تجدد الاحتجاجات السلمية ضد جواز التلقيح بعدة مدن

تجددت، أول أمس الأحد، المظاهرات الاحتجاجية السلمية في عدة مدن، شارك فيها مئات المعترضين على إلزامية التلقيح ضد وباء كوفيد 19، وذلك تلبية لدعوات احتجاج طيلة الأسبوع، على مواقع التواصل الاجتماعي.
في مدينة الدار البيضاء، تدخلت قوات الأمن بأعداد كبيرة لفض وقفة احتجاجية عارمة بساحة السراغنة ودرب السلطان، شارك فيها المئات من المحتجين ضد فرض “جواز التلقيح” كشرط حصري لولوج الفضاءات العمومية والخاصة، ومنع التنقل بين المدن والعمالات على غير الملقحين.
وردد المتظاهرون خلال هذه الوقفة شعارات مناهضة لإلزامية التلقيح والمس بالحريات، من قبيل “الشعب يريد إسقاط الجواز”.
وألقى بعض المشاغبين بالحجارة في اتجاه الشرطة التي كانت تعمل جاهدة لتفرقة جموع المحتجين.
هذا وقد أوقفت القوات العمومية عددا من المتظاهرين واقتادتهم إلى سيارات الشرطة المرابطة بكثرة بعين المكان.
في السياق نفسه، منعت السلطات وقفة احتجاجية مماثلة كانت مقررة بساحة الأمم المتحدة بوسط المدينة.
وضربت القوات العمومية التي كانت في حالة تأهب قصوى منذ الصباح، طوقا أمنيا حول هذه المنطقة التي اعتاد عليها المتظاهرون في تنفيذ احتجاجاتهم السلمية ضد “الجواز”.

واتخذت السلطات ترتيبات أمنية استباقية لمنع تجمهر الناشطين واعتراض سبيلهم قبل أن يصولوا إلى عين المكان الذي تم إعلانه بعد ذلك منطقة مغلقة تماما.
وعاينت بيان اليوم، فرقا مكونة من عناصر من قوات التدخل السريع موزعة في عدة شوارع من بينها “شارع محمد الخامس”، لاعتراض سبيل الناشطين ومنع أي تجمهر قد يستغل كشرارة لانطلاق الاحتجاجات.
وبدورها، شهدت مدن فاس وطنجة والرباط وحواضر أخرى مظاهرات احتجاجية سلمية مماثلة، ضد اعتماد جواز التلقيح والمس بالحريات. وقد عرفت هي الأخرى توقيفات واعتقالات في صفوف المتظاهرين.
وأجمع نشطاء في تصريحاتهم لبيان اليوم، على رفض إجبارية الإدلاء بجواز التلقيح للتنقل والولوج إلى الفضاءات والمؤسسات العمومية والخاصة، معتبرين ذلك مسا بالحريات الشخصية وتساءل أحد المناهضين لاعتماد “الجواز”، كيف يعقل أن يمنع الدخول إلى المطاعم والمقاهي والمحلات التجارية والحمامات، على غير الملقحين بذريعة عدم توفرهم على الجواز؟، أليس هذا تمييزا بين المواطنين على أساس التطعيم الذي يعد اختياريا؟، يقول هذا المواطن مؤكدا، على “حق الاختيار بين التطعيم من عدمه على المستوى القانوني والدستوري”.
هذا، ومنذ اندلاع الاحتجاجات السلمية لإسقاط “الجواز” تراجع الإقبال الذي كان مكثفا على مراكز ونقط التلقيح على إثر تنفيذ القرار الحكومي القاضي باعتماد “الجواز”، ليتضاءل أكثر
بعد نشر أشرطة على مواقع ووسائط التواصل الفوري، تفيد بتعرض ملقحين بمضاعفات وحالات مستعصية وإلى وفيات.
وكرد على هذه المزاعم، خرج البروفيسور مصطفى الناجي، الخبير في علم الفيروسات بكلية الطب بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، بتصريح صحافي، يؤكد أن هناك أخبارا مغلوطة بشأن الجرعة الثالثة ومضاعفاتها، تسببت في تراجع الإقبال على التطعيم، موضحا، أنه لا أساس علمي لهذه الأخبار المزعومة، ولا علاقة بين التطعيم والشلل.

وأكد الناجي في تصريح إعلامي، على براءة اللقاحات المضادة لكورونا من هذه الاتهامات الباطلة، مشددا في نفس الوقت، على فعالية اللقاحات ونجاعتها في مواجهة الفيروس، وعلى خلوها من أي أضرار بصحة وسلامة المواطنين.
ودعا الناجي المغاربة إلى الإقبال بكثافة على أخذ اللقاح لأنه السبيل الوحيد للوصول إلى المناعة الجماعية والعودة للحياة الطبيعية.
من جهة أخرى، تتواصل الحملة الوطنية للتلقيح ضد الجائحة في ظروف عادية، وقد بلغ عدد الملقحين بالجرعة الثالثة، إلى غاية أول أمس الأحد، مليون و 523 ألف و603 أشخاص، بينما وصل عدد الملقحين بالجرعة الثانية إلى 22 مليون و256 ألف و697 شخصا، فيما بلغ عدد متلقي الجرعة الأولى 24 مليون و312 ألف و875 شخصا.
أما في جديد الوضعية الوبائية المرتبطة بكورونا خلال الـ 24 ساعة الماضية، فتم تسجيل 89 إصابة جديدة و196 حالة شفاء، و7 وفيات .
ورفعت الحصيلة الجديدة العدد الإجمالي لحالات الإصابة المؤكدة بالمملكة إلى 947 ألف و396 حالة منذ الإعلان عن أول حالة في 2 مارس 2020، فيما بلغ مجموع حالات الشفاء التام 928 ألف و641 حالة بنسبة تعاف تبلغ 98 في المائة، بينما ارتفع عدد الوفيات إلى 14 ألف و713 حالة وبنسبة فتك قدرها 1.6 في المائة.
ووصل مجموع الحالات النشطة إلى 4042 حالة، فيما بلغ عدد الحالات الخطيرة أو الحرجة الجديدة 7 حالات خلال الـ24 ساعة الماضية، ليصل مجموع هذه الحالات إلى 204 حالات، منها 8 حالات تحت التنفس الاصطناعي الاختراقي. وبلغ معدل ملء أسرة الإنعاش المخصصة لكوفيد 19، نسبة 3.9 بالمائة.

