اعتراف المتهمة الرئيسية يشرع الباب على مصراعيه للكشف عن جناة جدد
تفاعلا مع التحقيق الذي نشرته بيان اليوم حول اختلاس ما يناهز 137 مليون سنتيم من رصيد مهاجر مغربي يدعى عمر نشيط والذي يبلغ من العمر حوالي 80 عاما، من أحد فروع البنك الشعبي بمدينة تطوان، عن طريق ست شيكات، قام أبناء الضحية، صاحب الحساب المخترق، بالتواصل مع جريدة “بيان اليوم”، من جديد، لتقديم تفاصيل جديدة حول طريقة النصب على والدهم الرجل المسن، المقيم بالديار الفرنسية.
الوثائق التي توصلت بها بيان اليوم تثبت بما لا يدع مجالا للشك، أن التوقيعات المضمنة بالشيكات غير مطابقة للمعطيات البنكية الخاصة بالتوقيع الموجود لدى البنك المذكور، والمتعلقة بالمشتكي، وذلك بناء على الفحوصات والمقارنات التي تم القيام بها على ثلاث شيكات من أصل ستة.
يقول أحد أبناء الضحية “إن أباه السيد عمر نشيط، سبق وقدم شكاية ضد مديرة الوكالة البنكية بتطوان، المدعوة (و. ب)، على إثر سحب أموال من حسابه باستخدام ست شيكات مزورة، مضيفا أن الجاني، آنذاك، كان يدرك بأن الضحية يقطن خارج المغرب، ويعلم بأنه رجل مسن.
وأكد ابن عمر نشيط أنه، قبل تقديم الشكاية، توجه، بمعية إخوته، إلى الوكالة البنكية لإيجاد حل مع مديرتها، إلا أن هذه الأخيرة رفضت جميع الحلول المقدمة إليها من طرف الضحية وأبنائه، بل الأنكى من ذلك، طلبت منهم، في حال ما إذا تم استجوابهم من طرف أحد المسؤولين الأمنيين، أن يصرحوا أن دفتر الشيكات ضاع ولم يسرق. لكنهم رفضوا رفضا قاطعا تدليس الوقائع، ما دفعها لسبهم وطردهم من الوكالة بدون إعطاء أي حجج عن الواقعة التي حصلت داخل الوكالة البنكية التي تديرها وتتحمل مسؤوليتها، وهذا ما دفع الضحية إلى تقديم شكاية ضدها لوالي بنك المغرب، وللنيابة العامة.
وأضاف ابن الضحية، في حديثه لبيان اليوم، أن البنك ملزم بالتحقق من صحة الشيك، ومطالب أيضا بالتحقق من مطابقة توقيع الساحب وصحته.
فموظف البنك، يقول المتحدث، عليه فحص مدى مطابقة التوقيع الموضوع على الشيك بنموذج التوقيع المعتمد لدى البنك. الأمر الذي يتطلب منه الاطلاع على كلا التوقيعين ومقارنتهما ببعضهما. وبذلك فالخطأ ثابت من طرف البنك لأنه لم يتم بذل العناية المعتادة في فحص الشيك المقدم إليه، خصوصا وأن الفرق بين التوقيعين واضح بشكل جلي، حسب الخبرة الخطية والتي قام بها معهد العلوم والأدلة الجنائية للأمن الوطني على ثلاث شيكات من أصل ستة:
– شيك بقيمة 82.000 درهم تحت رقم: AAA1550010
– شيك آخر بقيمة 120.000 درهم تحت رقم: AA1550011
– شيك ثالث بقيمة 200.000 درهم تحت رقم: AA1550012
وما يؤكد تواطأ المؤسسة البنكية، يقول ابن الضحية، هو أنه “لم يتم صرف شيك واحد بل تم صرف ست شيكات داخل مدة زمنية متقاربة”.
