بيان اليوم تنقل تفاصيل قضية حجز حوالي خمسة أطنان من الحشيش بإقليم آسفي

عقدت المحكمة الابتدائية بمدينة آسفي، أمس الثلاثاء، جلسة للنظر في ملف “حجز شاحنة كان على متنها حوالي خمسة أطنان من الحشيش بمنطقة البدوزة” بإقليم آسفي، يتابع فيه خمسة متهمين في حالة اعتقال، بعدما ضبطوا متلبسين بإخفاء أطنان من المخدرات، كان يتم الاستعداد لتهريبها على متن قارب مطاطي، حيث تمت متابعتهم من طرف النيابة العامة، من أجل ” مسك المخدرات ونقلها ومحاولة تصديرها والاتجار فيها والمشاركة في ذلك” كل حسب المنسوب إليه. وسنعود لوقائع هذه الجلسة في عدد لاحق.و علاقة بالملف، تم أيضا اعتقال دركي بمركز البدوزة يشتبه في وجود علاقة بينه و بين الموقوفين وتمت إحالته على الوكيل العام للملك لاستئنافية آسفي الذي استمع إليه، قبل إحالته بدوره على قاضي التحقيق بنفس المحكمة.
وللوقوف عن قرب على تفاصيل عملية إجهاض تهريب أطنان من الحشيش، قامت بيان اليوم، بتجميع كل المعطيات المتعلقة بهذه الجريمة، بعد تناسل مجموعة من الإشاعات حول المتورطين، كما تم اتهام أشخاص آخرين لاعلاقة لهم بالملف،في حين ماتزال الأبحاث مستمرة لتوقيف متورطين آخرين، وردت أسماؤهم في التحقيقات. وفيما يلي أهم تفاصيل هذا الملف.
لم تكن ليلة الخميس صبيحة الجمعة 04 شتنبرالجاري، عادية بمنطقة / الكاب كانتان – البدوزة بإقليم آسفي، المعروفة بهدوئها، وجمال شواطئها العذراء التي بدأت تجذب استثمارات سياحية مهمة، عبارة عن مجمعات سياحية تقدم خدمات متميزة أمام لوحات طبيعية فتانة، لم تكن فعلا تلك الليلة عادية، لأنه في ذلك الهدوء، كانت تعمل فرقة أمنية تحت جنح الظلام، وهي تترصد لصيد ثمين، بناء على معلومات دقيقة وفرتها المصالح الأمنية، تفيد أن المنطقة المجاورة لدوار “الشنينات” التابع لجماعة البدوزة / الكاب كانتان، سيتم من خلالها شحن كمية كبيرة من مخدر الحشيش.
هدوء سيتحول لتدخل أمني نفذته فرقة من رجال الدرك الملكي مصحوبة بفرقة من الكلاب المدربة باحترافية عالية، مكنت من حجز كميات من الرزم تزن حوالي 4600 كلغ من الحشيش، إضافة إلى زورق مطاطي ومحركين، بعد مداهمة مجمع سياحي يحمل اسم ” Rose de Sable”، ومحيطه.
الأخبار التي استقتها بيان اليوم وبعيدا عن الإشاعات التي تداولها الشارع العام، تفيد أن المنطقة الساحلية لآسفي، كانت ومنذ مدة طويلة تحت مراقبة أمنية كبيرة، خصوصا بعد تنامي عمليات” الحريك “، واستغلال الشواطئ الغير محروسة في تهريب كميات من الحشيش على متن زوارق وقوارب الصيد التقليدية، خصوصا بعد تضييق الخناق على المناطق الشمالية والجنوبية للمملكة، وهي العمليات التي نجحت السلطات الأمنية في إحباطها في الكثير من المرات، ومعه تم اعتقال المهربين والمساعدين.
