في الذكرى الواحدة والعشرين لعيد العرش المجيد… منجزات هامة وافاق واعدة

جهات المغرب تشهد دينامية مطردة ومشاريع كبرى مهيكلة

تواصل جهة الدار البيضاء -سطات إنجاز مشاريع كبرى مهيكلة تغطي مجالات مختلفة، والتي توفر كل سبل الدفع بعجلة التنمية جهويا ووطنيا، مما جعل الجهة قطبا حضاريا و اقتصاديا يزداد اشعاعا، ويكتسب بوتيرة متسارعة موقع الريادة قاريا وإقليميا.
ومع تخليد الشعب المغربي لذكرى عيد العرش المجيد، وفي إطار استحضار مختلف المنجزات الكبرى، تبرز بجلاء الدينامية الضخمة للجهة، التي ينظر لها على أنها القلب الاقتصادي النابض للمغرب، لكن الواقع يقول إن هذه الجهة لها ميزات خاصة، لأنها تساهم في تعزيز التنمية التي لها علاقة أيضا بمجالات أخرى منها الصحة والفلاحة والتجهيزات الأساسية والثقافة.
وما كان لهذه الجهة، التي تضم أكبر تجمع ديمغرافي على المستوى الوطني أن تحقق الريادة في كل شيء، لولا توفرها على مؤهلات كبيرة، خاصة ما تعلق بالعنصر البشري النشيط والمؤهل.
ومادام الشيء بالشيء يذكر، فإن مذكرة إخبارية للمندوبية السامية للتخطيط جرى تعميمها في ماي الماضي، أبرزت أن خمس جهات تحتضن 72 في المائة من مجموع السكان النشيطين البالغين 15 سنة فما فوق على المستوى الوطني، مع الإشارة إلى أن جهة الدار البيضاء – سطات، تأتي في المركز الأول بنسبة 22.7 في المائة من النشيطين .
فالعنصر البشري المؤهل، فضلا عن المؤهلات المحلية، هو الكلمة المفتاح، في جلب مزيد من الاستثمارات في مجال الصناعة خاصة ما تعلق بالطيران والسيارات، وحتى أشياء أخرى من بينها ريادة الجهة مؤخرا في إنتاج مستلزمات طبية منها الكمامات الواقية وأجهزة تنفس الاصطناعي “مائة بالمائة مغربية ” موجهة لكسر شوكة الفيروس التاجي “كوفيد 19” .
على أن الأهم في هذه العملية برمتها هو أن مجموعة من الوحدات الصناعية الإنتاجية المحلية، التي تنشط في مجالات مختلفة، تمكنت بسرعة كبيرة من توجيه أنشطتها لإنتاج عدد ضخم من الكمامات بشكل مكن المغرب من تحقيق اكتفاء ذاتي، ليتجه بعد ذلك إلى التصدير للدول الأوروبية، علاوة على تقديمها ضمن إعانات متنوعة للدول الإفريقية.
وما دامت عملية إنتاج الكمامات وغيرها من المستلزمات لها علاقة بالصحة في ضوء انتشار كوفيد 19، فإن الجهة عملت أيضا على توسيع مجال بنيات الاستقبال عبر تعزيز العرض الطبي، وإقامة مستشفيات ميدانية، كإجراء استباقي لمواجهة أي طارئ له صله بالفيروس التاجي.
وفي مجال الفلاحة، تواصل الجهة تحقيق إنجازات في هذا المجال، وذلك من خلال إنتاج كم كبير من الخضروات والفواكه يغطي مختلف فصول السنة، ويوجه لمناطق الجهة، وحتى لوحدات تشتغل في مجال الصناعة الغذائية.
وفي مجال تربية الماشية، برزت بشكل جلي مؤهلات الجهة بخصوص العناية بتربية الماشية، حيث أعلنت المديرية الجهوية للفلاحة الدار البيضاء – سطات، قبل أيام أن الجهة توفر عرضا كافيا من الأضاحي، يصل عددها هذه السنة إلى مليون و450 ألف رأس من الأغنام والماعز، 60 في المائة منها من سلالة الصردي المنحدرة أساسا من إقليمي سطات وبرشيد.
