شاركت حشود ضخمة في مراسم تشييع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية صباح الخميس في طهران وسط دعوات إلى الانتقام، غداة اغتياله في إيران بغارة إسرائيلية.
وأم المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي المصلين في جنازة هنية الذي سيدفن الجمعة في قطر. وتجمع حشد من المشيعين يحملون صور هنية وأعلاما فلسطينية في جامعة طهران بوسط العاصمة، بحسب ما أفاد مراسل لوكالة فرانس برس.
وأظهرت مشاهد بثها التلفزيون الرسمي الإيراني نعشي هنية وحارسه الذي قتل بالغارة أيضا، مغطيين بالعلم الفلسطيني خلال المراسم التي حضرها مسؤولون إيرانيون بارزون من بينهم الرئيس مسعود بزشكيان وقائد الحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي.
وتوعد الرجل الثاني في المكتب السياسي لحركة حماس في غزة خليل الحية خلال المراسم بأن “يبقى شعار إسماعيل هنية، لن نعترف بإسرائيل شعارا خالدا”، مضيفا “سنلاحق إسرائيل حتى اجتثاثها من أرض فلسطين”.
من جهته، قال رئيس مجلس الشورى الإسلامي في إيران محمد باقر قاليباف “إن إيران ستنفذ بالتأكيد أمر المرشد الأعلى” بالانتقام لهنية.
ونقلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن ثلاثة مسؤولين إيرانيين لم تذكر أسماءهم، أن خامنئي أعطى خلال اجتماع طارئ للمجلس الأعلى للأمن القومي صباح الأربعاء الأمر بضرب إسرائيل بشكل مباشر ردا على اغتيال هنية.
وأضاف محمد باقر قاليباف في كلمة وسط هتافات الحشود “الموت لإسرائيل، الموت لأمريكا”، “من واجبنا الرد في الوقت المناسب وفي المكان المناسب”.
ويثير اغتيال الزعيم السياسي لحركة حماس البالغ 61 عاما والذي كان يعيش في المنفى في قطر، وكذلك اغتيال إسرائيل القائد العسكري في حزب الله اللبناني فؤاد شكر في بيروت الثلاثاء، مخاوف من توسع النزاع الدائر منذ نحو عشرة أشهر في قطاع غزة بين إسرائيل، العدو اللدود لإيران، وحركة حماس وحزب الله المدعومين من طهران.
وفي حين فشلت كل محاولات الوساطة حتى الآن لوقف إطلاق النار في غزة، أثارت الحرب توترات في أنحاء الشرق الأوسط بين إسرائيل من جهة، وإيران وحلفائها في لبنان واليمن والعراق وسوريا من جهة أخرى، ولا سيما حزب الله اللبناني.
وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن قلقه إزاء الهجمات التي وقعت في بيروت وطهران والتي “تمثل تصعيدا خطيرا”.
واعتبر البيت الأبيض أن الضربتين اللتين أدتا إلى مقتل شكر الضاحية الجنوبية لبيروت وهنية في طهران، “لا تساعدان” في احتواء التوترات الإقليمية، لكنه نفى وجود مؤشرات إلى تصعيد وشيك.
ودعا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الخميس “جميع الأطراف” في الشرق الأوسط إلى وقف “الأعمال التصعيدية” قائلا لصحافيين في منغوليا “إن الشرق الأوسط يسير على طريق يؤدي إلى المزيد من الصراعات والمزيد من العنف والمزيد من المعاناة والمزيد من انعدام الأمن، ولا بد من كسر هذه الحلقة”.
وأعلن الحرس الثوري الإيراني الأربعاء مقتل إسماعيل هنية مع حارس شخصي له في مقر إقامته بطهران بعد حضوره احتفال تنصيب الرئيس الإيراني الإصلاحي مسعود بزشكيان.
وبحسب وسائل الإعلام الإيرانية، فإن “هنية كان في إحدى الإقامات المخصصة لقدامى المحاربين في شمال طهران عندما استشهد بمقذوف جوي” قرابة الساعة الثانية فجرا (22,30 ت غ الثلاثاء).
