دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أثناء زيارته روما أول أمس الخميس، في أوج أزمة بين روسيا والدول الغربية، إلى علاقات مع الاتحاد الأوروبي من دون عقوبات مشيدا بالجهود التي تبذلها إيطاليا بهذا الصدد.
وقال بوتين عقب محادثات مع رئيس الوزراء الايطالي جوزيبي كونتي “يجب أن نبذل قصارى جهدنا لوضع حد لسياسة العقوبات ذات الدوافع السياسية التي أعلنت من طرف واحد”.
وأضاف الرئيس الروسي أنه تم إبلاء “اهتمام كبير” خلال هذه المحادثات “البناءة” بمسائل التعاون الاقتصادي بين بلاده وإيطاليا.
وقال في هذا السياق “لقد زادت المبادلات التجارية بيننا بنسبة 13% عام 2018 لتصل إلى 27 مليار دولار”، لكنها بلغت عام 2013، أي قبل عام من فرض العقوبات الأوروبية والأميركية على روسيا بسبب الأزمة الأوكرانية “54 مليار دولار”.
وتابع “نعرب عن امتناننا لإيطاليا نظرا لتطلعاتها من أجل استعادة العلاقات بين روسيا والاتحاد الأوروبي بالكامل. نرى جهود الحكومة الإيطالية تسير في هذا الاتجاه”.
من جهتها، لا تعتبر الحكومة الإيطالية “العقوبات غاية في ذاتها ونريدها أن تكون مرحلية”، كما أكد كونتي.
وأضاف أن “إيطاليا تعمل على تهيئة الظروف لتجاوز هذا الوضع الذي لا يفيد روسيا وأوروبا وخصوصا إيطاليا”.
وتتعرض روسيا لعقوبات اقتصادية أوروبية وأميركية لم يسبق لها مثيل منذ عام 2014 بسبب الأزمة الأوكرانية.
وأكد بوتين وكونتي انهما ناقشا الأوضاع في سوريا وأوكرانيا، وكذلك في ليبيا.
وقال الرئيس الروسي خلال مؤتمر صحافي مع كونتي “يجب وضع حد للمواجهات المسلحة في أقرب وقت وإقامة حوار” في ليبيا.
وعبر عن “القلق بشكل خاص حيال تسلل” مقاتلين مسلحين من منطقة إدلب في شمال غرب سوريا إلى ليبيا.
بحث البابا فرانسيس وبوتين هذه المسائل أيضا خلال لقائهما في وقت سابق الخميس في الفاتيكان.
وقال بوتين الذي أهدى البابا كتابا وفيلما عن مايكل أنجلو “أجرينا محادثات جيدة جدا، تضمنت كذلك الجوانب الروحية والعلاقات الإنسانية”.
وكان البابا خلال اجتماعهما الأخير عام 2015، حض بوتين على “بذل جهود جدية وصادقة لتحقيق السلام” في أوكرانيا بدون أن يصل إلى حد الإدانة التي يريدها الكاثوليك الأوكرانيون.
وحصلت خطوة عملاقة في فبراير 2016 عبر اجتماع تاريخي في كوبا بين البابا فرنسيس وبطريرك موسكو للأرثوذكس كيريل في أول لقاء من نوعه منذ ألف عام بين قادة أكبر الطوائف المسيحية.
وقال المستشار في الكرملين يوري أوشاكوف في لقاء مع صحافيين عشية الزيارة إن بوتين والبابا سيبحثان معا “الحفاظ على المواقع المسيحية المقدسة في سوريا”.
وتناول الرئيس الروسي الغداء مع نظيره الإيطالي سيرجيو ماتاريلا على أن يلتقي مساء نائبي رئيس الحكومة ماتيو سالفيني ولويجي دي مايو.
ويتضمن برنامج التحالف الحاكم في ايطاليا القيام بكل ما هو ممكن للحصول على مراجعة للعقوبات ضد روسيا فالرد الروسي يثقل كاهل الصادرات الإيطالية.
وتراجعت العلاقات بين موسكو والغرب إلى أدنى مستوى منذ انتهاء الحرب الباردة بسبب الخلافات حول سوريا وفضائح التدخل المفترض في الانتخابات والتجسس.
وتدهورت أيضا على خلفية النزاع في شرق أوكرانيا الذي أعقب ضم موسكو لشبه جزيرة القرم.
واستعدادا لهذه الزيارة أغلق كل الوسط التاريخي لروما تقريبا — خمسون شارعا — بينما تحدثت وسائل الإعلام الإيطالية عن تشويش على الاتصالات الهاتفية.
وسيارة الليموزين الروسية الخاصة ببوتين والبالغ طولها أكثر من ستة أمتار، في روما حيث تم تدريب السائق على عبور بعض البوابات الضيقة لعدد من القصور.
وفي مقابلة أجرتها معه صحيفة “كورييري ديلا سيرا” شدد بوتين على صداقته القديمة مع رئيس الوزراء الأسبق سيلفيو برلوسكوني الذي سيعقد معه لقاء غير رسمي قبل أن يغادر روما مساء الخميس.
وقال بوتين في المقابلة “تربطنا صداقة تعود إلى سنوات عدة. سيلفيو سياسي مكانته عالمية، زعيم حقيقي يدافع بقوة عن مصالح بلده على الساحة الدولية”.
وأضاف “لا يمكننا أن نلتقي في معظم الأحيان، لكن عندما تسنح الفرصة، لا يسمح لنفسه إطلاقا بمناقشة السياسة الداخلية، ولا أنا”.
< أ.ف.ب