من أزمة صحية محلية بمدينة ووهان الصينية، إلى أزمة اقتصادية واجتماعية وبيئية عالمية، تجاوزت في زمن قياسي جميع الحدود الجغرافية، ذلك ما أنتجته وبشكل سريع الانتشار جائحة كورونا عبر ربوع الكوكب الأزرق، هذه الأزمة التي أبانت عن قيمة العلاقة الوطيدة التي تربط بين الأعمدة الثلاثة للتنمية المستدامة: الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وكذا الحاجة إلى إنتاج نموذج تنموي كوني جديد يهدف إلى تغيير أنماط عيش الأفراد والمجتمع خلال فترة ما بعد زمن كورونا، وللتحقق من مدى نجاعة تنزيل هذه الاستراتيجية الأممية الكونية، اعتمدت في عام 2015 هيئة الأمم المتحدة شبكة من أهداف التنمية المستدامة مكونة من سبعة عشر هدفا وسطرت لهذا الغرض 244 مؤشرا لتتبع تنزيل هذه الأهداف من خلال النتائج، حيث تبثث أهمية هذا التتبع خلال الأزمة الحالية التي يعيشها سكان كوكب الأرض أزمة متعددة الجوانب في العمل من أجل مستقبل أكثر استدامة.من أزمة صحية محلية بمدينة ووهان الصينية، إلى أزمة اقتصادية واجتماعية وبيئية عالمية، تجاوزت في زمن قياسي جميع الحدود الجغرافية، ذلك ما أنتجته وبشكل سريع الانتشار جائحة كورونا عبر ربوع الكوكب الأزرق، هذه الأزمة التي أبانت عن قيمة العلاقة الوطيدة التي تربط بين الأعمدة الثلاثة للتنمية المستدامة: الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وكذا الحاجة إلى إنتاج نموذج تنموي كوني جديد يهدف إلى تغيير أنماط عيش الأفراد والمجتمع خلال فترة ما بعد زمن كورونا، وللتحقق من مدى نجاعة تنزيل هذه الاستراتيجية الأممية الكونية، اعتمدت في عام 2015 هيئة الأمم المتحدة شبكة من أهداف التنمية المستدامة مكونة من سبعة عشر هدفا وسطرت لهذا الغرض 244 مؤشرا لتتبع تنزيل هذه الأهداف من خلال النتائج، حيث تبثث أهمية هذا التتبع خلال الأزمة الحالية التي يعيشها سكان كوكب الأرض أزمة متعددة الجوانب في العمل من أجل مستقبل أكثر استدامة.فلا يمكن أن يكون هناك اقتصاد مستدام بدون حماية اجتماعية وصحية للناس والبيئة، وهذا هو المبدأ الأساسي للتنمية المستدامة، والذي تم تجسيده في أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر التي اعتمدتها الأمم المتحدة يجد اليوم ترجمته الملموسة في أزمة جائحة كورونا، لأن الفيروس الذي نشأ في سوق محلي في الصين، أصاب الآن جميع القارات، مما تسبب في أزمة صحية واقتصادية واجتماعية وبيئية مختلفة المعالم والأثر من دولة إلى أخرى ومن مدينة أو قرية أو جزيرة الى اخرى.فإذا كانت التنمية المستدامة تعرف بالتنمية التي تلبي احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال المقبلة على تلبية احتياجاتها، وبوصفها المبدأ التوجيهي للتنمية العالمية على المدى الطويل، فهي تتكون من ثلاثة أعمدة، وتسعى إلى تحقيق التنمية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية وحماية البيئة بطريقة متوازنة.