حكومة غير سياسية وخارج التغطية

ينعقد، بعد غد الخميس، مجلس الحكومة، سيتدارس في بدايته ثلاثة مشاريع مراسيم.
يتعلق الأول منها بتغيير المرسوم الصادر في شأن تطبيق القانون القاضي بإعادة تنظيم الصندوق المغربي للتقاعد.
ويتعلق مشروع المرسوم الثاني، بتحديد تصنيف المواد المتفجرة ذات الاستعمال المدني والشهب الاصطناعية الترفيهية والمعدات التي تحتوي على مواد نارية بيروتقنية ومناطق خطرها واعتمادها ووسمها واستيرادها وتصديرها وشرائها وبيعها ونقلها واستعمالها وإتلافها، وكذا شراء البارود الموجه للتظاهرات أو الاحتفالات ونقله وتخزينه واستعماله.
أما مشروع المرسوم الثالث فيتعلق بتخزين وصنع المواد المتفجرة ذات الاستعمال المدني والشهب الاصطناعية الترفيهية والمعدات التي تحتوي على مواد نارية بيروتقنية، وكذا أنظمة الحراسة والأمن والسلامة المتعلقة بالمستودعات والمصانع.
وقال بلاغ للحكومة إن المجلس سيختم أشغاله بدراسة مقترحات تعيين في مناصب عليا طبقا لأحكام الفصل 92 من الدستور.
لا نقلل من أهمية جدول أعمال الحكومة ليوم الخميس القادم، فمشاريع المراسيم التي سيتدارسها تؤثر بشكل مباشر على قطاعات معينة، ولها نتائج بالتأكيد مؤثرة.
لكن كان حريا بالحكومة أن تنشغل أكثر بما يقض مضجع المغاربة ويجعلهم يرسمون آفاق قاتمة لمستقبلهم القريب، بفعل انهيار تام لقدرتهم الشرائية، ولجوئهم إلى الاستدانة من أجل ضمان قوتهم اليومي.
ما ستتدارسه الحكومة بعد غد الخميس يجدد التأكيد على أنها حكومة تغرد خارج السرب، ويجرفها تيار “لوبيات المصالح” الذي يرمي بها بعيدا عن انشغالات المواطنات والمواطنين الذين أنهكتهم الارتفاعات المتتالية للمواد الأكثر استهلاكا، والناجمة عن الزيادات غير المبررة لأسعار المحروقات.
أولى إفرازات الغضب الشعبي تمثلت في إطلاق حملة لم تكتف فقط بالدعوة إلى خفض سعر المحروقات إلى أكثر من النصف، بل تجاوزت ذلك إلى المطالبة برحيل رئيس الحكومة.
هاشتاغ الحملة، الذي يدعو إلى خفض الأسعار مرفقا بـ”أخنوش إرحل”، نشر أكثر من 300 ألف مرة على فيسبوك إلى غاية صباح أمس الاثنين. ومن المتوقع أن يلامس هذا الرقم مستويات عليا تعبيرا عن انفلات التضخم الذي سيصل بحسب المندوبية السامية للتخطيط أ إلى 4.9 في المائة، مقابل 3.2 في المائة في العام الماضي. وهو ما ينذر بأيام عصيبة لمواطنات ومواطنين لم يعودوا قادرين على مجاراة السقف العالي للزيادات، وباتوا مضطرين للاستدانة من أجل ضمان قوت عيالهم اليومي.
لا ندري هل حكومتنا تستشعر الخطر القادم؟
وهل فطنت إلى أن اكتفاءها بدعم مهنيي نقل السلع والأشخاص كي لا تنعكس التكاليف التي يتحملونها على المستهلكين، تأكد أنه إجراء خاطئ؟ فهو إن كان يجنبها غضب قطاع استراتيجي معين، لن يمنعها من صد لهيب احتجاج شعب كامل.
لقد كان بإمكان الحكومة اللجوء إلى تسقيف أسعار المحروقات كما ينص على ذلك قانون حرية الأسعار والمنافسة، وهو تدبير كان طرح سابقا، أو التخلي، ولو مؤقتا، عن التحرير الذي ظل ساري المفعول منذ سبعة أعوام.
كما كان بإمكان الحكومة، في ظل مستويات أسعار المحروقات الحالية، التخلي عن بعض من الإيرادات الجبائية التي تهم الوقود، وتنظيم الأسعار عبر تركيبة جديدة تضمن خفض الضرائب المفروضة على المحروقات، مع العمل بضريبة تساعد على استرجاع الأرباح الفاحشة التي استفاد منها الموزعون منذ التحرير، والعودة إلى التكرير عبر مصفاة “سامير” المتوقفة منذ سبعة أعوام، والتي كانت تساهم بالإضافة إلى مخزون الخام الذي كانت توفره في تجنيب المغرب تقلبات الأسعار في السوق الدولية.
فهل حكومتنا سياسية بالفعل حتى تفكر بهذا المنطق العقلاني السليم؟.
نشك في ذلك. فإن كانت فعلا سياسية، كما قال الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، في تغريدة نشرتها بيان اليوم أمس، كانت بالتأكيد ستتدخل لوقف لهيب الأسعار.

مصطفى السالكي

< تصوير: عقيل مكاو

Related posts

Top