دعت شرفات أفيلال كاتبة الدولة المكلفة بالماء، عضوة الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، إلى إطلاق حوار وطني بمشاركة مختلف الأحزاب السياسية وفعاليات المجتمع المدني، من أجل
وقالت شرفات أفيلال، خلال اللقاء التواصلي الذي نظمه الفرع الإقليمي لحزب التقدم والاشتراكية بالخميسات، أول أمس السبت، حول موضوع “البديل التنموي بنفس ديمقراطي جديد” إن حزب التقدم والاشتراكية كان دائما يربط التنمية الاقتصادية بالعنصر البشري”، مشيرة إلى أن التنمية التي لا تضع الإنسان في مركز اهتمامها تبقى تنمية ناقصة أو عرجاء، كما أن التنمية بهذا المفهوم لا يمكن أن تتحقق دون حياة ديمقراطية وحياة سياسية سوية.
وأضافت أفيلال، خلال هذا اللقاء الذي أداره عضو مكتب الفرع الإقليمي للحزب والمستشار الجماعي أشرف شهبون، أن مغرب ما بعد دستور 2011 أصبح في حاجة إلى نفس ديمقراطي جديد، مؤكدة على أن الديمقراطية ليست خطا مستقيما، فهي دائما في حاجة إلى صيانة وإلى تقويم، وهي أيضا في حاجة إلى أحزاب سياسية قوية، وإلى طبقة سياسية لها مصداقية أمام الشعب، كما أنها بحاجة أيضا، إلى تداول ديمقراطي.
وأوردت القيادية في حزب التقدم والاشتراكية، في مداخلتها، ما يعتمر المجتمع المغربي من قلقل متزايد، والذي تعكسه الحركات الاحتجاجية سواء في الريف أو جرادة أو غيرهما، مؤكدة على أن الأحزاب السياسية، التي تشكل الوسيط بين الدولة والمجتمع، ّ”لم يعد يسمع لها أحد”، وأصبحت تفقد مصداقيتها شيئا فشيئا، وهو ما يحتم، في نظرها، إعادة الاعتبار للفعل السياسي وللمؤسسات الحزبية التي أقرها الدستور من خلال نخب لها مصداقية وتحظى بالثقة لدى المواطنين.
ومن جانب آخر، ركزت شرفات أفيلال على دور حزب التقدم والاشتراكية كحزب سياسي فاعل مطالب بفتح حوار صريح حول كل الإشكالات التي تعتمر المشهد السياسي الوطني، خاصة في هذه المرحلة التي قالت عنها “إنها أصعب مرحلة يمر منها المغرب منذ حكومة التناوب التوافقي”، مشيرة إلى أن الجميع بات مطالبا بتغيير المقاربة التي يتم التعامل بها مع قضايا المجتمع.
من جانبه، قال مصطفى البرايمي، القيادي في حزب التقدم والاشتراكية، وعضو لجنته المركزية، “إن التفكير في البديل التنموي أو النموذج الاقتصادي الجديد، ليس وليد اليوم، ولا هو وليد الصدفة، ولا يهم فقط المغرب، بقدر ما هناك دول، سواء متقدمة أو صاعدة أو في طريق النمو، هي الأخرى مطروح عليها سؤال النموذج التنموي”، وهو ما يفرض، بحسب المتحدث، ابتكار كل المحاولات وكل الأجوبة، لهذه المرحلة التاريخية بهدف ضبط التغييرات العميقة التي تعرفها.
وعكس ما يذهب إليه البعض، أكد مصطفى البرايمي على أن المغرب لم يتقدم لكنه في المقابل تغير، وهناك فرق كبير بين التقدم والتغيير، مشيرا إلى أن هناك مسافات طويلة أمامه من أجل إحراز التقدم المنشود ويصبح دولة صاعدة، خاصة وأنه في المغرب اليوم، بحسبه، الكل وصل إلى قناعة بأن الأوضاع الاجتماعية وصلت إلى حدها الأقصى.