وتوعد المرشد الأعلى بإنزال “أشد العقاب” بإسرائيل بعد الاغتيال. وأضاف “نعتبر من واجبنا الثأر لدماء (هنية) التي سفكت على أراضي الجمهورية الإسلامية الإيرانية”.
بدوره، قال بزشكيان “إن الصهاينة سيرون قريبا عواقب عملهم الجبان والإرهابي”.
كذلك، أكد رئيس أركان الجيش الإيراني محمد باقري أن اغتيال هنية “سيزيد من وحدة جبهة المقاومة الإسلامية”.
وحذرت البعثة الإيرانية الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك عبر منصة إكس من أن طهران ستنفذ “عمليات خاصة” ردا على هذا الاغتيال الذي “سيثير ندما عميقا لدى منفذه”.
كما شدد القائم بأعمال وزير الخارجية علي باقري على حق إيران في تنفيذ “رد متناسب”.
وفي اليمن، أعلن الحوثيون “الحداد ثلاثة أيام وتنكيس الأعلام” حدادا على هنية، مؤكدين في بيان أنه “على العدو الصهيوني والأميركي تحمل مسؤولية توسيع ساحة الحرب والمواجهة وموجة الاغتيالات التي يمارسها ضد قيادات المقاومة”.
من جهة أخرى، أعلنت وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس) فجر الخميس أن وزير خارجية المملكة الأمير فيصل بن فرحان تلقى اتصالا هاتفيا من نظيره الإيراني المكلف علي باقري كني “تناول العلاقات الثنائية وآخر التطورات في المنطقة”، من دون مزيد من التفاصيل.
من جهتها، لم تصدر إسرائيل التي حملتها السلطات الإيرانية بوضوح مسؤولية مقتل إسماعيل هنية، أي تصريح بشأن الواقعة.
وقبل ساعات من الهجوم على طهران، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه “قضى” في ضاحية بيروت الجنوبية على القائد العسكري في حزب الله فؤاد شكر، المتهم بالمسؤولية عن قصف صاروخي أسفرعن مقتل 12 فتى وفتاة في بلدة مجدل شمس في مرتفعات الجولان السورية المحتلة.
وأكد مصدر مقرب من حزب الله العثورعلى جثة فؤاد شكر تحت أنقاض المبنى المستهدف في الضاحية الجنوبية، معقل الحزب اللبناني الموالي لإيران.
وحذررئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي الأربعاء من “تفلت الأمور نحو الأسوأ” بعد الهجوم على بيروت.
وأوقفت شركات طيران عدة رحلاتها إلى العاصمة اللبنانية في الأيام الأخيرة، مع عودة المغتربين اللبنانيين بأعداد كبيرة لتمضية العطل.
وشنت إسرائيل على غزة حملة قصف مدمرة وهجمات برية أسفرت عن سقوط 39480 قتيلا على الأقل، غالبيتهم من المدنيين النساء والأطفال، وفق أرقام وزارة الصحة في القطاع.
*************
إدانة دولية لاغتيال إسماعيل هنية في طهران
أعلنت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) اغتيال رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية في غارة إسرائيلية في طهران. لم تعلق إسرائيل على مقتل هنية لكن عدة دول حذرت من أن ذلك سيترك أثرا كبيرا على جهود التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة.
في ما يلي أبرز ردود الفعل:
تعهد عضو المكتب السياسي لحماس موسى أبو مرزوق أن اغتيال هنية في طهران “لن يمر سدى”. وقال أبو مرزوق في بيان “إن اغتيال القائد إسماعيل هنية عمل جبان ولن يمر سدى”.
من جهتها قالت كتائب القسام “إن اغتيال هنية سيجر تداعيات كبيرة على المنطقة بأسرها”.
وندد الرئيس الفلسطيني محمود عباس باغتيال هنية، ووصفه بـ”العمل الجبان” داعيا الفلسطينيين إلى الوحدة في مواجهة إسرائيل. وجاء في بيان للرئاسة “أدان رئيس دولة فلسطين محمود عباس، بشدة اغتيال رئيس حركة حماس القائد الكبير إسماعيل هنية، واعتبره عملا جبانا وتطورا خطيرا”، وأضاف أنه دعا “جماهير شعبنا وقواه إلى الوحدة والصبر والصمود، في وجه الاحتلال الإسرائيلي”.