وخلال مؤتمر القمة الذي سُمي قمة الأرض في ريو، اجتمع المجتمع الدولي في العاصمة ريو دي جانيرو البرازيلية لمناقشة سبل تفعيل التنمية المستدامة، حيث اعتمد قادة العالم جدول أعمال القرن الواحد والعشرين، مع وجود خطط عمل محددة لتحقيق التنمية المستدامة على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية. وبعد عشر سنوات وبالضبط سنة 2002 تم عقد مؤتمر القمة العالمي للتنمية المستدامة، الذي اعتمد خطة جوهانسبرج للتنفيذ. وبعد مرور عشرين عاما على مؤتمر قمة الأرض اجتمع قادة العالم مرة أخرى في ريو دي جانيرو لتجديد الالتزام السياسي لتحقيق التنمية المستدامة ولتقييم التقدم المحرز في تنفيذ الثغرات في الاجتماع المتفق عليه بفعل التزامات، وللتصدي للتحديات الجديدة والناشئة. وركز مؤتمر الأمم المتحدة بشأن التنمية المستدامة، أو قمة الأرض في ريو +20، على الاقتصاد الأخضر في سياق التنمية المستدامة والقضاء على الفقر والإطار المؤسسي للتنمية المستدامة.وإذا كانت شبكة تحليل الأهداف الإنمائية السبعة عشر تسمح لنا بفهم السلسلة السببية لهذه الأزمة مع تداعياتها المتعددة، فإنها تمثل أيضًا علامة فارقة في التنمية لما بعد الأزمة، وخاصة بالنسبة للفاعلين الاقتصاديين وجميع الفرقاء والمتدخلين بصفة عامة.ولتجنب الأزمات الاقتصادية التي من الممكن أن تسببها الأوبئة المستقبلية المحتملة، يجب ألا يغيب عن بال الشركات الكبرى الانتقال السريع إلى نموذج أكثر استدامة وإنصافًا، فأول ما يمكن أن تفعله هذه الشركات كمرحلة أولى هو مواءمة استراتيجياتها مع أهداف التنمية المستدامة، وهذه هي عقيدة منصة عمل كورونا التي أنشأها المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس في منتصف شهر مارس الماضي، والتي تصر على الحاجة إلى العمل على مسار أهداف التنمية المستدامة.فمنذ بداية الأزمة الحالية، أصبحنا نرى بالملموس لما لفيروس كورونا من تأثير كبير على أهداف التنمية المستدامة، سواء كان ذلك بشكل سلبي للغاية على الصحة، والشغل، واتساع التفاوتات الطبقية في التعليم و على المستوى الاجتماعي للأفراد، أو بشكل إيجابي على تغير المناخ عبر خفض تلوث الهواء والأنهار وخلق سلاسل التضامن والإنتاج المستدام، أو بشكل سلبي مباشر على المنظومات البيئية كما وقع بالولايات المتحدة الأمريكية في عز أزمة كورونا، حيث أذنت الوكالة الأمريكية المسؤولة عن البيئة للشركات و المصانع الكبرى مؤقتًا بعدم الامتثال لحدود إطلاق الملوثات في الهواء والماء، حيث توقفت وكالة حماية البيئة عن منح العقوبات على انتهاكات الامتثال للقوانين البيئية وأخذ العينات والتحاليل المختبرية والإبلاغ عن الالتزامات.وكالة حماية البيئة الامريكية “تدرك أن التحديات الناتجة عن الجهود المبذولة لحماية العمال والمواطنين من فيروس كورونا يمكن أن يكون لها تأثير مباشر على قدرة المنشآت الخاضعة للرقابة على تلبية جميع المتطلبات التنظيمية الفيدرالية” يقول المسؤول أندرو ويلر.ووفقا لما ذكرته جينا مكارثي، المديرة السابقة لوكالة حماية البيئة فإن ذلك “ترخيص مفتوح للتلوث”، وتضيف: “هذا التوجيه الخطير ليس أقل من تنازل فادح عن مهمة وكالة حماية البيئة لحماية سلامتنا”. وبحسب ريتشارد بيرسهاوس، مسؤول الأزمات والبيئة في منظمة العفو الدولية: “تستغل حكومة دونالد ترامب هذه الأزمة لتحقيق الهدف الذي حددته قبل أزمة كورونا، بإزالة المعايير البيئية وأن تعليق ضمانات القانون البيئي إلى أجل غير مسمى قرار سيقتل ويهدد صحة أعداد كبيرة من الناس”.
