بيان 24 تحاور جمال كريمي بنشقرون وكيل اللائحة الوطنية للشباب لحزب التقدم والاشتراكية

> ماهي تصورات حزب التقدم والاشتراكية لمواجهة المشاكل التي يتخبط فيها الشباب المغربي؟
< نعتبر أن الحملة الحالية واللقاءات المباشرة مع المواطنين حول البرنامج الانتخابي للحزب، تمثل مناسبة للنقاش حول القضايا التي تشغل الشباب وعلى رأسها قضية التعليم الذي يعد جوهر وقاطرة التنمية، فبدون تعليم جيد لا يمكن أن نصبو إلى تنمية حقيقية. ومن هنا نضم صوتنا في حزب التقدم والاشتراكية إلى أصوات الشباب التي ارتفعت مؤخرا على مواقع التواصل الاجتماعي للمطالبة بإعادة الاعتبار للمدرسة العمومية ومجانية التعليم. وهذا لا يعني أننا ضد التعليم الخصوصي الذي يلعب دورا مكملا ومساعدا، ولكن لا يجب بأية حال أن يشكل بديلا عن التعليم العمومي الذي يجب أن يبقى هو الأصل وأن يحظى بالأولوية، عوض ما نراه حاليا من إفراغ المدرسة العمومية من مضمونها جراء المشاكل العديدة التي تتخبط فيها. ونتيجة لهذا الواقع أصبحنا نشهد اليوم عملية خطيرة لتفييء المجتمع إلى طبقة متوسطة تفضل تعليم أبنائها في المدارس الخصوصية، وطبقة أخرى فقيرة يتكدس أبناؤها في المدارس العمومية أو يضطرون لمغادرتها لأسباب معروفة. وهو ما قد ينعكس في شكل موجة من الحقد والكراهية الاجتماعية لا  نستطيع أن نتصور كيف ستكون محصلتهما مستقبلا. بل هناك حاليا بالفعل بوادر حرب اجتماعية مؤشراتها انتشار العنف والمخدرات والفساد والجريمة في المدارس، وكل ذلك يؤثر سلبا وبصفة قوية على جهود الدولة التي يجب أن تتحمل مسؤوليتها في دعم الشباب، كثروة لامادية وبشرية كبيرة، بما أنهم يشكلون نسبة كبيرة من المجتمع، ولكن لا يستثمر فيها بالشكل المطلوب من خلال سياسات عمومية ملائمة.
نفس الملاحظة تسري على المجال الثقافي والتربوي بحيث مازلنا نفتقر بشدة إلى بنيات كافية وبرامج ناجعة لتأطير الشباب على هذا المستوى. وهو الأمر الذي يستدعي بالطبع رفع ميزانية وزارة الثقافة ووزارة الشباب والرياضة، وتفعيل دور المجتمع المدني في النهوض بالأنشطة الموجهة للشباب وتعزيز تكوينهم الثقافي ووعيهم الاجتماعي.
في مجال التشغيل أيضا، طالبنا وما نزال بخلق نوع من التلاقي والانسجام والتكامل بين التكوين وحاجيات سوق الشغل. فمن غير المعقول أن تصرف الدولة إمكانات ضخمة من أجل تعليم وتكوين أبنائها وشبابها، ولكنهم لا يجدون في نهاية المطاف مناصب شغل ملائمة وكافية لامتصاص الطلب المسجل في هذا المجال.
وفي هذا السياق أيضا، لدينا ملف مطلبي وضعته الشبيبة الاشتراكية (منظمة شبيبة التقدم والاشتراكية) أمام المسؤولين بشأن دعم الشباب الذي يبحث عن الشغل ويواصل في ذات الوقت مسيرته الدراسية في الجامعة، وذلك من أجل تخفيف العبء على هؤلاء الشباب وعلى أسرهم، ومساعدتهم بالتالي على البحث عن الشغل. ولقد توفقت الحكومة الحالية في إحداث تعويض عن الشغل لأسباب اقتصادية، ونتمنى مستقبلا أن يتم النظر أيضا في مطلب خلق تعويض خاص بالطلبة الباحثين في الجامعة.

