أفاد تقرير صحفي أمريكي أن المغرب يوجد من ضمن الدول التي رفعت حجم الواردات النفطية الروسية خلال الأشهر القليلة الماضية تزامنا مع وقف أوروبا استيراد المنتجات النفطية الروسية.
وكشفت جريدة (وول ستريت جورنال الأميركية) أن المغرب من الدول التي ضاعفت وارداتها من المنتجات النفطية القادمة من موسكو، بعد توقف هذه الإمدادات إلى دول أوروبا، حيث بلغ معدل هذه الواردات أزيد من 2 مليون برميل من الديزل في يناير الماضي مقارنة بـ600 ألف برميل فقط عام 2021 بأكمله.
وأوردت ذات الجريدة أن المغرب وبعض دول شمال إفريقيا ودول أوروبا المطلة على البحر الأبيض المتوسط رفعت حصص الاستيراد خلال بداية العام الجاري، إذ من المرتقب أن تزيد هذه الحصة بشكل أكبر خلال الأشهر المقبلة.
وزادت الصحيفة الأمريكية المذكورة أن حجم الاستيراد المغربي ارتفع بشكل أكبر خلال فبراير الماضي، إذ من المتوقع أن يفوق حجم الاستيراد 3.2 مليون برميل خلال فترة فبراير ومارس الجاري.
هذا التقرير، أعاد إثارة الكثير من الجدل حول أسعار المحروقات بالمغرب التي ظلت مرتفعة بالرغم من كون السوق الوطنية، حسب ما أوردته مجموعة من التقارير، تعتمد على النفط الروسي الذي يتميز بتكلفة أقل بكثير من كلفة ما يتم استيراده من مناطق أخرى.
وتساءل الكثيرون حول أسباب استمرار ارتفاع أسعار المحروقات التي ما تزال فوق حاجز 13 درهما، في الوقت الذي تنخفض فيه تكلفة الاستيراد، وفق ما كشفته التقارير الأخيرة.
هذه التقارير، وضعت بعض الشركات في فوهة الاتهامات، حيث وجهت أصابع الاتهام لبعض شركات المحروقات التي تستورد المواد النفطية السائلة من موسكو لتلبية حاجيات السوق الوطني، بتزوير وثائق وشواهد مصدر الكازوال الروسي ليبدو كأنه آت من الخليج أو أمريكا وليتم بيعه بالسعر الدولي داخل التراب الوطني.
وتساءل الكثير من المتتبعين عن سر صمت الحكومة عما يروج من تقارير بشأن استيراد النفط الروسي الذي لا يتجاوز ثمنه 170 دولارا للطن، أي بأقل بـ70 في المائة من الثمن الدولي، وبيعه في السوق الوطني على أنه منتج نفطي قادم من أمريكا أو الخليج، وبسعر مرتفع.
هذه الضجة، وصلت إلى البرلمان عبر سؤال وجهه أحد نواب المعارضة، الذي ساءل الحكومة عن هذه العملية وحول الأرباح التي تحققها بعض شركات المحروقات بالمغرب والتي اعتبرها النائب أرباحا طائلة.
ولفت ذات السؤال البرلماني أن هذا التزوير في الوثائق يحدث بتواطؤ صريح للشركة المسيرة لمخازن الوقود بميناء طنجة المتوسط وبعيدا عن مراقبة الأجهزة المالية للدولة، داعيا إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لضبط مصادر استيراد الوقود الذي يباع في السوق الوطنية وضبط ثمنه.
وتعليقا على ذلك، قال رشيد حموني رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب إن المعطيات التي كشفت عنها مجموعة من التقارير الإعلامية الدولية، وفي مقدمتها ما كشفته جريدة (وول ستريت جورنال الأميركية)، وكذا ما يروج بوسائل التواصل الاجتماعي، «أمر خطير للغاية ويطرح الكثير من التساؤلات».
وأضاف حموني في تصريح لـ»بيان اليوم» أن الأخطر من هذه المعطيات هو الصمت غير المفهوم وغير المبرر للحكومة حول طبيعة هذه الاتهامات، معتبرا أن الأمر خطير ويحتاج إلى تفاعل وتواصل وتوضيح في الوقت الذي تركن فيه هذه الحكومة إلى الصمت، مردفا أن هذا الأمر يمكن فهمه بـ»السكوت علامة الرضا».
واستغرب حموني من سياسة الصمت التي تنهجها الحكومة في عديد من الملفات وإزاء كثير من الاتهامات، معتبرا أن هذا الملف الأخير المرتبط باستيراد النفط الروسي بثمن أقل وبيعه بوثائق مزورة على أنه نفط قادم من جهات أخرى، كما يروج، ليس ملفا عاديا، ولا يمكن مقابلته بهذا الصمت، الذي يضفي صفة خطيرة على صبغة الاتهامات، خصوصا وأنه أمر مرتبط بالمؤسسات وبالدولة، لاسيما وأن هناك اتهامات أخرى بإعادة توجيه هذه الواردات وتصديرها إلى أوروبا. وشدد حموني على ضرورة تفاعل الحكومة مع الأسئلة المطروحة ضمن هذا الملف، خاصة بعد أن وصل إلى قبة البرلمان وشكل موضوعا لتقارير إعلامية دولية ولجدل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، فضلا عن أنه يشكل أيضا محورا للعديد من الاتهامات التي أصبحت تضع سمعة مؤسسات الدولة على المحك.
< توفيق أمزيان