الشراكة والتضامن
تسلط الأزمة الحالية التي خلقها فيروس كورونا الضوء على الحاجة الملحة للعمل على أحد ركائز أهداف التنمية المستدامة، هذه الشراكة التي من المفروض أن تجمع بين جميع الفاعلين الاقتصاديين، والمنظمات المدنية والمواطنين، وجميع الفرقاء في كل أنحاء العالم، ومع ذلك، إذا كان قد تم تأسيس جبهة تضامن بين الجهات الفاعلة على المستوى المحلي والوطني في وقت معين وفي مكان معين من العالم، فقد أظهر وباء كورونا العجز الصارخ على مستوى التضامن الدولي، حيث أن العواقب صارت محسوسة في مجموعة من الدول الغربية و في مقدمتها الولايات المتحدة الامريكية وقبلها في إيطاليا وإسبانيا وبريطانيا…ويمنح فيروس كورونا المستجد الفرصة للعالم لإظهار قيم التضامن والتآزر وتحويل هذه الأزمة إلى زخم عالمي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030، هذا ما تبين عند تقديم الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس لخطة الاستجابة الإنسانية العالمية لمكافحة فيروس كورونا في البلدان النامية، مذكرا بأن هذه الأهداف الانمائية السبعة عشر ومحاربة الفيروس التاجي المستجد مرتبطان ارتباطا وثيقا، وأضاف الأمين العام للأمم المتحدة قائلا: “يجب أن نتأكد من أن الدروس المستفادة وأن هذه الأزمة تمثل نقطة تحول حاسمة في الاستعداد للطوارئ الصحية والاستثمار في الخدمات العامة الأساسية في القرن الحادي والعشرين”. وقال غوتيريس، مرحبا بتدابير الحماية الاجتماعية: “بمجرد ما أن يتم التغلب على هذه الأزمة يجب ألا يحدث الانتعاش على حساب أشد الناس فقرا ولا يمكننا إنشاء فيلق من الفقراء الجدد عبر التبرعات النقدية التي اتخذتها بعض البلدان لمساعدة السكان المعرضين للخطر”.وكان مجموعة من النشطاء عبر العالم يطلقون على أنفسهم لقب “المدافعون عن أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة” قد عبروا، في بيان مشترك لهم صدر في بداية شهر أبريل الجاري، عن قلقهم البالغ إزاء تفشي فيروس كورونا والآثار التي أحدثها في شتى أنحاء العالم، وتضامنهم الكامل مع المتضررين، وعن امتنانهم الشديد، لمن يقفون عند الخطوط الأمامية في مواجهة هذا الفيروس لينقذوا الأرواح، ويواصلون تقديم الخدمات الأساسية في البلدان المختلفة في ظل أجواء الحجر الصحي، مشددين على ضرورة أن تعكس السياسات العالمية والإقليمية والمحلية أعلى درجات الإنصاف من أجل التصدي لتفشي هذا الوباء في جميع المناطق لا سيما المعزولة رقميا، والتي تتلقى مستوى متدنيا من الدعم وتعاني نقصا شديدا في الخدمات، وكذلك إيلاء اهتمام بالغ بالأشخاص ذوي الإعاقة ومجتمعات السكان الأصليين واللاجئين والمشردين.وأكد النشطاء أن مواجهة هذا الوباء تتطلب تنسيق الاستجابات العالمية على المستوى الإنساني والاجتماعي والاقتصادي، وتعاونا وشراكات على امتداد شتى أنحاء العالم، وعلى جميع المستويات، مثمنين تحرك الأمين العام للأمم المتحدة لإنشاء صندوق الاستجابة والإنعاش من أجل دعم البلدان الفقيرة والأشد تضررا من هذا الوباء، حيث سيساعد وبشكل جوهري في الحفاظ على ما تحقق فعلا من أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030