ووفق معطيات من مصادر معلومة، فقد رصدت عمليات المراقبة سيارة من نوع “بيكوب” تقوم برحلات مابين محطة للوقود وبين المنطقة المجاورة للمجمع السياحي، محملة ببراميل من البنزين يستعملها المهربون لمحركات الزوارق السريعة، ليتم ترصد وتتبع المعلومات ومعه تم خلق خلية ترأسها القائد الجهوي للدرك الملكي في سرية تامة، حيث تتبعوا كل العمليات عبر تصوير مباشر لكل الخطوات بما فيها توزيع الرزم على ثلاث مناطق بما فيها داخل المجمع السياحي الذي يمتلكه أحد أبناء مدينة آسفي الذي عاش طويلا بدولة ماليزيا، لدرجة أنه معروف بين من يعرفه بهذا الإسم.
وفي ساعات الفجر الأولى، تحركت الفرقتان الأمنيتان للدرك الملكي، وتمت مباغتة العمال والحراس وصاحب الفندق، وأمام ذهولهم، انطلق رجال الدرك الملكي في إخراج الرزم المدفونة وتلك المخبئة بإتقان من داخل المجمع السياحي، وكمية أخرى تزن 3 كيلو غرام من مكتبه بالمجمع، ومعها وبإرشاد من صاحب المجمع السياحي، تم العثور على الزورق المطاطي والمحركين، ليتم بعدها اعتقال خمسة أشخاص بما فيهم صاحب المجمع السياحي “م – ك”.
وانفجر الخبر والإشاعات كالنار في الهشيم، خصوصا وأن صاحب المجمع من أبناء عائلة آسفية وهو مشهور بانتمائه للطائفة العيساوية، ويعزف بشكل ماهر على آلة “الغيطة”، وثراءه يرده أغلب أصدقائه ومعارفه لما جناه من بيع الأثواب الفاخرة التي كان يبعثها له صهره من ماليزيا، ومن المجمع السياحي الفاخر الذي بناه قبل سنوات بمنطقة البدوزة، ومعه انتشرت وكثرت الإشاعات، إلى أن انطلقت فصول البحث التمهيدي معه وباقي المعتقلين في الملف، خصوصا، أن الإشاعات اتهمت بشكل عشوائي منتخبين ومسؤولين، لتأتي اعترافات صاحب المجمع وتنهي فصول الإشاعات التي ساهمت في انتشارها وسائل التواصل الإجتماعي، والتي كان من نتائج ما تداولته من اتهامات عشوائية، خروج برلماني ليعلن أنه بريء من العملية وأنه سيرفع دعاوي قضائية ضد كل من اتهمه افتراء بأنه شريك في العملية.
اعترافات صاحب المجمع السياحي، أطاحت في البداية بدركي يعمل في منطقة البدوزة، حيث أكد بأن هذا الدركي الذي ربط معه صداقة منذ زمن بعيد، هو نقطة البداية للعملية من بدايتها، حيث أنهما كانا يجتمعان معا إما بالمجمع السياحي وإما بمنطقة ” الوالدية ” القريبة من هناك، وأن الدركي كان يستضيف العديد من أصدقائه لقضاء أوقات ماجنة بالمجمع السياحي، وأنه قبل شهر أو يزيد حضر ومعه شخص سبعيني، يحمل علامات الوقار والثراء والتحضر، بلباسه ونظاراته الطبية السميكة التي تدل على تعلمه، حيث قضوا جميعا وقتا في الحديث العام ومعه قاموا بجولة تعريفة للمجمع ومحيطه والمناطق المجاورة له التي تحيط بها رمال ذهبية وأمواج المحيط التي لا تبعد عن المجمع سوى بأمتار قليلة، وهو ما أثار إعجاب الرجل الذي يناديه الدركي ” سيدي الحاج “، حيث أبدى انبهارا بجمال الطبيعة وهدوءها وبعدها عن الطريق الساحلية.