وبشأن تداعيات قلة التساقطات المطرية برسم الموسم الفلاحي 2019-2020، وتبعا لبرنامج وطني أعدته وزارة الفلاحة و الصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، اعتمدت المديرية الجهوية سلسلة من التدابير، يروم بعضها تأمين استقرار أسعار المواد العلفية، والحفاظ على الثروة الحيوانية وخاصة قطيع التوالد، بالإضافة إلى مواكبة ومساعدة الفلاحين .
وبناء على ذلك فقد استفاد مربو الماشية إلى غاية 14 يوليوز الجاري مما مجموعه 450 ألف قنطارا من الشعير المدعم، وذلك من أصل مليون قنطار مخصصة لجهة الدار البيضاء سطات حتى شهر شتنبر القادم .
وفي مجال آخر جرى بمختلف مناطق الجهة، إنجاز مشاريع طرقية وأخرى تتعلق بتشييد جسور، وأنفاق، علاوة على تحسين خدمات النقل الحضري، كما حصل بالدار البيضاء على سبيل المثال لا الحصر .
وما دامت التنمية المحلية لا تستقيم دون وجود مزيد من الاستثمارات، فقد شكل أول اجتماع للمركز الجهوي للاستثمار لجهة الدار البيضاء – سطات بتاربخ 7 دجنبر 2019، الانطلاقة العملية لتفعيل القانون رقم 47.18 المتعلق بإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار.
وتم التأكيد خلال هذا الاجتماع أن المهام الجديدة للمركز الجهوي للاستثمار يجب أن تعمل على تعزيز مكانة جهة الدار البيضاء – سطات كقاطرة للاقتصاد الوطني، من خلال تقديم المساعدة والدعم ومواكبة المشاريع الاستثمارية،وكذلك تطوير العرض الترابي بتشاور مع مختلف الشركاء والفاعلين الاقتصاديين في الجهة .
وفي الشق الثقافي شهدت الجهة، قبل انتشار كورونا المستجد، دينامية كبيرة عكستها أنشطة شهدتها مختلف مناطق الجهة تغطي مهرجانات وملتقيات وأمسيات فنية وموسيقية، واستمر بعضها على شكل أنشطة عن بعد .
لقد شكلت الجهة دوما محركا للتنمية المحلية وحتى الوطنية بمعناها الواسع، وامتد هذا الحضور الوازن حتى خارج الوطن، لأنها مجال خصب للأعمال بامتياز يتعزز إشعاعه سنة بعد أخرى.

جهة بني ملال – خنيفرة: مشاريع تنموية مطردة ومتسارعة

تشهد جهة بني ملال – خنيفرة دينامية تنموية مطردة ومتسارعة، متمثلة في إطلاق العديد من الأوراش والمشاريع في مختلف المجالات ويستحضر الشعب المغربي وهو يحتفل بذكرى عيد العرش المجيد كيف أصبحت هذه الجهة ورشا خصبا للمبادرات التنموية في القطاع الفلاحي على الخصوص بالنظر لمقوماتها ومؤهلاتها الطبيعية، في سياق جديد يرتبط بإعادة ترتيب أولويات النموذج التنموي للمملكة، وتعزيز مسار تنزيل الجهوية المتقدمة، وإعادة هيكلة شاملة للبرامج والسياسات العمومية من أجل توفير العيش الكريم للمواطنين، مما يفترض تسريع عملية تنفيذ المشاريع وأجرأتها.
لقد أضحت الفلاحة بهذه الجهة قاطرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، إذ تساهم بشكل كبير في الاقتصاد الوطني فيما يخص السلاسل النباتية والحيوانية الرئيسية، بنسبة 30 في المائة بالنسبة للبذور المختارة و28 في المائة بالنسبة للشمندر السكري و20 في المائة بالنسبة للحوامض و15 في المائة بالنسبة لأشجار الزيتون و16 في المائة بالنسبة للحليب و14 في المائة بالنسبة للحوم الحمراء.