القضاء على الجوع والفقر وتجلى الأثر المباشر من إنشاء صندوق الاستجابة والإنعاش في تنزيل مجموعة من الأهداف السبعة عشر على أرض الواقع وفي مقدمتها الهدف الإنمائي الثاني والمتعلق بالقضاء التام على الجوع، حيث وفي ارتباط مباشر مع الأزمة الغذائية التي خلفتها جائحة كورونا لعب برنامج الأغذية العالمي دورا رياديا حيث احتل موقع الصدارة في تلبية الاحتياجات الغذائية لـحوالي 87 مليون فقير ومهمش وجائع عبر العالم، غالبيتهم من المحرومين من الحماية ضد وباء كورونا، ففي الوقت الذي تكثف فيه منظمة الأغذية والزراعة الفاو برامجها للمعونة الغذائية، فإنها في نفس الوقت تعزز دعمها اللوجستيكي للمجتمع الإنساني بأكمله الذي يكافح ضد انتشار الفيروس، وقد قامت المنظمة بتسليم معدات الصحة والحماية إلى حوالي 67 دولة، كما يعمل برنامج الأغذية العالمي على إعادة تخزين مخزون الغذاء لتوفير ثلاثة أشهر على الأقل من المساعدات الغذائية للضعفاء في مختلف البلدان ذات الأولوية، ولضمان استمرار هذه العمليات الحيوية، تدعو شركاءها الحكوميين عبر العالم إلى تأكيد مساهماتهم في حدود 1.9 مليار دولار.
الصحة
ولتحقيق الهدف الإنمائي الثالث ومن أجل أن يتمتع سكان كوكب الأرض بصحة جيدة، كانت منظمة الصحة العالمية قد حذرت الشهر الماضي من أن وباء كورونا “يتسارع” حيث وصفته بالجائحة، إذ استغرق الأمر 67 يوما من أول حالة إصابة تم الإبلاغ عنها في مدينة ووهان الصينية للوصول إلى 100 ألف حالة إصابة، و11 يوما فقط للوصول إلى 200 ألف حالة إصابة، وثلاثة أيام فقط للوصول إلى 300 ألف حالة إصابة، و يومين فقط للوصول إلى 400 ألف حالة إصابة، و يوما واحدا فقط للوصول الى 550 ألف حالة إصابة، قبل أن يفوق العدد 1.500.000 حالة إصابة عبر العالم، في حين تمت دعوة أكثر من 3.5 مليار شخص للبقاء في منازلهم في أكثر من 120 دولة وإقليما، وفي طليعة الإجراءات التي يتم اتخاذها للقضاء على الوباء واحتوائه، أطلقت هيئة الأمم المتحدة حملة توعية عالمية حول إيماءات الحماية، بالتعاون مع الاتحاد الدولي لكرة القدم. وأثناء العمل مع شركائها على حوالي عشرين لقاحا محتملا، أطلقت منظمة الصحة العالمية دراسة دولية كبيرة، وهي تجربة “التضامن”، والتي تهدف إلى مقارنة العلاجات المختلفة لتحديد فعاليتها وسلامتها في مواجهة فيروس كورونا، ويركز العمل بشكل خاص على أربعة علاجات تستخدم لظروف أخرى ولكنها تعتبر واعدة من بينها العلاج بدواء الكلوروكين.
