خطاب مفصلي في تحديد علاقة المغرب مع شركائه

طالب جلالة الملك محمد السادس في خطابه السامي بمناسبة الذكرى 69 لـ “ثورة الملك والشعب” كل شركاء المغرب التقليديين والجدد، بتوضيح موقفهم بخصوص قضية الصحراء المغربية، والخروج من المنطقة الضبابية إلى منطقة الوضوح التام الذي لا يقبل التأويل.   

وأكد جلالة الملك في رسالة واضحة لجميع الدول التي تريد المساومة في قضية وحدتنا الترابية، على أن “ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس به صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات”، لذا، يضيف جلالة الملك ” ننتظر من بعض الدول، من شركاء المغرب التقليديين والجدد، التي تتبنى مواقف غير واضحة، بخصوص مغربية الصحراء، أن توضح مواقفها، وتراجع مضمونها بشكل لا يقبل التأويل”. 

وفي الوقت الذي أشاد فيه جلالة الملك محمد السادس بموقف أمريكا وبعض الدول الأوربية، التي تبنت موقفا داعما لقضية الوحدة الترابية للمملكة وأعلنت صراحة تأيدها لمبادرة الحكم الذاتي، وذكرها جلالته بالإسم، وهي ألمانيا وهولندا والبرتغال، وصربيا وهنغاريا وقبرص ورومانيا، لم يأت على ذكر تلك الدول المطالبة بتوضيح موقفها من قضية الصحراء المغربية، وضمنها دول تعتبر شريكا تقليديا للمملكة، وفي مقدمتها فرنسا التي تعي جيدا طبيعة الصراع المفتعل حول الصحراء المغربية.

ويرى ملاحظون، أن الرسالة، واضحة، على الرغم من أن جلالة الملك لم يشر إلى أي دولة من شركاء المملكة، وأن المقصود بالدرجة الأولى هو فرنسا وبعض الدول الأوربية الأخرى والتي يبقى موقفها من قضية الصحراء المغربية ضبابيا، وتقف على الحبلين من هذا النزاع المفتعل، خدمة لمصالحها الضيقة والتي تقوم بالأساس على رغبتها في استدامة هذا النزاع كبؤرة توتر دائمة في المنطقة.

ومعلوم أن استدامة النزاع حول الصحراء المغربية، يعيق أي إمكانية لتطور دول وشعوب المنطقة، كما يقوض أي وحدة اقتصادية محتملة في منطقة المغرب الكبير وبالتالي يفكك القوة التفاوضية لدول المنطقة لفائدة دول بعينها، التي ظلت تاريخيا تجعل من ملف الصحراء المغربية ورقة ضغط ومساومة، بتواطئ غير معلن مع نظام العسكر الجزائري الذي يعاكس مصالح شعبه وشعوب المنطقة كلها التواقة إلى الوحدة والاندماج الاقتصادي.

خطاب 20 غشت 2022 لجلالة الملك محمد السادس، هو خطاب مفصلي، ومعيار أساسي في تحديد علاقات المغرب الدولية وفي بناء الشركات الاقتصادية، حيث لم يعد من المقبول التعامل مع دول داعمة لقضية الصحراء المغربية، بنفس المقياس مع دول اختارت عن قصد وعن سبق إصرار أن تقف في المنطقة الرمادية، وتصر على معاكسة الحقوق التاريخية الجوهرية للمغرب، وبالتالي فإن جلال الملك وضع معيارا أساسيا في بناء هذه العلاقات حين قال جلالته إن ” ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس به صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات”.

الأكيد أن فرنسا ليست هي المعنية لوحدها، بل هناك دول أخرى معنية بنفس الرسالة، ومطالبة بتوضيح موقفها بشكل لا يدع مجالا للتأويل كإيطاليا وبريطانيا وغيرها من الدول الأخرى التي تسعى إلى الاستمرار في بناء علاقة ذات بعد استراتيجي مع المملكة دون أن تكون واضحة في موقفها السياسي اتجاه قضية المغاربة الأولى وهي قضية الصحراء المغربية.

ومعلوم أن جلالة الملك محمد السادس قد نوه في الخطاب ذاته، باعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء الذي قال عنه “إنه لا يتغير بتغير الإدارات ولا يتأثر بالظرفيات” كما رحب جلالته باعتراف إسبانيا التي قال إنها تعرف أصل النزاع وحقيقته، مشيرا إلى أن الموقف الإسباني لا يتأثر بالظروف الإقليمية ولا بالظروف السياسية الداخلية.

محمد حجيوي

Top