وفي إطار المخطط الفلاحي الجهوي، تم تنفيذ 102 مشروعا بموجب الدعامة الأولى والدعامة الثانية بمبلغ 5.7 مليار درهم وغرس 47 ألف هكتار، منها 30 ألف هكتار من أشجار الزيتون وتشييد 48 وحدة للتثمين وتعميم استعمال البذور المختارة والمكننة.
وخلال السنة الماضية صادقت اللجنة الجهوية للاستثمار على 14 مشروعا باستثمار إجمالي بلغ 695 مليون درهم، همت قطاع الخدمات بستة مشاريع، وقطاع السياحة بمشروعين، وقطاع الصحة بثلاثة مشاريع، وقطاعات التعليم الخاص والصناعة الغذائية والسكن بمشروع واحد لكل منها.
وعلى صعيد التحهيزات الأساسية تم خلال هذه السنة، التوقيع على برتوكول اتفاقية من أجل تعزيز وإعادة تأهيل البنية التحتية الصحية بجهة بني ملال- خنيفرة بقيمة تفوق 900 مليون درهم، مما يشكل نقلة نوعية في مسار النهوض وتقوية نظام صحي جهوي متكامل ومستدام، يستجيب لانتظارات ساكنة الجهة.
وتهم هذه الاتفاقية بناء وتجهيز مستشفى ملحق بالمركز الاستشفائي الجهوي بسعة 250 سريرا ببني ملال بكلفة إجمالية تقدر ب(350 مليون درهم)، ومركز استشفائي إقليمي بسعة 120 سريرا بمدينة أزيلال “240 مليون درهم”، ومستشفى جهوي للأمراض النفسية والعقلية بسعة 120 سريرا ببني ملال “70 مليون درهم”، ومصحة ومركز جراحة الأورام السرطانية ببني ملال “100 مليون درهم”.
وتشمل هذه المشاريع بناء وتجهيز مركز جهوي لتحاقن الدم ببني ملال (20 مليون درهم)، ومركز جهوي مندمج للمهن التمريضية وتقنيات الصحة ببني ملال “12 مليون درهم”، علاوة على توسيع وتجهيز مستشفى القرب بمريرت “65 مليون درهم”، وتأهيل المستشفى الإقليمي الحسن الثاني بخريبكة (23 مليون درهم)، وتأهيل وتجهيز مستشفى القرب بوادي زم “12 مليون درهم”.
وفي مجال التربية والتكوين، تم خلال الأشهر الماضية التوقيع على أربع اتفاقيات شراكة بقيمة إجمالية تقدر ب2ر2 مليار درهم، تهم تنفيذ برنامج العمل المتوسط المدى للارتقاء بالعرض التربوي بهذه الجهة، من خلال إحداث مدارس جماعاتية، وداخليات، ومطاعم مدرسية، ومؤسسات تعليمية، وتعويض الحجرات من البناء المفكك، والنهوض بالنقل المدرسي، وذلك من أجل تطوير المؤشرات النوعية للمنظومة التربوية بالجهة.
كما تهم إحداث “مدينة المهن والكفاءات” بالجهة، وفق خارطة طريق تروم تطوير قطاع التكوين المهني، وذلك بتكلفة تقدر ب340 مليون درهم، هذا علاوة على إحداث نواة جامعية متعددة التخصصات في إقليم أزيلال تتيح للطلبة متابعة دراستهم العليا دون الاضطرار للتنقل إلى مدن أخرى وذلك ابتداء من الدخول الجامعي المقبل.
ولعل أبرز مشروع هيكلي ستعرفه الجهة هو مشروع الطريق السيار مراكش قلعة السراغنة بني ملال خنيفرة، بكلفة تصل إلى حوالي 12 مليار درهم“ والذي انتهت الدراسات بشأنه قبل المرور لمرحلة التنفيذ في المقبل من الأشهر.