■ سعيد ايت اومزيد
< تصوير : أحمد عقيل مكاو

**********

حمضي: عدم الإقبال على التلقيح يهدد الأمن الصحي والاقتصادي للمواطنين

أكد الطيب حمضي، الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية، أول أمس الأحد، أن التلقيح هو أحد أدوات التدخلات الطبية غير الدوائية التي تتيح العودة السريعة والآمنة للحياة الطبيعية.
وأضاف حمضي، في مقال تحت عنوان “مقترحات لتقوية الجرعة المعززة للتضامن والثقة”، أن إقبال المترددين على التلقيح، وإقبال الفئات ذات الأولوية على تلقي الجرعة الثالثة، يوفر السلامة لهؤلاء ولمحيطهم ومجتمعهم، ويساهم في إنعاش الاقتصاد وتسريع العودة للحياة الطبيعية.
وأشار إلى بروز العديد من التحديات التي تهدد الأمن الصحي والاقتصادي للمواطنين، منها الموجة الوبائية المرتقبة والمرتبطة بفصل الشتاء، والتي تضرب أوروبا الآن، والطفرات والمتحورات الجديدة، مبرزا أن المعطيات العلمية والميدانية تؤكد أن تسريع الحملة الوطنية للتلقيح لتشمل أكبر عدد ممكن من المواطنين المغاربة، وبلوغ نسبة 80 في المائة من الساكنة الملقحة، يبقى الخيار الوحيد للعودة إلى الحياة الطبيعية.
وأكد على ضرورة بذل الجهد لتلافي العودة إلى القيود الصارمة من قبيل الحجر الصحي والتعليم عن بعد وتعطيل الاقتصاد، بسبب التطورات الوبائية المفاجئة، مشيرا إلى أن خیار رفع الإجراءات التقييدية كليا غير وارد حاليا بسبب عدم كفاية نسبة التغطية باللقاح التي تضمن عدم تعريض المنظومة الصحية لضغوط تفوق طاقتها الاستيعابية.
وأضاف حمضي أنه يوجد في المغرب بضعة ملايين من المتخلفين عن تلقي اللقاح بسبب تخوفات مشروعة، خاصة في ظل هذه الأزمة الصحية غير المسبوقة، مبرزا أن أساس نجاح المملكة في تخطي أشد مراحل الجائحة خطورة بأقل الخسائر يتمثل في الاعتماد على العلم والثقة والاستباقية.
ومن أجل تعزيز ثقة المواطنين في اللقاح، دعا حمضي إلى التواصل الدائم مع الساكنة في ما يتعلق بسيرورة عملية التلقيح، وتطورات الوضعية الوبائية، مع اعتماد جواز التلقيح في الأنشطة غير الأساسية وتعميمه، بشكل تدريجي، على الأنشطة الأخرى.
كما دعا إلى إقرار مزيد من الإجراءات التخفيفية بشكل تدريجي وآمن بالنسبة للملقحين ولفائدة المقاولات والأنشطة الاجتماعية والاقتصادية، وربط ذلك بالجواز الصحي وإعطاء معنى وقوة لهذا الجواز، مؤكدا على أهمية فك الارتباط، في الوقت الحالي، بين الجواز الصحي والجرعة الثالثة، وربط ذلك بتطور المعطيات في الأسابيع والأشهر المقبلة وطنيا ودوليا بشكل تناسبي مع هذه المعطيات.
وأكد، في هذا السياق، أن حدود وشروط ومجالات استعمال جواز اللقاح تختلف من بلد إلى آخر بحسب الحالة الوبائية الحالية وتطوراتها المحتملة، ومستوى التلقيح، وقدرة المنظومة الصحية على استيعاب الضغط، فضلا عن التزام الساكنة بالإجراءات الوقائية الفردية والجماعية والقدرة الاقتصادية،
وخلص حمضي إلى أن التلقيح، إلى جانب الإجراءات الوقائية، والأمل الذي تجلبه أخبار نجاحات بعض الأدوية المضادة لـ(كوفيد 19)، هي أساس الخلاص من هذه الجائحة، وأن الثقة والتضامن والانخراط الجماعي في هذه الجبهة سيمكن من العودة إلى الحياة الطبيعية وتحقيق الانتعاش الاقتصادي في الأشهر القليلة المقبلة.

Related posts

Top