التعليم
ولم يعد بإمكان أكثر من مليار طفل وشاب عبر العالم الوصول إلى حجراتهم الدراسية جراء تفشي فيروس كورونا، حيث تم إغلاق المدارس والجامعات في 124 دولة، و لمعالجة هذه المشكلة ولضمان استمرارية العملية التعليمية و التعلمية التي يمثل حجمها وسرعتها تحديا غير مسبوق لقطاع التعليم، ومن أجل تعليم جيد وفي إطار تحقيق الهدف الانمائي الرابع من أهداف التنمية المستدامة، أنشأت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) مجموعة عمل كورونا فيروس المسؤولة عن تقديم المشورة والمساعدة التقنية للحكومات التي تسعى إلى توفير التعليم للطلاب الذين هم خارج المدرسة مؤقتا، كما أطلقت اليونيسكو أيضا التحالف العالمي للتعليم كوفيد 19 الذي يجمع الشركاء متعددي الأطراف والقطاع الخاص لمساعدة الدول على نشر أنظمة التعلم عن بعد. المساواة بين الجنسين
وللوباء عواقب اجتماعية وخيمة تؤثر في المقام الأول على النساء، فعلى الصعيد العالمي 70٪ من العاملين في قطاع الخدمات الصحية والاجتماعية هم نساء، وبالتالي فإنهن معرضات بشكل خاص لخطر الإصابة بالفيروس التاجي، ولتحقيق الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة والمتعلق بالمساواة بين الجنسين، حذر المدير التنفيذي لهيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين من عبء تحمل النساء للمسؤوليات الأسرية غير المتناسب و تمكينهم من تحسين ظروف العمل، بالإضافة إلى ذلك، تعمل غالبية النساء في الاقتصاد غير المهيكل، مما يعني أن دخلهن محفوف بالمخاطر وأنهن لا يستفدن من التأمين الصحي او الضمان الاجتماعي، الذي يكون عموماً غير ملائم أو غير موجود بتاتا”. وفي حالة الطوارئ الحالية، تعمل هيئة الأمم المتحدة للمرأة بشكل وثيق مع منظمة الصحة العالمية ووكالات الأمم المتحدة الأخرى على تعزيز الاستجابة المنسقة للجنة كوفيد 19 كما تعتمد المنظمة في تواصلها المباشر على التنسيق مع شبكات المنظمات المدنية التي تقودها النساء عبر العالم.
الماء الصالح للشرب
وبينما يطلب من العالم غسل أيديهم لمكافحة الوباء، أشارت الأمم المتحدة إلى أن حوالي مليارين شخص في العالم لا يحصلون على مياه للشرب، وأن أكثر من نصف سكان العالم محرومون من شبكة الصرف الصحي الآمن، و لتنزيل الهدف الانمائي السادس والمتعلق بالمياه النظيفة والصرف الصحي حذرت لجنة الأمم المتحدة المعنية بالموارد المائية في تقريرها العالمي الجديد عن تنمية الموارد المائية موضوع المنشور الذي تم توزيعه في يوم المياه العالمي، من تدهور الظروف بسبب تغير المناخ، مما يؤثر على توافر ونوعية وكمية المياه اللازمة للاحتياجات الأساسية. ويحذر التقرير من أن مثل هذه النكسة يمكن أن تعوق الهدف السادس من خطة التنمية المستدامة لعام 2030، والذي يهدف إلى ضمان الوصول إلى مياه الشرب والصرف الصحي للجميع في غضون عشر سنوات أعوام، كما يتذكر أن الصابون والماء ضروريان لاحتواء انتشار الفيروس، بالإضافة إلى الأمراض المعدية الأخرى.
مكافحة البطالة
ويؤكد الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة: “إذا اتخذنا الإجراء الصحيح، فإن الانتعاش يمكن أن يتخذ مسارًا أكثر استدامة وشمولا، ولكن إذا كانت السياسات منسقة بشكل سيئ، فمن المرجح أن تستمر التفاوتات غير المستدامة بالفعل وتتفاقم أكثر”. ومن الممكن أن تؤدي أزمة كورونا إلى ارتفاع معدل البطالة عبر العالم وإلى عطالة حوالي خمسة وعشرين مليون شخص عن العمل في جميع أنحاء العالم، حيث توقعت منظمة العمل الدولية انخفاض دخل العمال في هذه المرحلة العصيبة، ولتحقيق الهدف الثامن من أهداف التنمية المستدامة والمتعلق بالعمل اللائق والنمو الاقتصادي حذر المدير العام لمنظمة العمل الدولية من الأرقام المذهلة التي تبرز مدى تأثير فيروس كورونا على انتشار البطالة وتشريد المزيد من اليد العاملة، مشيرا إلى أن “شخص واحد فقط من بين كل خمسة أشخاص” يمكنه الاستفادة اليوم من إعانات البطالة، ووفقا له، هناك فرصة لإنقاذ ملايين الوظائف إذا عملت الحكومات على “ضمان استمرارية العمليات التجارية، وتجنب تسريح العمال وحماية العمال الضعفاء”. وطالب المدير التنفيذي بدعم الدخل الفردي للعمال، وتعزيز الإعفاءات الضريبية للعاملين لحسابهم الخاص، والدعم المالي للشركات، ودعا إلى “إجراءات حاسمة على المستوى المتعدد الأطراف”، دعماً للتدابير المتخذة على المستوى الوطني.