مشاريع أخرى مهيلكة ستعرفها الجهة في إطار ما يقوم به مجلس الجهة الذي صادق مؤخرا على عقد برنامج من أجل تنفيذ المشاريع ذات الأولوية في برنامج التنمية الجهوية 2020-2022، وذلك بقيمة إجمالية تقدر ب 7 ملايير و982 مليون درهم.
ويتضمن عقد البرنامج المبرم بين الدولة وجهة بني ملال-خنيفرة عددا من المحاور، تشمل ” الاستثمار وتحسين جاذبية المجال الجهوي” بكلفة إجمالية تقدر ب4 ملايير و186 مليون درهم، و”فك العزلة عن العالم القروي الجبلي وتعميم التزود بالماء الصالح للشرب” بقيمة تقدر ب500 مليون درهم.
ويتضمن أيضا إحداث مستشفى جامعي وكلية للطب بجهة بني ملال-خنيفرة، بهدف تطوير العرض الصحي بالمنطقة وبناء مركب جامعي جديد ببني ملال.

جهة الشرق: مسلسل التنمية يسير بخطى ثابتة

يشكل إعطاء انطلاقة أشغال إنجاز مدينة المهن والكفاءات لجهة الشرق، في متم يونيو الماضي، حدثا يجسد الأهمية التي يحظى بها العنصر البشري باعتباره ركيزة أساسية لمسلسل التنمية الذي تشهده الجهة.
فجهة الشرق تزخر بالعديد من المؤهلات وتحتفل ساكنتها بذكرى عيد العرش المجيد من خلال متابعة وتيرة الإنجازات الجارية بعناية كالمركب المينائي الجديد الناظور غرب المتوسط، وتهيئة بحيرة مارتشيكا بالإضافة إلى مختلف المشاريع الرامية إلى تعزيز ربط الجهة.
هي إذن دينامية تنموية ترتكز على مجموعة من المشاريع المهيكلة التي من شأنها أن تغير، في غضون بضع سنوات، معالم الجهة وتمكنها من تحقيق إقلاع اقتصادي سيجعل منها قاطرة للتنمية على الصعيد الوطني.
في هذا السياق يتعين إعداد العنصر البشري وأطر ومهنيي المستقبل، وتأتي مدينة المهن والكفاءات لجهة الشرق التي تقع بإقليم الناضور، استجابة لهذا الطلب بغاية تحقيق قفزة نوعية على صعيد التكوين المهني وإنعاش الكفاءات، دون إغفال الدور الذي تضطلع به مختلف المؤسسات التابعة لجامعة محمد الاول بوجدة.
وحسب معطيات لمكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل فإن المدينة التي سيكلف إنجازها استثمارا إجماليا يناهز 360 مليون درهم، ضمنها مساهمة من مجلس جهة الشرق تصل قيمتها إلى 90 مليون درهم، تقع على وعاء عقاري يقدر ب 12 هكتارا، وتصل طاقتها الاستيعابية الإجمالية إلى 2920 متدربة ومتدربا سنويا، وتمنح إمكانية التكوين في 8 قطاعات مختلفة تضم 74 شعبة، نحو 58 في المائة منها تخصصات جديدة.
وتضم البنيات التحتية للمدينة فضاءات بيداغوجية ومعيشية، حيث تشتمل الفضاءات البيداغوجية على بنيات مشتركة يستغلها المتدربون والمتدربات في مختلف التخصصات (مراكز اللغات والكفاءات الذاتية، ومركز التوجيه الوظيفي، وفضاءات العمل المشترك، ومختبر للتطوير، ومعمل رقمي وحاضنة المقاولات ومكتبة وسائطية) بالإضافة إلى 8 أقطاب قطاعية مخصصة لتعلم المهن تهم قطب الصناعة وقطب التسيير والتجارة والقطب الرقمي والأوفشورينغ وقطب السياحة والضيافة مع فندق بيداغوجي، وقطب الفلاحة، وقطب الصحة مع وحدة حقيقية للعلاج، وقطب البناء والأشغال العمومية وقطب خدمات الأشخاص.