> كوكيل للائحة الشباب، كيف تعتزمون إقناع الشباب بالإقبال على صناديق الاقتراع يوم 7 أكتوبر ووضع حد لظاهرة العزوف السياسي لدى هذه الفئة؟
< لقد جاء إقرار اللائحة الوطنية للشباب، ضمن القوانين الانتخابية، كجواب عن إشكالية العزوف السياسي عند الشباب وتحفيزا لانخراطهم الواسع وإشراكهم في تسيير الشأن العام من داخل القبة التشريعية. وبالفعل يبقى هذا السلوك الانتخابي العازف عقبة كأداء أمام طموح التغيير والإصلاح السياسي الذي يمضي فيه المغرب. الأمر مرتبط في نظري بمشكلة أساسية تكمن في غياب أو ضعف التنشئة السياسية للشباب التي يجب أن تبدأ في مرحلة مبكرة ضمن منظومة التربية والتكوين، من خلال إدماج برامج تقرب الشباب من أساسيات دولة المؤسسات وتعرفهم على القوانين الوطنية وأبجديات المشاركة في تسيير الشأن العام الوطني والمحلي. وقد نادينا بهذا المطلب في مناسبات متعددة ونحن نعيد تأكيده اليوم من هذا المنبر. فمن العار والعيب أن شابا يافعا يصل إلى مستوى الثانوي أو الجامعي لا يعرف أي شيء عن الأحزاب السياسية وكيفية تشكيل البرلمان ولا يفرق بين مكونات المجتمع المدني من أحزاب ونقابات وجمعيات، بحيث يصبح من الصعب التواصل مع هؤلاء الشباب وإيصال الرسالة السياسية إليهم. ونحن نترحم على زمن كانت فيه المؤسسات التعليمية والجامعية محضنا لحلقات النقاش السياسي والتكوين الموازي الذي مكن الجامعة من إفراز نخبة من الأطر الشابة، آنذاك، تمكنت من ريادة المجتمع في مستويات متعددة، وكانت أيضا بمثابة نخبة وطنية اضطلعت بمسؤولية القيادة السياسية والتأطيرية لهذا المجتمع.
بالنسبة إلينا كشباب نشتغل ضمن الشبيبة الاشتراكية، (شبيبة حزب التقدم والاشتراكية)، وضمن منظمة الطلائع كتنظيم مواز يعنى بشؤون الطفولة واليافعين، نبذل قصارى جهودنا طوال السنة، وليس فقط خلال المحطات الانتخابية، من أجل التأطير والتكوين الموجه للشباب واليافعين، وكذا لتقريب وجهات النظر وتوسيع النقاش حول دور الشباب وضرورة انخراطه في الحياة الاجتماعية والسياسية. وبطبيعة الحال، تشكل الحملة الانتخابية فرصة كبيرة وجديدة لمواصلة هذا العمل التواصلي والتأطيري للشباب، من خلال مناقشة القضايا التي تهمنا جميعا وكذا طموحاتنا للمساهمة في العمل على معالجة هذه القضايا ومشاركتنا في إفراز نخبة سياسية جديدة وفاعلة تواصل مسيرة التقدم والتنمية، وذلك عبر التوجه بكثافة إلى صناديق الاقتراع والتصويت على المرشحين الذين يعبرون عن قناعات الشباب ويخدمون قضاياهم.
> بمناسبة الحديث عن الحملة الانتخابية، هناك مفارقة مهمة تخص الشباب وتتمثل في أننا نجد، مقابل ظاهرة العزوف عن التصويت، ظاهرة أخرى مناقضة وهي استغلال الشباب من قبل تجار الحملات الانتخابية، وكذا مغازلتهم إما من خلال خطاب مادي ووعود كاذبة أو خطاب عاطفي وعدمي. كيف تنظرون كشباب إلى هذه المفارقة؟
< بالفعل، هذه حقيقة واقعة للأسف. وهي ترجع إلى عدة اعتبارات متشابكة. أول هذه الاعتبارات مرتبط بالوعي السياسي لدى الشباب. فنحن نعلم أننا عندما نخاطب الشباب اليوم فنحن لا نتحدث إلى شباب غير مطلع على مجريات الأمور في المشهد السياسي الوطني، إذ أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي تلعب دورا غير مسبوق في ترويج الأخبار والمعلومات والتعليقات والتحاليل على هذا المستوى. ولكن المشكل يكمن في أن هذا النوع من التواصل يظل عشوائيا إلى حد كبير وغير واع وغير مؤطر بالشكل المطلوب، وغير مستند إلى ميكانيزمات موضوعية للتواصل والعمل السياسيين. وبالتالي فإن الخطاب المروج في هذا الصدد يظل في أغلبه خطابا عدميا وغير بناء، لأن البناء والإصلاح لا يلتقيان مع العدمية السياسية التي نحن ضدها ونحاربها بقوة كشباب يسعى إلى فعل حقيقي في الحياة السياسية.
من جانب آخر، فإن ظاهرة استغلال الشباب في الحملات الانتخابية مرتبطة أيضا بضروب المعاناة التي يعيشها الشباب في ظل البطالة والفقر والحاجة. وبالتالي فمن الأكيد أن تجار الانتخابات يستغلون هذا الوضع ويعملون على توظيف أكبر عدد من الشباب غير المؤطر في حملات مدفوعة الأجر تتخللها مظاهر الرشوة والفساد الانتخابيين. هذا واقع مر حقا، ولا يمكن مواجهته إلا من خلال معالجة الأسباب الاجتماعية المؤدية إليه.
ومما يزيد من حدة تفشي الظاهرة كذلك، العجز الكبير الذي تعيشه الأحزاب خلال الحملات الانتخابية من حيث تقديم مرشحين شباب هم مناضلون حقيقيون قادرون على التوجه إلى الشباب بخطاب عقلاني وواقعي وبحلول نابعة من معايشة فعلية لمشاكلهم ومعرفة واعية بوضعياتهم. وهذا يصعب مهمتنا كشباب مرشح للانتخابات، ولكن التجربة تؤكد أيضا أن شبابنا مستعد للإنصات ومنفتح على الخطاب العقلاني، حيث نتمكن بالفعل من إقناع العديد من الشابات والشبان بالانخراط معنا في العمل السياسي المسؤول، سواء أثناء نقاشنا معهم في لقاءاتنا الحزبية والشبابية طوال السنة، أو بمناسبة الحملات التي تسبق الاستحقاقات الانتخابية. وبالتالي فنحن نعقد آمالنا على شبابنا المغربي من أجل أن يعبر عن وعيه الكبير ويبين عن سلوك سياسي وانتخابي إيجابي سواء خلال الحملات أو أثناء عملية التصويت.