وأوضح القيادي في حزب التقدم والاشتراكية أن التغيير الذي حصل في المغرب لم تكن له انعكاسات إيجابية على المواطنين ولم يؤد إلى محو الفوارق المجالية والاجتماعية، كما أنه أدى إلى تعزيز مصالح نسبة قليلة جدا من السكان وأدى إلى إغنائها، مستدلا على ذلك بمؤشرات التنمية التي تضع المغرب في أسفل السلم.
وشخص مصطفى البرايمي أعطاب النموذج التنموي بالمغرب في مجموعة من المحددات والتي أقرها المسؤول عن الاقتصاد والمالية في حكومة سعد الدين العثماني من قبيل عدم تطابق منظومة التربية والتكوين مع احتياجات السوق، وديمومة الفوارق الاجتماعية، ومشكل الرشوة وعدم المساواة بين الرجل والمرأة، مع نمو متدبدب عاجز عن خلق مناصب الشغل، ووجود نسيج صناعي ضعيف نظرا لهيمنة القطاع الغير مهيكل.
وشدد المسؤول الحزبي على محدودية الحلول التي تقترحها الحكومة أو التي يطرحها بعض الاقتصاديين والمتمثلة في تقليص عجز الميزانية على حساب القطاعات الاجتماعية واتباع سياسية أكثر صرامة بدل إعمال الحكامة، بالإضافة إلى اللجوء إلى الاقتراض من المؤسسات المالية الدولية، مشيرا إلى أن هذه المقاربة أظهر التاريخ والتجربة فشلها، وأنها لا تدفع البلاد والاقتصاد إلا إلى الكارثة، كما أنها أدت عبر العالم إلى كوارث اجتماعية واقتصادية، ولهذا، يضيف المتحدث، أظهرت الدراسات عدم نجاعة الاقتصاد المغربي على مستوى الإنتاجية وعلى مستوى التنافسية.
وذهب مصطفى البرايمي إلى التأكيد على أهمية المسألة السياسية، باعتبارها عامل أساسي في تطوير الاقتصاد لأن هذا الأخير له ارتباط وثيق بالديمقراطية وهي متلازمة مع التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مشيرا إلى أن عدم فعاليات المؤسسات سواء الحكومة أو البرلمان أدى إلى عدم الاهتمام وأدى إلى تبخيس العمل السياسي في كل تجلياته، وهو ما دفع حزب التقدم والاشتراكية، يضيف المتحدث، إلى رفع شعار “نفس ديمقراطي جديد” بهدف تحسين مناخ الحريات العامة الفردية والجماعية والرفع من قدرات الأفراد والجماعات والمؤسسات من أجل بلورة طموحات الشعب المغربي وتحويل الأفكار إلى تقدم.
وبحسب مصطفى البرايمي فإن المشكل ليس في إنتاج الثروة، ولكن في كيفية توزيع الثروة بكيفية عادلة، مؤكدا على عدم وجود أي تناقض بين النجاعة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، داعيا إلى ضرورة تفكيك منظومة الريع، وضبط المنافسة، وتشجيع الاستثمار المنتج على حساب الاستثمار المضارباتي، وفتح نقاش كبير حول الفلاحة وحول مخطط المغرب الأخضر، والاهتمام بالعالم القروي، وتشجيع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، وتشجيع تنظيم العمال الزراعيين.
يشار إلى أن هذا اللقاء الذي قدم له خالد خبيزي، الكاتب الأول للفرع الإقليمي لحزب التقدم والاشتراكية بالخميسات، حضره النائب البرلماني عن دائرة الخميسات ولماس الحبيب الحسيني، عضو المجموعة النيابية لحزب التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، كما حضره، إلى جانب كتاب الفروع المحلية، مستشارو الحزب بمختلف الجماعات الترابية التابعة لإقليم الخميسات وبعض فعاليات المجتمع المدني بالخميسات.
< محمد حجيوي