تضامن ضد الحاجة

تتواصل فعاليات الحملة الوطنية للتضامن ضمن شعارها المركزي الكبير: (لنتحد ضد الحاجة)، والتي كان جلالة الملك قد ترأس مراسيم انطلاقها في دورتها الثالثة عشر يوم الجمعة الماضي ببوقنادل. لقد صار واضحا أن هذا التقليد التضامني الوطني بات يتكرس تدريجيا في منظومة سلوك المغاربة، فضلا على أنه صار موعدا سنويا لتركيز الاهتمام الوطني والإعلامي على القضايا الاجتماعية، وعلى مختلف أسئلة التنمية البشرية وتحدياتها، وكل هذا يندرج ضمن أهداف مؤسسة محمد الخامس للتضامن، راعية  المبادرة، والتي تأسست بغاية ترسيخ ثقافة التضامن لمحاربة الفقر والتهميش.
إن حملة التضامن (لنتحد ضد الحاجة) ليست عملا تنشيطيا عابرا، إنها تجسيد لقناعة ملكية راسخة بمحورية التنمية البشرية ضمن مسلسل الإصلاح والتأهيل المجتمعيين، وقد جاءت (المبادرة الوطنية للتنمية البشرية) لترسخ بدورها هذه القناعة، كما أن المجهود الحكومي في السنوات الأخيرة تجاه القطاعات الاجتماعية، وما راكمته البلاد من مكاسب سياسية وحقوقية لفائدة النساء والأطفال، وعلى مستوى مشاريع البنيات التحتية، كل ذلك يجعل حملة التضامن (التي تتواصل إلى غاية 30 نونبر الجاري) مكونا رئيسيا في الرؤية المجتمعية لمغرب اليوم.
ومع توالي دورات الحملة الوطنية للتضامن، صارت تبرز بعض الخاصيات المميزة لها، ومن أهمها أن الحملة تركز على إقناع الناس وتحسيسهم بأهمية المساهمة، وبالتالي تنادي عقولهم وضمائرهم قصد الالتفاف حول قيمة التضامن، باعتبارها شعورا إنسانيا وواجبا وطنيا ودينيا، وتكافلا اجتماعيا بين الأفراد والمجموعات، وهذه المنهجية مكنت من جعل الحملة تطوعا وانخراطا إراديا لكل فرد.
أما الخاصية الثانية، فهي أن القائمين على الحملة  ومسؤولي مؤسسة محمد الخامس للتضامن، يحرصون على بلورة شراكات مع جمعيات وتعاونيات محلية ، ومع منظمات تنموية واجتماعية، وبالتالي يساهمون في جعل الفئات الاجتماعية المستهدفة بدورها مشاركة وفاعلة في التفكير وفي الانجاز وفي المتابعة، وهذه الخاصية تستحق أن تكون درسا يستفاد منه في باقي البرامج التنموية والاجتماعية الأخرى، مثل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وأيضا حاجة بلادنا إلى برامج وأشغال جما عاتية كبرى تقوم على انخراط الساكنة ومشاركتها.
وتتجسد الخاصية الثالثة في حرص مؤسسة محمد الخامس على شفافية ماليتها، وعلى نشر كامل مدا خيلها ومجالات الصرف وكل الحسابات.
إن حملة (لنتحد ضد الحاجة) تقوم في تدبيرها إذن على ثقة الناس، وعلى إشراكهم وعلى إنجاز مشاريع ملموسة، وعلى شفافية التمويل، وهذا ما أكسبها انخراط المغاربة الكثيف في فعالياتها، وهنا الدرس الأهم.

*

*

Top