> أنت تتحدث عن فئة مسحوقة ومستغلة، ولكن هناك فئة أخرى من الشباب العازف عن المشاركة السياسية ليس للأسباب التي ذكرتها بقدر ما يعلل موقفه بغياب آليات دمقرطة حقيقية للمشهد السياسي وللحياة الحزبية الداخلية، ويتحجج بعدم إعطاء الشباب كلمته وحقه في هذا المشهد، والاقتصار على سلطة المال والمحسوبية؟
< نعم، ما أكبر هذه الفئة أيضا للأسف، وأنا أسميها النخبة الشبابية المتوسطة والمستقيلة، مستقيلة عن أداء دورها في المجتمع بمحض إرادتها، فهي تشكل خطورة أكبر على استمرارية ونجاعة العمل السياسي. ذلك أن هذه الطبقة هي التي يعول عليها من أجل تجاوز واقع الأزمة عن طريق تحريك دينامية التفاعل بين ما يسمى في مصطلحات التواصل السياسي بطبقة الرعاع والطبقة الحاكمة، وذلك من خلال لعب هذه الطبقة المتوسطة لدورها التواصلي والتأطيري والتكويني. هذا الدور الهام والاندماجي لعبته النخبة المثقفة في مرحلة سابقة حيث اضطلع به الأساتذة الجامعيون والمهندسون والأطر الشابة في مختلف المجالات، لكن في زمننا هذا، أصبحت هذه الفئة بعيدة عن هذا الدور، بحيث تجد نفسها مرتاحة ماديا واجتماعيا، وبالتالي فهي تنظر بنظرة غير إيجابية لما يعتمل داخل المجتمع، وتنتقد من الخارج وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، دون أن تأخذ المبادرة من أجل المساهمة الفعلية في تغيير الأوضاع إلى الأفضل… لهؤلاء أقول، لا يا سادتي، عليكم أن تنخرطوا في المنظومة وتجتهدوا في تغيير الأوضاع من الداخل، عليكم أن تنخرطوا وتعودوا إلى لعب أدواركم كاملة في المجتمع… كفانا من التشرذم الفكري والسياسي.. والضعف والتشتت الحزبيان اللذان نعيشهما حاليا راجعان أساسا إلى ضعف انخراط النخب وعدم اندماجها في عملية التأطير… ولذلك فنحن في حاجة ماسة إلى كل الشباب بمختلف قدراتهم ومؤهلاتهم، ككتلة بشرية وناخبة مهمة، من أجل الارتقاء بالخطاب والممارسة السياسيين.
إنها العلاقة الجدلية بين ضرورة الانخراط والمشاركة وبين وجود الصراع المجتمعي والتدافع الحقيقيين اللذين يمكنان من إفراز نخبة سياسية قوية وحكومات قوية ورفع رهانات أقوى. وتعد الديمقراطية الداخلية للأحزاب جزء من هذه المنظومة، إذ كيف يمكن أن يجلب الحزب إليه شابات وشبانا يطمحون إلى المشاركة السياسية فيجدون أمامهم صراعات وممارسات غير سليمة وتدافعا غير عادل، فهذا الوضع لا يمكن أن يفرز بالتالي إلا شبابا خاضعا خانعا تابعا، وليس هذا ما نريده، لأننا في حاجة إلى شباب متمرد وعنفواني وقادر على الإفصاح عن آرائه وأفكاره بكل جرأة وقوة، لذلك يجب أن لا يقمع هذا الشباب وأن تعطى له حرية التعبير والمعارضة، فلا فائدة في مؤسسات لا تعرف فيها المعارضة طريقها إلى التعبير عن نفسها. طبعا نحن لا نتحدث هنا عن بعض السلوكات الانتهازية والوصولية لأشخاص ينتمون إلى الهيئات السياسية ليس من أجل النضال بل من أجل بلوغ أهداف معينة، وعندما لا يتاح لهم ذلك ينتقلون إلى صف المعارضة الداخلية ويشرعون في استغلال مواقع التواصل الاجتماعي في شن حملات متحاملة على الهيئات والأشخاص ويعملون بانتقاداتهم على هدم المنظومة عوض المساهمة في البناء.

