أكد وسيط المملكة محمد بنعليلو، مؤخرا بالرباط، أن تجاوز اختلالات الارتفاق العمومي رهين بتجسيد الإدارة لمنظور متطور ومبدع قائم على الذكاء الإداري والمؤسساتي لدى التفاعل مع متطلبات المواطنين وانتظاراتهم.
وأوضح بنعليلو، في افتتاح اللقاء التواصلي السنوي لمؤسسة الوسيط مع المخاطبين الدائمين لمختلف الإدارات والمؤسسات العمومية، أنه يتعين أن تتجسد العدالة الارتفاقية من خلال الشعور بالمساواة، عند طلب الخدمة لدى المرفق العمومي، والإحساس بتكافؤ الفرص عند التنافس أمامه، داعيا إلى تجاوز الاقتصار على الردود الآلية المتمثلة في الاكتفاء بتحرير مراسلة لا تنصب على عمق المشكل المطروح، أو الاكتفاء بإصدار قرار شكلي يفتقد إلى أي مجهود في إيجاد حلول لاحتياجات المواطنين.
وجدد بنعليلو، خلال هذا اللقاء المنعقد تحت شعار “20 سنة من العمل المشترك من أجل ارتفاقية أكثر إنصافا”، دعوته إلى مختلف القطاعات الإدارية المعنية لإيلاء مزيد من العناية لسياسات القرب من المرتفقين، والإنصات الجيد لمطالبهم والتجاوب مع اهتماماتهم، من أجل تقوية الثقة في المرفق العمومي، ورأب الصدع القائم بين الإدارة والمرتفق بسبب ترسبات قديمة بآثار متجددة.
وفي ما يرتبط برصد وتتبع مكامن الضعف والخلل في أداء الإدارات والمرافق العمومية، أفاد وسيط المملكة بأن تقرير سنة 2021 وقف على ممارسات وسلوكيات إدارية غير مرضية في تعامل الإدارة مع المرتفقين، أو مؤثرة في جودة الارتفاق العمومي، مبرزا أن الغاية من هذا الرصد والتتبع لا تكمن في مجرد تشخيص أوجه القصور، بل تبتغي إثارة الانتباه لما يتعين الاشتغال عليه وتطويره وتجويده في الأداء العام للمرافق العمومية.
ومن بين مكامن الخلل، قال بنعليلو إن المؤسسة وقفت على مجموعة من الاختلالات من قبيل الصعوبات التدبيرية الناتجة عن تغيير هيكلة الحكومة والمساس بمبدأ استمرارية المرفق العمومي، والاختلالات ذات الصلة بالحق في الجواب على المراسلات والتظلمات والطلبات، مسجلا في هذا الصدد أن 393 مراسلة بقيت بدون جواب، وسيادة ثقافة إدارية قائمة على شكلانية الجواب، وعدم الاهتمام بظروف الاستقبال، فضلا عن اختلالات عدم تنفيذ الأحكام الصادرة في مواجهة الإدارة وأشخاص القانون العام.
وأكد أن التقرير، على مستوى المواضيع المؤطرة لأداء الإدارة، رصد ثلاثة اختلالات رئيسية تتمثل في بطء تنزيل متطلبات اللاتمركز الإداري، وتأخر إصدار مراسيم وقرارات تنظيمية، وفك العزلة والعدالة المجالية.
وقال بنعليلو إن المبادرة التلقائية للمؤسسة شكلت تجليا إضافيا لحرصها على تفعيل كل صلاحياتها، إذ تضمنت المقترحات المقدمة مواضيع وجوب التفكير في خلق مرصد لدراسة واقع عدم اللجوء إلى بعض الخدمات المرفقية المتوفرة، ووجوب إحداث آلية تشريعية لتفعيل ثقافة الاعتذار لدى الإدارات العمومية، ووجوب إيجاد قائمة مرجعية للتقييم الذاتي لعلاقة الإدارة بمرتفقيها.
ولم يفت وسيط المملكة التنويه بالارتفاع الملحوظ في عدد التقارير السنوية للمخاطبين الذي بلغ 69 تقريرا، وبالتطور الحاصل في طريقة إعدادها، مما يعكس الإرادة في جعل العلاقة بين المرفق العمومي والمرتفق تعرف تحولا ملموسا يستشعره المواطن، وجعل الأنماط السلوكية داخل الإدارة، تترجم بوضوح وبفعلية المفهوم الجديد للسلطة كما ابتغاه جلالة الملك محمد السادس.
وعرف هذا اللقاء التواصلي حضور عدد من المفتشين العامين لمختلف القطاعات الوزارية وممثلين عن المؤسسات العمومية، الذين نوهوا بالعلاقة القائمة بين إداراتهم ومصالح مؤسساتهم مع مؤسسة الوسيط، وبالتفاعل الجاد من أجل إيجاد حلول حقيقية لتظلمات وطلبات وشكايات المرتفقين في علاقاتهم بالإدارة.
تجاوز اختلالات الارتفاق العمومي رهين بتجسيد منظور متطور ومبدع لدى التفاعل مع انتظارات المواطنين
الوسوم