الحد من انعدام المساواة
وفي إطار تحقيق الهدف الانمائي العاشر من أهداف التنمية المستدامة والمتعلق بالحد من التفاوتات، حذر الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة من عدم اتخاذ الإجراء الصحيح، خصوصا في هذه الفترة الحرجة، حتى يمكن للانتعاش الاقتصادي والاجتماعي أن يتخذ مسارا أكثر استدامة وشمولية، مؤكدا على أنه إذا كانت السياسات منسقة بشكل سيئ، فمن المرجح أن التفاوتات غير المستدامة قد تترسخ وتتفاقم في الوقت الراهن.وتهدف خطة الاستجابة الإنسانية العالمية التي أطلقتها هيئة الأمم المتحدة إلى مساعدة “المتضررين للغاية” تحت إشراف مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، وتدعم هذه الخطة منظمة الصحة العالمية وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) والمنظمة الدولية الهجرة والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين. وأعرب فيليبو غراندي المفوض السامي لشؤون اللاجئين عن قلقه بشأن عواقب إغلاق الحدود على الفارين من النزاع خصوصا على الحدود التركية اليونانية والتركية السورية وأكد أن هذه التدابير يجب ألا يكون لها أثر إغلاق طرق الوصول إلى أنظمة اللجوء، ولا إجبار المدنيين على العودة إلى حالات الخطر.
مكافحة تغير المناخ
وقال الأمين العام للأمم المتحدة في حديثه عن تحقيق الهدف الإنمائي الثالث عشر من أهداف التنمية المستدامة والمتعلق بمكافحة تغير المناخ، أنه للتغلب على الوباء والخروج أقوى من هذه الأزمة: “لدينا إطار عمل متمثل في خطة التنمية المستدامة لعام 2030 لهيئة الأمم المتحدة واتفاق باريس بشأن تغير المناخ” لذا “يجب أن نحافظ على وعودنا للناس وللكوكب”.
السلم والعدل
وفي مواجهة “العدو المشترك” كوفيد 19، دعا غوتيريس المتحاربين حول العالم إلى “وقف فوري لإطلاق النار”، كما قال. إن وقف الأعمال العدائية، “في كل مكان والآن”، لأمر أساسي لإنشاء العلاقات الإنسانية، وإعطاء الدبلوماسية الموازية فرصة، وجلب الأمل إلى بعض الأماكن الأكثر عرضة للإصابة بالفيروس التاجي، وهذا الأمر أصبح أكثر إلحاحا نظرا لأنه تم الإبلاغ عن أول حالة إصابة في سوريا يوم 22 مارس 2020 مما أدى الى ارتفاع عدد الحالات إلى 19 حالة اصابة وحالتي وفاة، إلى حدود كتابة هذا المقال، وهي دولة دمرتها الحرب لأكثر من تسع سنوات، وتم التعرف على حالات اصابة أخرى في أفغانستان وجمهورية الكونغو الديمقراطية وليبيا و كل هذه الجهود المبذولة تدخل في إطار تنزيل الهدف السادس عشر من أهداف التنمية المستدامة والمتعلق بالسلام والعدل والمؤسسات القوية.