> كيف تصف أجواء الحملة الانتخابية التي تخوضونها ضمن اللائحة الوطنية لحزب التقدم والاشتراكية؟
< كما هو معلوم، أطلقنا يوم الأربعاء المسيرة الكبرى لحملة اللائحة الوطنية للحزب، التي تضم النساء والشباب، من مدينة سلا، وذلك بحضور قياديي ووزراء الحزب وممثليه ومناصريه في المنطقة. وكانت انطلاقة نوعية وذات دلالات، علما أنها جاءت في ظل الغياب المفاجئ والمؤسف للائحة المحلية كما تعلمون، وبالتالي فقد كانت هذه الانطلاقة مناسبة للقاء مع المواطنين وتأكيد ثبات الحزب على مواقفه المبدئية، كما عهدته مدينة سلا، المدينة التاريخية والسياسية والمناضلة. وبعد مدينة سلا، تواصل قافلتنا مسارها عبر ربوع الوطن بالتوقف في مختلف المناطق وفي المدن الكبرى من شمال المغرب إلى جنوبه. وبالطبع تضم القافلة نخبة من النساء والشباب الذين اختارهم حزب التقدم والاشتراكية لتمثيله ولتقديم خطاب سياسي قوي فاعل ومتفاعل مع قضايا النساء والشباب، ومع هموم عموم المواطنات والمواطنين، في إطار تلاحم الحزب الدائم مع انشغالاتهم وطموحاتهم.

حاورته:  سميرة الشناوي

Related posts

Top