هذا، وسبق لجريدة بيان اليوم أن أشارت في مقال سابق إلى أن المشتكي تعرض لعملية نصب باستعمال دفتر شيكاته من طرف سيدة تدعى (س. م) والتي كانت تكتري محلا تجاريا منه، وكانت تتوفر على مفتاح بيته الذي سلمه لها من أجل العناية بالبيت، رفقة سيدة أخرى تشتغل عندها تدعى (م. م).
فقد قدم المشتكي شكاية ضد المتهمتين (س. م) و(م. م) وتم الاستماع لجميع الأطراف من طرف الضابطة القضائية، كما تم تفريغ مكالمة صوتية للمشتكى بها الثانية (م. م) من طرف المفوض القضائي والتي تضمنت تصريحات تفيد أن المتهمة الأولى (س. م) سلمتها ثلاث شيكات من أجل صرفها بحجة أنها لا تتوفر على البطاقة الوطنية… وأضافت أنها لا تعرف عمر نشيط، وأنها فعلا قامت بصرف 3 شيكات دون معرفة قيمتها، وسلمتها مباشرة للمشتكى بها الأولى (س. م) ولم تأخذ عمولة نظير هذا العمل الذي قامت به، بل توقفت عن الاشتغال معها لظروف عائلية…
وفي استماع للمتهمة (س. م) من طرف النيابة العامة، أكدت أنها تعرف عمر نشيط لأنها تكتري منه محله التجاري الكائن بتطوان مقابل سومة كرائية قدرها 4500 درهم. وخلال ذلك تعرفت على زوجته وأبنائه وربطت معهم علاقة صداقة وتبادل الزيارات. وبعدما توطدت علاقتها معهم بحكم أن المحل التجاري الخاص بالمعني يتواجد أسفل شقته، سلمها الضحية المفاتيح الخاصة بشقته وطلب منها أن تقوم بمراقبتها وفتح نوافذها والاعتناء بها، وبناء على طلبه كانت تتولى القيام بأعمال النظافة للمنزل قبل فترة قدومه من بلاد المهجر هو وعائلته.
يقول أحد أبناء الضحية لبيان اليوم، إن المتهمة ثبت في حقها التزوير من طرف معهد العلوم والأدلة الجنائية للأمن الوطني، وتم الاستماع إليها من طرف النيابة العامة، بل وتم سحب جواز السفر منها، دون أن يلقى القبض عليها. وتم بعد ذلك استئناف الحكم من طرف النيابة العامة لتصدر هذه الأخيرة مذكرة بحث في حقها. لكنها لازالت حرة طليقة تعيش حياة عادية وتقطن بمنزلها المصرح بعنوانه للسلطات المعنية، مبررا أقواله بمجموعة من الصور والفيديوهات التي توثق تحركات المتهمة جيئة وذهابا لقضاء أغراضها بشكل عاد. وقد تم التقاط هذه الصور وتسجيل هذه الفيديوهات بتاريخ 2024/05/26 علما أن مذكرة البحث صدرت عنها بتاريخ 2024/03/19. وهذا ما جعل ابن الضحية يطرح تساؤلات عديدة حول القضية مستغربا من بطء الإجراءات في حق المتهمة، وعدم تحمل البنك المسؤولية مع العلم أنه ثبت في حق المتهمة تزوير الشيكات وصدر أمر بالقبض عليها، بعد أن قام أبناء الضحية بتقديم شكاية للوكيل العام للمحكمة بتطوان والذي أصدر أمرا بتعميق البحث.
في السياق ذاته، أكد أبناء الضحية لبيان اليوم، أنهم قاموا بوضع العديد من الشكايات لدى بنك المغرب من أجل النظر في الجريمة التي اقترفتها عدة أطراف من ضمنها البنك الشعبي، ولكن دون جدوى، كما أكدوا أنهم تواصلوا كذلك مع القسم القانوني الجهوي للبنك الشعبي الذي فضل الصمت عوض البحث والتمحيص في اختلاس مبلغ يناهز 137 مليون سنتيم، مع علم البنك أن الخبرة الخطية تثبت بوضوح أن الشيكات المسحوبة مزورة.
هاجر العزوزي