ويندرج هذا المشروع في إطار برنامج مدن المهن والكفاءات الذي يتضمن إنجاز 12 مدينة للمهن والكفاءات على صعيد مختلف جهات المملكة.
على صعيد آخر، ودائما في إطار نفس السياق المتعلق بتجميع الشروط الكفيلة بتحقيق إقلاع اقتصادي واجتماعي مستدام، تميزت بداية سنة 2020 بالإعلان عن المشاريع المزمع إنجازها بجهة الشرق في إطار البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027، الذي وقعت الاتفاقية الإطار الخاصة به في 13 يناير 2020 أمام أنظار صاحب الجلالة الملك محمد السادس.
وبالنسبة لجهة الشرق، تم في إطار هذا المخطط رصد اعتماد مالي يناهز 3 مليارات درهم لإنجاز عدد من السدود الكبرى من بينها سد تاركا او مادي “إقيم جرسيف الذي تبلغ حقينته 287 مليون متر مكعب”، ومشرع الصفصاف “إقليم بركان بحقينة 600 مليون متر مكعب”، وسد بني عزيمان “إقليم الدريوش بحقينة 45 مليون متر مكعب”، بالإضافة إلى مشروع تعلية حاجز سد محمد الخامس بإقليم الناظور الذي سيمكن من رفع الحقينة الإجمالية للسد من 240 مليون متر مكعب حاليا إلى نحو مليار متر مكعب.
من هذا المنطلق، ترتكز الدينامية التنموية لجهة الشرق على أسس صلبة من شأن ضمان استدامة وفعالية المشاريع الحالية والمستقبلية بهذه الجهة التي ينتظرها مستقبل واعد للغاية بالنظر إلى غنى وتنوع مؤهلاتها الطبيعية والبشرية.
وبالموازاة مع ذلك، تواكب مختلف الأقاليم التابعة للجهة هذا الإقلاع من خلال مشاريع للتأهيل الحضري وتأهيل وتثمين التراث الثقافي وإعادة تأهيل النسيج الاقتصادي والاجتماعي، بالإضافة إلى مشاريع تهم فك العزلة عن العالم القروي بمساهمة متميزة من مجلس الجهة.
فالعمل جار إذن على قدم وساق لتمكين جهة الشرق من التموقع، طبقا للتوجيهات الملكية السامية الرامية إلى تحقيق تنمية مندمجة بهذه الجهة، كوجهة متميزة على الصعيد الوطني.

جهة طنجة – تطوان – الحسيمة.. منجزات تكرس مكانة الجهة كبوابة لإفريقيا نحو العالم

حافظت جهة طنجة-تطوان-الحسيمة، على مدى السنوات الماضية، على وتيرة نمو جعلتها ترتقي لثاني أهم قطب صناعي بالمملكة المغربية، والبوابة الأولى للقارة الإفريقية نحو أوروبا والعالم.
التطور المطرد للجهة على مدى أزيد من عقد، شمل مجالات الاقتصاد والصناعة، والثقافة والخدمات الاجتماعية والبنيات التحتية، وفق رؤية حكيمة رسم معالمها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، لرفع مختلف مؤشرات التنمية البشرية، عبر تسطير مشاريع هادفة تروم في المقام الأول خدمة الإنسان، وتكريس الصيت الدولي لجهة طالما كانت جسرا يربط المغرب بمحيطه المتوسطي والأوروبي.
وعلى مدى ال 12 شهرا الماضي، واصلت جهة الشمال، وفي مقدمتها كبرى حواضرها، مدينة طنجة، طريق التقدم كقاطرة نمو لكافة التراب الوطني، مع اقتسام ثمار التنمية في إطار التضامن الجهوي مع باقي عمالات وأقاليم المنطقة.
الصناعة والاقتصاد .. قاطرة النمو
بعد تسجيل متوسط معدل نمو سنوي يناهز 4,6 في المائة منذ عام 2010، ارتفعت مساهمة الجهة، حسب الأرقام الرسمية الأخيرة، إلى 8,6 في المائة من الناتج المحلي الخام، كما صارت ثاني أكبر جهة مساهمة في سلسلة إحداث القيمة المضافة الصناعية.