من جانب آخر، أعلنت “القوى الوطنية والإسلامية في الأراضي الفلسطينية” الأربعاء الإضراب الشامل والخروج في مسيرات احتجاجا على اغتيال هنية.
وتوعد المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي بإنزال “أشد العقاب” بإسرائيل المتهمة باغتيال إسماعيل هنية في طهران.
وقال خامنئي في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا) “بهذا العمل جر النظام الصهيوني المجرم والإرهابي على نفسه أشد العقاب… ونعتبر من واجبنا الثأر لدماء (هنية) التي سفكت على أراضي الجمهورية الإسلامية الإيرانية”.
وأعلنت إيران الحداد ثلاثة أيام.
من جهته، اتهم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إسرائيل بالوقوف خلف اغتيال هنية، وكتب في منشور على منصة إكس “ستدافع الجمهورية الإسلامية في إيران عن سلامة أراضيها وشرفها وعزتها وكرامتها، وستجعل الغزاة الإرهابيين يندمون على فعلهم الجبان”، واصفا هنية بـ”القائد الشجاع”.
ونددت دمشق بمقتل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس. وقالت وزارة الخارجية في بيان “ارتكب الكيان الصهيوني فجر اليوم جريمة جديدة” أدت إلى استشهاد هنية، ووصفت ذلك بـ”العدوان الصهيوني السافر”، محذرة من أن “استمرار استهتار الكيان الإسرائيلي بالقوانين الدولية، وعدم انصياعه لقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة، ودعوات معظم دول العالم لوقف مجازره، قد يقود إلى اشتعال المنطقة برمتها”.
وأدانت قطر اغتيال هنية، معتبرة أنه “جريمة شنيعة” و”تصعيد خطير”. وقالت وزارة الخارجية في دولة قطر التي كانت مقر إقامة لهنية مع أعضاء المكتب السياسي لحماس وتقود وساطة في مفاوضات التوصل إلى هدنة في غزة، “تدين دولة قطر بأشد العبارات اغتيال الدكتور إسماعيل هنية (…) وتعتبره جريمة شنيعة وتصعيدا خطيرا وانتهاكا سافرا للقانون الدولي والإنساني”.
وقالت الخارجية الأماراتية “إن دولة الإمارات تراقب عن كثب التطورات الإقليمية المتسارعة، وتعرب عن قلقها العميق إزاء استمرار التصعيد وتداعياته على الأمن والاستقرار في المنطقة. كما تؤكد دولة الإمارات أهمية ممارسة أقصى درجات ضبط النفس والحكمة لتجنب المخاطر وتوسيع رقعة الصراع”.
وأدانت وزارة الخارجية المصرية “سياسة التصعيد الإسرائيلية الخطيرة خلال اليومين الماضيين”، معتبرة أن هذا “التصعيد الخطير، ينذر بمخاطر إشعال المواجهة في المنطقة بشكل يؤدى إلى عواقب أمنية وخيمة” بدون أن تذكر اسم إسماعيل هنية أو حزب الله.
وقال وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف “ندين بشدة هذه العملية الإرهابية الغادرة والشنيعة التي أقدمت عليها قوات الاحتلال الصهيوني. وهي تتمادى في لامبالاتها ولا اعترافها بأبسط القواعد والضوابط الإنسانية والقانونية والسياسية والأخلاقية”.
وأكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن الولايات المتحدة “ليس لها يد” في اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس اسماعيل هنية في طهران.
وقال في مقابلة متلفزة نشر مكتبه مقتطفات منها “أولا لم نكن على علم وليس لنا يد” في ذلك.
وقال حزب الله اللبناني “إن مقتل هنية سيزيد عزيمة المجاهدين في كل ساحات المقاومة” في مواجهة إسرائيل. وفي بيان تعزية، قال حزب الله “إن شهادة القائد هنية.. ستزيد المقاومين المجاهدين في كل ساحات المقاومة إصرارا وعنادا على مواصلة طريق الجهاد، وستجعل عزيمتهم أقوى في مواجهة العدو الصهيوني”.
