مالياً في العالم الرقمي.
كان التضامن عنصراً حيوياً في التعامل مع تداعيات جائحة “كورونا”، فالحكومات حول العالم سعت لتخفيف آثار الجائحة لا سيما من على كاهل الفئات الأكثر تضرراً. في جواتيمالا، استفادت “نانسي جوميز” من البرنامج الحكومي لدعم الأسر “Government Bono Familia Aid” من أجل الحفاظ على أسرتها حيث اضطرت لوقف أعمالها بسبب إجراءات التباعد الاجتماعي التي قيدت نشاطها التجاري.
ومن إندونيسيا إلى جواتيمالا مروراً بجنوب إفريقيا ومصر وإثيوبيا، لا يزال الوصول من أهم العوامل المسببة لتقدم البشرية. وقد تم بناء أهداف التنمية المستدامة على فرضية أن التعاون سوف يفتح المجال لتحقيق المزيد من هذه الأهداف. وكشبكة ذات موثوقية تدفع الأنشطة التجارية نحو الأمام، نعمل في “فيزا” على إحراز المزيد من التقدم، كما سنواصل تمكين الأفراد والشركات والمجتمعات كي يصبحوا أكثر مرونة من خلال تعزيز قدراتهم بما يؤهلهم للاستفادة من مزايا الاقتصاد الرقمي عبر التعليم المالي.
كارل مانلان: نائب الرئيس للتأثير الاجتماعي في أوروبا الوسطى والشرقية
والشرق الأوسط وأفريقيا، فيزا