ويعتبر قطاع الخدمات أهم نشاط اقتصادي على صعيد الجهة، بمساهمته بحوالي 55.2 في المائة من القيمة المضافة بالجهة، ويأتي في المقام الثاني قطاع الصناعة بمساهمة تصل إلى 33,5 في المائة.
ويتمحور القطاع الاقتصادي لجهة طنجة-تطوان-الحسيمة على الأنشطة المينائية والصناعية بمناطق التسريع الاقتصادي المتواجدة في محيط الحواضر الكبرى، وفي مقدمتها المركب المينائي طنجة المتوسط، الذي يعتبر منصة بمواصفات دولية بالضفة الجنوبية لمضيق جبل طارق.
ويتوفر المركب المينائي، الأكبر من نوعه بالقارة الإفريقية وحوض المتوسط، على خطوط بحرية تربطه بحوالي 180 ميناء عبر العالم، وبقدرة تصل إلى مناولة 9 ملايين حاوية في العام، واستقبال 7 ملايين مسافر، وتأمين عبور 700 ألف شاحنة للنقل الدولي الطرقي، ومليون عربة.
بعد العام الأول فقط من انطلاق تشغيل العمليات المينائية لميناء طنجة المتوسط 2، حقق الميناء نموا قياسيا في نشاط مناولة الحاويات بنسبة تصل إلى 38 في المائة، ليصل خلال العام الماضي إلى مناولة 4.8 مليون حاوية.
ولا تكمن أهمية هذا المشروع المهيكل في شقه المينائي فقط، بل واصلت المناطق الصناعية التابعة لمجموعة طنجة المتوسط استقطاب الاستثمارات الأجنبية على مدى العام الماضي وخلال الأشهر الأولى من العام الجاري، وهو ما رفع عدد المقاولات المستقرة بها إلى أزيد من 1000، تحقق رقم معاملات يفوق 8 ملايير أورو، وتنشط في قطاعات السيارات والطائرات واللوجستيك والنسيج والتجارة.
وانعكست هذه المؤشرات الاقتصادية على المعيش اليومي للمواطنين، فمعدل البطالة بالكاد يصل إلى 7.8 في المائة، في حين يناهز على المستوى الوطني 9.6 في المائة، كما أن معدل الفقر بالجهة (2,6 في المائة) يعتبر أقل من المعدل الوطني (4.85 في المائة)، وإن كانت هذه المؤشرات متباينة بين عمالتي وأقاليم الجهة.

التعليم والصحة.. قطاعان قيد الإقلاع

في شتنبر الماضي، تم الافتتاح الرسمي لمقر كلية الطب والصيدلة بطنجة والذي جاء ليكمل عرض التكوين في التعليم العالي بمؤسسة نموذجية للتكوين في مختلف الشعب الطبية، وتم بناء مقر الكلية بمحاذاة ورش المركز الاستشفائي الجامعي، الذي يرتقب تدشينه بدوره خلال الاشهر القليلة المقبلة، ما سيمكن الطلبة من الجمع بين التعليم النظري والتطبيقي.
على صعيد آخر، تم الإعلان عن مشاريع بناء 5 كليات ومدارس عليا بمختلف مدن الجهة، وهو ما سيجعل جامعة عبد المالك السعدي تتوفر قريبا على 20 مؤسسة جامعية، تمنح تكوينات في الهندسة والطب والصيدلة والحقوق والاقتصاد والاجتماع والآداب واللغات والفيزياء والبيولوجيا وغيرها من الشعب التعليمية التي تنفتح على مختلف الآفاق الأكاديمية.
أما على مستوى التعليم الأساسي، فقد تم مع بداية الدخول المدرسي 2019 – 2020 إطلاق 35 مشروعا، تتوزع على 4 مدارس جماعاتية و8 مدارس ابتدائية و13 ثانوية إعدادية و5 ثانويات تأهيلية و3 داخليات ودارين للطالبة والطالب، إلى جانب إطلاق عملية بناء المئات من حجرات التعليم الأولي بالوسطين الحضري والقروي. ومن شأن هذه المشاريع رفع معدلات التمدرس والنجاح على صعيد الجهة.
