خلال ندوة صحفية مشتركة نظمتها فرق ومجموعة المعارضة بمجلس النواب…إجماع على أن الحكومة تعمل بمنطق عددي وأداؤها هزيل

على هامش إسدال الستار عن الدورة الخريفية من السنة التشريعية الأولى، نظمت فرق ومجموعة المعارضة ندوة صحفية مشتركة، أول أمس الاثنين، عرضت فيها حصيلة العمل خلال هذه الدورة الأولى من السنة التشريعية الأولى.
وهم اللقاء، الذي جمع أحزاب المعارضة بمجلس النواب، طرح عدد من التحديات التي أصبحت قائمة في ظل الأغلبية الجديدة ومنطق تسييرها للأمور، خصوصا وأنها أضحت تتوفر على أغلبية عددية مريحة.
وأجمع المتدخلون من فرق ومجموعة الأغلبية في مجلس النواب على أن الحكومة وأغلبيتها النيابية تسعى إلى الاستقواء بالمنطق العددي الضيق على حساب الاستناد إلى المنطق الديمقراطي، مؤكدين على ضرورة صون التعددية السياسية والتوازن والتكامل المؤسساتيين خدمة للأفق الوطني المشترك.
في هذا السياق، قال رشيد حموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، إن سياق تنسيق المعارضة، جاء في العمل المشترك بمجلس النواب وفي النقاط الالتقائية فقط، مشيرا إلى أن الاختلاف قائم بشأن عدد من القضايا خصوصا فيما سيطرح لاحقا، معتبرا أن هذا الأمر مسألة طبيعية ترتبط بهوية كل حزب وموقفه إزاء كل قضية معينة.
وسجل حموني أن الحكومة الجديدة بأغلبيتها، ليست حكومة سياسية، وأنها في الحقيقة حكومة تقنوقراطية، وأغلب وزراءها لا علاقة لهم بالسياسة ولا بالأحزاب السياسية التي صوت لصالحها المواطنات والمواطنين.
وفي مسألة الدولة الاجتماعية التي جاءت بها الحكومة، قال رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب إن فريقه استبشر خيرا بتراجع الأحزاب الليبرالية عن مواقفها واختيارها رفع شعار “الدولة الاجتماعية”، التي طالما تبناها حزب التقدم والاشتراكية وطالب بتفعيلها باعتبارها تدخل ضمن المرجعية الفكرية لليسار، مردفا أن القانون المالي الجديد والتصريح الحكومي جاء بالعكس، وكشف زيف شعار الأغلبية، بحيث جاءت بقوانين وبرامج موجودة في السابق، وعبرت عن سياسة تسير في نفس نهج سابقتها بدون أدنى تغيير.

وأضاف حموني أنه على عكس ما كانت تدعيه الحكومة من شعارات اجتماعية، جاءت بشكل نكوصي إزاء عدد من القضايا، وعلى رأسها قضية العدالة المجالية التي كانت دائما ما تخصص لها الحكومات السابقة 3 ملايير، حيث اكتفت الحكومة الحالية بتخصيص 2 مليار فقط، أي أنها تراجعت حتى على ما كانت عليه الأمور في السابق بنحو مليار، في تناقض صارخ بين أفعالها وخطابها.
وبعدما سجل غياب رئيس الحكومة عن المؤسسة البرلمانية، والنقاش الدستوري داخل مجلس النواب، انتقد رئيس الفريق النيابي لحزب “الكتاب” التخلف عن الموعد الدستوري لعقد جلسة المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة في مجال السياسة العامة، وكذا اختياره التواصل عبر قناتين عموميتين، مما يعكس، حسب المتحدث، رغبة الحكومة في عرض حصيلتها بدون مناقشة وبدون تفاعل باقي الأطراف السياسية.
من جانبهم، أعرب كل من عبد الرحيم شهيد رئيس الفريق الاشتراكي، وإدريس السنتيسي عن الفريق الحركي، وعبد الله بوانو رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية عن قلق المعارضة النيابية إزاء ما باتت تسجله من “ممارسات منافية لروح الدستور منذ تشكيل الحكومة وأغلبيتها البرلمانية”، منتقدين سعي الحكومة وأغلبيتها إلى الاستقواء بالمنطق العددي، حيث اعتبروا أن هناك توجها نحو تضييق الخناق على صوت ومبادرات ومكانة المعارضة داخل مجلسي البرلمان.
وطالب المتحدثون، في ذات الندوة الصحفية، بضرورة إجراء تعديل عاجل وعميق للنظام الداخلي لمجلس النواب، بما يحفظ حقوق المعارضة ويصون التعددية، مجددين التأكيد على أن الحكومة الحالية لا تهدف إلى النقاش السياسي بقدر ما تعول على المنطق العددي، موجهين انتقاداتهم للحكومة، التي قالوا إنها تجاهلت المبادرات التشريعية المهمة المتمثلة في مقترحات القوانين التي تقدمت بها المعارضة، والتي بلغت 59 مقترح قانون، بما يفوق 85 في المائة من مجموع المقترحات.
ووصف رؤساء الفرق والمجموعة النيابية الأداء التشريعي للحكومة بـ “الهزيل” خلال الدورة الخريفية المنتهية، خصوصا وأن عدد مشاريع القوانين المصادق عليها بمجلس النواب لم يتجاوز ثلاثة نصوص تشريعية خلال الدورة كاملة، والتي من ضمنها قانون المالية لسنة 2022، قانون التصفية المتعلق بتنفيذ قانون المالية للسنة 2019، القانون التنظيمي للتعيين في المناصب العليا، و14 اتفاقية فقط.
إلى ذلك، كان المتدخلون خلال الندوة قد وقفوا على مجموعة من المشاكل المرتبطة بالحضور السياسي للحكومة، والتي من ضمنها غياب عدد من الوزراء عن جلسات الأسئلة الشفهية، والاكتفاء بتقديم عدد “هزيل جدا” من الأجوبة على الأسئلة الكتابية التي توجه بها أعضاء مجلس النواب. فضلا عن نهج الحكومة إزاء القضايا الاجتماعية الراهنة، بحيث تعتمد سياسة التبرير بخصوص عدد من القضايا الأساسية، وفي مقدمتها المنحى المقلق لارتفاع أسعار المحروقات وأثمنة معظم المواد الاستهلاكية الأساسية، وعدم مبادرتها إلى استعمال صلاحياتها في التدخل الناجع لضبط الأسعار وتخفيف تأثير تقلبات السوق الدولية، بغاية حماية القدرة الشرائية لعموم المواطنات والمواطنين، وخاصة الشرائح المستضعفة.
هذا، وكان المتدخلون، قد خلصوا إلى التأكيد على حرص المعارضة على العمل، إلى جانب باقي مكونات المجلس، وبروح من التعاون والتكامل مع الحكومة، إسهاما منها في تمكين البرلمان من الاضطلاع بمهامه وصلاحياته على أكمل وجه طبقا للمقتضيات الدستورية في مجالات التشريع والرقابة وتقييم السياسات العمومية والدبلوماسية البرلمانية.

 

 توفيق أمزيان

Related posts

Top