تنشيط الشراكة العالمية وتعزيز وسائل التنفيذ
مثل خطة التنمية المستدامة لعام 2030، تتطلب مكافحة فيروس كورونا المستجد شراكات فعالة بين الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني، على المستويات العالمية والإقليمية والوطنية والمحلية وهو ما تسعى الى تحقيقه هيئة الأمم المتحدة من خلال تفعيل الهدف الإنمائي السابع عشر من أهداف التنمية المستدامة، وتجلى ذلك من استعداد الحكومة الصينية لتقديم المشورة والخبرة الدولية باعتبارها أول دولة متضررة وبذلت جهودا مبهرة لمكافحة الوباء مبهرة، حيث نجحت إجراءات الكشف والفحص وكذلك القيود على الحركة في وقف انتشار الفيروس بنجاح. التنسيق والتعاون والشراكة الدائمة مع منظمة الصحة العالمية ساعدوا على تقدم المعرفة بالفيروس وساعدوا جميع الدول المتضررة على حماية سكانها وعلى السيطرة على انتشار الفيروس، حيث مع تأكيد الحالات في أكثر من 180 دولة الآن، أصبح العمل الجماعي والتضامن أكثر أهمية من أي وقت مضى.وبروح التضامن، التزم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالعمل مع البلدان والمجتمعات حول العالم لمكافحة الوباء، وفي الصين، قدم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الدعم الكامل للسكان والحكومة، بالعمل مع السلطات المختصة لتقديم الدعم في حالات الطوارئ ودعم شراء اللوازم الطبية الأساسية.واستجابة لحالات الطوارئ قدم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي المعدات الأساسية للحد من خطر الإصابة بالعدوى التي يواجهها العاملون في الخطوط الأمامية للمعركة، بما في ذلك مضخات التسريب وأنظمة مراقبة المرضى والدعاوى الواقية، كما أطلق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي حملة على وسائل التواصل الاجتماعي حتى يكون لدى الجميع المعرفة التي يحتاجونها لحماية أنفسهم بشكل صحيح. وبفضل أكثر من 27 مليون مشاهدة، حشدت الحملة مستخدمي الإنترنت لتبادل معلومات منظمة الصحة العالمية بأكثر من 40 لغة.
المغرب وخطة مواجهة الأثر السلبي لكورونا على التنمية
ولم يكن المغرب بمنأى عن التداعيات السلبية لفيروس “كورونا”، في ظل التنامي المستمر لتأثيرات انتشار الفيروس على اقتصادات دول العالم، حيث سارعت الحكومة المغربية وبنك المغرب لاتخاذ عدة تدابير وإجراءات احترازية لمحاربة الكساد ولاحتواء التداعيات السلبية للجائحة بطرق ناجعة وسريعة.وكان المغرب قد أعلن يوم 19 مارس 2020 حالة الطوارئ الصحية وتقييد الحركة في البلاد، حتى أجل غير مسمى، في إطار الإجراءات المتخذة لمنع انتشار كورونا، بعد أن اتخذ في وقت سابق قرارا بتعليق جميع الرحلات الجوية من وإلى مجموعة من الدول الأوروبية كإيطاليا وإسبانيا في البداية وتلتها تجميد الرحلات الجوية الى هولندا بلجيكا وألمانيا وجميع دول أمريكا الشمالية.ومنذ بداية تسجيل حالات الاصابة بفيروس كورونا في المغرب، سارع الاتحاد العام لمقاولات المغرب إلى اقتراح مجموعة من الإجراءات للتخفيف من التأثير السلبي لانتشار الفيروس على الاقتصاد المحلي عبر تعليق آجال تسوية الوضعية الضريبية للمقاولات الصغرى والمتوسطة، وطالب الاتحاد في رسالة وجهها إلى الحكومة المغربية، بـ”توقيف اقتطاع استحقاقات البنوك، بالنسبة للمقاولات والأفراد المتضررين، خاصة المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة”.