واعتبر المتمردون الحوثيون في اليمن أن اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس “جريمة إرهابية شنعاء”. ونعى عضو المكتب السياسي لحركة “أنصار الله” اليمنية محمد علي الحوثي عبر حسابه على منصة إكس هنية قائلا “إن استهدافه جريمة إرهابية شنعاء وانتهاك صارخ للقوانين والقيم المثلى”.
وأدان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان “الاغتيال الغادر” لهنية. وكتب إردوغان على منصة إكس “رحم الله أخي إسماعيل هنية، الذي استشهد إثر هذا الهجوم الشنيع”، منددا بما وصفه بأنه “همجية صهيونية”.
وأدانت وزارة الخارجية الأردنية في بيان “بأشد العبارات” اغتيال هنية، معتبرة أن ذلك يشكل “خرقا للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وجريمة تصعيدية ستدفع باتجاه المزيد من التوتر والفوضى في المنطقة”.
وأدان العراق اغتيال إسماعيل هنية، وقالت وزارة الخارجية في بيان “إن حكومة جمهورية العراق تدين بأشد العبارات لعملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في العاصمة الإيرانية طهران”. وأضاف أن الحكومة العراقية “تؤكد أن هذه العملية العدوانية تعد انتهاكا صارخا للقوانين الدولية وتهديدا للأمن والاستقرار في المنطقة”.
من جهتها، أدانت سلطنة عمان اغتيال هنية في طهران وأعربت وزارة الخارجية العمانية في بيان عبر صفحتها على موقع إكس “عن إدانة سلطنة عمان واستنكارها الشديد” لاغتيال هنية، قائلة “إنه يعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي والإنساني وتقويضا واضحا لمساعي تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة”.
كما أدانت روسيا “الاغتيال السياسي غير المقبول” لرئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية. وقال نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف لوكالة أنباء ريا نوفوستي الرسمية “هذا اغتيال سياسي غير مقبول على الإطلاق، وسيؤدي إلى مزيد من تصعيد التوترات”.
من جهته، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحافيين “نعتقد أن مثل هذه الأعمال موجهة ضد مساعي إحلال السلام في المنطقة ويمكن أن تؤدي إلى زعزعة استقرار الوضع المتوتر في الأساس”.
وأدانت الصين “اغتيال” رئيس المكتب السياسي لحماس محذرة من احتمال أن يؤدي ذلك إلى “مزيد من عدم الاستقرار في الوضع الإقليمي”.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية لين جيان “نشعر بقلق بالغ بشأن الحادثة ونعارض وندين بشدة الاغتيال”.
واعتبرت الحكومة الألمانية أن “منطق الانتقام” في الشرق الأوسط “ليس المسار السليم”. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية سيباستيان فيشر للصحافيين “من الضروري تجنب المزيد من التصعيد واتساع (النزاع) إقليميا داعيا كل الأطراف إلى الحفاظ على الهدوء وإبداء الحد الأقصى من ضبط النفس”.
وحذر وزير الدفاع الاسترالي من مخاطر “شديدة” لحصول تصعيد أكبر في الشرق الأوسط بعدما تم تحميل اسرائيل مسؤولية اغتيال هنية. وقال ريتشارد مارلز “إن مقتل اسماعيل هنية في طهران خلق مخاطر إضافية في منطقة تشهد أساسا أزمات”.
وقالت حكومة طالبان في أفغانستان “إن مقتل هنية في إيران المجاورة “خسارة كبيرة” معتبرة أنه زعيم فلسطيني ذكي وواسع الحيلة”. وقال المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد في بيان “إن هنية كان ناجحا وترك عبرا في المقاومة والتضحية والصبر والتحمل والنضال والتضحية العملية لأتباعه”.
وأدانت باكستان اغتيال هنية معتبرة أنه “عمل متهور” يرقى إلى “الإرهاب”. وقالت وزارة الخارجية في بيان “إن باكستان تنظر بقلق بالغ إلى المغامرات الإسرائيلية المتزايدة في المنطقة. إن خطواتها الأخيرة تشكل تصعيدا خطيرا في منطقة مضطربة أساسا وتقو ض الجهود الرامية لإحلال السلام”.