كما شهد قطاع الصحة بدوره منجزات مهمة، تمثلت بالأساس في افتتاح عدد من المؤسسات الاستشفائية لتعزيز العرض الطبي، وتمثلت على الخصوص في مستشفيي القرب بإمزورن والقصر الكبير، كما أن أشغال بناء المركز الاستشفائي الجامعي بطنجة والمستشفى الإقليمي بالحسيمة قاربت على الانتهاء، إلى جانب إطلاق مشاريع بناء مستشفى إقليمي بوزان ومستشفى جهوي بتطوان، وافتتاح العديد من المراكز الصحية بالمدن والمراكز القروية لتقريب الخدمات الطبية من المواطنين.
موازاة مع الاستثمارات العمومية المباشرة في قطاع الصحة، أعلنت المديرية الجهوية للصحة عن إبرام عدد من الاتفاقيات لتعزيز وتجويد الخدمات الصحية بالجهة بقيمة إجمالية تصل إلى 256,9 مليون درهم، وتجمع بين وزارة الصحة وولاية ومجلس الجهة وبعض الجمعيات الفاعلة في الحقل الصحي، وهي اتفاقيات تشمل الفترة الممتدة من 2019 إلى 2021.
البيئة والتراث .. هاجس التنمية المستدامة
في جهة يمتد المجال الغابوي على حوالي ثلث مساحتها “31 في المائة”، تشكل البيئة هاجسا أساسيا بجهة الشمال لضمان استمرار الموارد للأجيال المقبلة، وتثمينها بشكل يحقق التنمية المستدامة عبر الجمع بين إكراهات النمو الاقتصادي والحفاظ على البيئة.
إلى جانب مواصلة تثمين الموارد الغابوية، حظي قطاع الماء باهتمام خاص من خلال الإعلان عن الخطوط العريضة لتنزيل البرنامج الوطني لمياه الشرب ومياه الري 2020 -2027 على صعيد الجهة، عبر بناء 4 سدود كبرى بحقينة إجمالية تصل إلى 1400 مليون متر مكعب من الماء، وتعميم تزويد الربط بشبكة المياه الصالحة للشرب بالوسطين الحضري والقروي، وتوسيع المدارات الفلاحية السقوية.
من بين هذه المشاريع، برنامج بقيمة تصل إلى 335 مليون درهم لتمويل مشاريع الري بالقطاع الفلاحي، والإعلان عن برنامج التزويد بالماء الشروب للمدن والتجمعات السكانية بجهة طنجة – تطوان – الحسيمة، بأزيد من 4 مليارات درهم، وهو برنامج يروم تسريع الاستثمارات بقطاع الماء لإعطائه دفعة جديدة ولمواكبة جهود القطاعات المستعملة للموارد المائية.
هي دينامية دؤوبة شملت أيضا قطاعات الثقافة والسياحة للحفاظ على التراث المادي واللامادي لمختلف حواضر جهة الشمال وتثمينه في دعم الجاذبية السياحية والاقتصادية، ولا أدل على ذلك المصادقة على خمس اتفاقيات متعددة الأطراف لتأهيل وتثمين المدن العتيقة لشفشاون ووزان والقصر الكبير والعرائش وطنجة بكلفة مالية إجمالية تصل إلى مليار و 860 مليون درهم، إلى جانب البرنامج التكميلي لتهيئة المدينة العتيقة لتطوان بغلاف مالي يناهز 350 مليون درهم.
وبالرغم من تداعيات جائحة فيروس كورونا، تواصل جهة طنجة-تطوان-الحسيمة التطلع نحو المستقبل المنشود، ترسم خطوطه مشاريع وبرامج مهيكلة، كانت ثمرة رؤية حكيمة وعناية ملكية مولوية موصولة من صاحب الجلالة الملك محمد السادس.

Related posts

Top