وطالب الاتحاد بـ”وضع نظام للتعويض على فقدان العمل بالنسبة للعمال ذوي الأجور المتدنية”؛ ودعا إلى “إنشاء صندوق لدعم القطاعات المتضررة، وإعلان فيروس كورونا، كحالة قوة قاهرة، فيما يخص الصفقات العمومية”.وكان قد صدر في الجريدة الرسمية قرار حكومي يوم 17 مارس 2020، تم بموجه إحداث صندوق مالي بمبلغ مليار دولار، لـ”التكفل بالنفقات المتعلقة بتأهيل الآليات والوسائل الصحية “. أطلق عليه “صندوق كورونا”، هذا الصندوق الذي سيدعم “الاقتصاد الوطني، من خلال مجموعة من التدابير التي ستقترحها الحكومة، لا سيما فيما يخص مواكبة القطاعات الأكثر تأثرا، بفعل انتشار فيروس كورونا كالسياحة، والتخفيف من التداعيات الاجتماعية لهذه الأزمة”.وأعلنت الحكومة المغربية، إنشاء “لجنة اليقظة الاقتصادية” لمواجهة انعكاسات وباء فيروس “كورونا المستجد” على الاقتصاد، وتحديد الإجراءات المواكبة، بتنسيق من وزير المالية محمد بنشعبون، وممثلون من سبع وزارات وممثل عن البنك المركزي، وأربع منظمات مهنية متعلقة بالبنوك والمقاولات والصناعة والتجارة.وتشمل الإجراءات المتعلقة بالضريبة، والتي أقرتها السلطات المغربية، “استفادة الشركات التي تقل معاملاتها للسنة المالية الماضية، عن 20 مليون درهم من تأجيل وضع التصريحات الضريبية حتى نهاية شهر يونيو 2020″، بالإضافة الى “تعليق المراقبة الضريبية، للشركات الصغرى والمتوسطة، حتى 30 يونيو 2020”.وفي إطار التدابير الاحترازية الرامية إلى الحد من انتشار فيروس كورونا كانت وزارة التربية الوطنية قد دعت إلى توقيف الدراسة بجميع الأقسام والفصول، انطلاقا من يوم الاثنين 16 مارس 2020.ومع توقيف الدراسة في جميع المراحل، بات التلاميذ المغاربة ملزمين بالبقاء في منازلهم، ومتابعة دروسهم عن بعد عبر “القناة الرابعة”، واستعمال منصات إلكترونية تابعة لوزارة التربية الوطنية لتحميل دروس مختلف المستويات الدراسية.وتمت الاستعانة بالقناة الرابعة لإيصال الدروس إلى تلاميذ القرى الذين لا يتوفر لديهم الإنترنت والحواسيب لمتابعة دروسهم عن بعد، فيما تسابقت الأطقم التقنية الزمن لبناء المضامين التعليمية الرقمية، وإغناء المنصة الرقمية بالمئات من الدروس التي سيستفيد منها التلاميذ عن بعد، وتحت إشراف أطرهم التربوية والتعليمية، على أساس أنه “بعد استئناف الدراسة سيستفيد التلاميذ من برامج للدعم حتى يتمكنوا من اجتياز الامتحانات المبرمجة في تواريخها”.ويعتبر المغرب نموذجا على الصعيد العربي والإفريقي والدولي في تنزيل أهداف التنمية المستدامة في زمن كورونا وتجاوز الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي خلقها فيروس كورونا المستجد بالمغرب، فبالرغم من أن عدد الوفيات فاق 100 حالة وفاة وعدد المصابين تعدى عتبة 1300 لحدود كتابة هذا المقال فقد قام المغرب بخلق مجموعة من المبادرات ذات الوقع الاجتماعي عبر تخصيص الدعم المالي للأسر ضحايا أزمة كورونا والذين يشتغلون في القطاع غير المهيكل، والذين يتوفرون على بطاقة التغطية الصحية راميد.على المستوى الصحي تم نهج بروتوكول علاجي يعتمد على دواء الكلوروكولين رغم قلته على المستوى العالمي إلا أن المغرب كان استباقيا في هذه النقطة ووفر مخزونا من هذا الدواء الذي أعطى نتائج ايجابية في معالجة داء كوفيد 19 ورفع من نسبة المتعافين التي فاقت 100 شخص متعافي. ويبقى أكبر رهان رفعه المغرب في هذه المرحلة التاريخية هو اعتماد التدريس عن بعد لضمان استمرار العملية التعليمية التعلمية في فترة الحجر الصحي.
(*) رئيس المكتب الوطني لجمعية مغرب أصدقاء البيئة
محمد بنعبو