صاحب المجمع السياحي يضيف للمحققين بأنه وبعد ذهاب “الحاج” بيومين، اتصل به الدركي ” خ “، وضرب معه موعدا، وعند اللقاء، كانت المفاجئة، فالدركي سيعرض على صاحب المجمع، عملية غير مكلفة ستدر عليهما ما يزيد عن 200 مليون سنتيم، أي 550 درهم عن كل كلغ من الحشيش سيتم تهريبه من هناك، خصوصا أن المكان معروف برواجه السياحي وبالتالي فعيون المراقبة ستكون بعيدة عن المكان، والعملية سهلة ومضمونة وبدون عواقب.
أبدى صاحب المجمع موافقته وتردد ، لكنه وبما أن مخاطبه ينتمي لجهاز الدرك الملكي، فإن معلوماته ونصائحه ستكون سليمة وصحيحة، فكانت الموافقة الكاملة، لكن هنا سيكتشف بأن “الحاج” مجرد وسيط لأباطرة المخدرات، وأنه هو الآخر له نصيب من مبلغ العملية، فكان أن طالب برفع الثمن، لكن الدركي أخبره بأنها البداية وأنه مستقبلا سيتعامل مباشرة مع الأباطرة، لتنطلق فصول العملية بالتأكيد على أن الشاحنة ستنطلق من الشمال محملة بالحشيش ومعها الزورق والمحركين، وأن الأمر يحتاج لعمال ثقة، حيث تكفل الدركي بإحضار شباب من مدينة الجديدة متمرس على هذه العمليات،بل قام الدركي أيضا بالتفاوض مع صاحب السيارة “بيكوب” الذي سيقوم بنقل كميات البنزين دون إثارة الإنتباه.
وفعلا كان التحضير يتم بشكل جيد، اتصالات مباشرة بين الدركي و” م – ك” صاحب المجمع السياحي، رغم بعض التوقفات التي كانت تقع بفعل أن الدركي كان يماطل في إعطائه حصته من المبلغ المتفق عليه، وكذا تغيير تواريخ وصول الشحنة وتواريخ الإبحار، لدرجة أن الأمور كادت أن تتوقف بفعل الشك الذي ظل يساور صاحب المجمع السياحي من تضارب أقوال الدركي حول اتصالاته بسيدي “الحاج ” كما يلقبه الدركي، وكذا لملاسنات كانت تقع بين الفينة والأخرى بين الثلاثة حول أوامر تأتيهم من صاحب الشحنة الحقيقي الذي كان يعطي أوامره للدركي ولصاحب المجمع عبر “الحاج”.
البحث التمهيدي الذي يعتبر الكثير مما فيه سريا لضرورة البحث القضائي، ولكون السلطات الأمنية لازالت تبحث عن “الحاج” الذي سيقود حتما لصاحب الشحنة ولمن معه، لكن ذلك لم يمنع من تقديم المعتقلين للمحكمة الابتدائية، فيما تم تقديم الدركي أمام محكمة الاستئناف، حيث كانت البداية بتاريخ 08 شتنبر، ومنها تم تأجيل القضية إلى يوم الثلاثاء 22 شتنبر.القضية التي لازال أصحابها يقبعون في السجن، ولا زالت التحريات مستمرة من خلال هواتف المعتقلين ومن خلال مذكرة بحث وطنية في حق المسمى “الحاج” .
وعلاقة بالموضوع، دخلت الجمعيات الحقوقية بآسفي على الخط، متسائلة عن كيفية وصول هذه الكمية الكبيرة المحمولة على شاحنة إلى منطقة البدوزة رغم كثرة السدود الأمنية التي يعرفها المغرب بسبب جائحة كورونا كوفيد 19 ،ومن هم الأباطرة الحقيقيون وراء هذه العملية، حيث طالب التكتل الحقوقي الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بأسفي بالبحث في القضية وتنوير الرأي العام بإصدار بلاغ في الموضوع و معاقبة الجناة بأشد العقوبات ردعا لهم وعبرة لغيرهم.

> حسن عربي

Related posts

Top