كشفت دراسة بريطانية عن وجود أكثر من 640 مليون شخص عبر العالم يعانون من البدانة، مبرزة تسجيل زيادة كبيرة في معدلات السمنة خلال السنوات الأخيرة.
وأوضحت الدراسة أن عدد البدناء انتقل من 105 ملايين شخص سنة 1975 إلى 641 مليون شخص سنة 2014، مضيفة أن أكثر من واحد من ضمن عشرة من الرجال، وامرأة بين كل سبع نساء، يعانون من البدانة.
وأفادت الدراسة، التي نشرت في دورية «لانسيت» الطبية، بأن نقصان الوزن عن المعدل الطبيعي لا يزال يمثل بدوره مشكلة صحية في أفقر مناطق العالم.
وتضمنت هذه الدراسة، التي شارك فيها أكثر من 700 باحث من شتى أرجاء العالم، تحليل بيانات عن وزن وطول قامة نحو 20 مليون شخص من 186 دولة.
وذكر المصدر ذاته أن السمنة المفرطة تؤدي إلى صعوبة في التنفس والمشي، مشيرا إلى أن 55 مليون شخص يعانون من هذا النوع من البدانة.
وفي معرض تعليقه على نتائج هذه الدراسة، قال مجيد عزتي، الأستاذ بكلية الصحة العامة في إمبريال كوليدج بلندن، إن «تزايد أعداد من يعانون من السمنة في العالم يمثل خطرا بالغا على صحة البدناء بدرجة أكبر من ذي قبل».
وأضاف أن السمنة المفرطة خلل صحي «أكثر شراسة» ولا يمكن معالجته بالأدوية مثل عقاقير خفض ضغط الدم أو علاجات داء السكري أو ممارسة الرياضة.
وشدد عزتي على أنه «في حال عدم اعتماد تدابير سريعة حول العالم لمكافحة البدانة، قد يكون لهذا الأمر تبعات صحية بحجم غير معروف».
هذه الدراسة التي قدمت على أنها من بين أكثر الدراسات اكتمالا في هذا الموضوع حتى اليوم، تستند إلى بيانات تتناول حوالي 19 مليون شخص في سن 18 عاما وما فوق، يعيشون في 186 بلداً.
هذا الازدياد الكبير مرده خصوصا إلى انتشار الأغذية المصنعة والمشبعة، بالإضافة إلى الاستعدادات الوراثية.
وبحسب منظمة الصحة العالمية فإن الشخص يعتبر بدينا إذا ما كان مؤشر كتلة الجسم لديه (قسمة الوزن بالكليوغرام على مربع الطول بالمتر) يتخطى 30. أما إذا كان المؤشر يتخطى 35 فهذا يعني أن الشخص يعاني بدانة مفرطة.
وفي خلال 40 عاما، ارتفع معدل مؤشر كتلة الجسم وفق الدراسة من 21.7 إلى 24.2 لدى الرجال ومن 22.1 إلى 24.4 لدى النساء البالغات، ما يعني زيادة في الوزن قدرها 1.5 كيلوغرام كل عشر سنوات في المعدل.
وحذر معدو الدراسة من أنه «في حال تواصل تقدم البدانة بالوتيرة نفسها، سيكون شخص من كل خمسة تقريبا لدى الرجال (18 في المائة) والنساء (21 في المائة) سنة 2025 من البدناء في العالم، في حين أن 6 في المائة من الرجال و9 في المائة من النساء سيعانون البدانة المفرطة».
وسجلت نسبة البدناء لدى الرجال ازديادا بواقع ثلاثة أضعاف لدى الرجال إذ ارتفعت من 3.2 في المائة سنة 1975 إلى 10.8 في المئة سنة 2014، كما ازدادت بنسبة تفوق الضعف لدى النساء (من 6.4 في المائة إلى 14.9 في المائة) مع فوارق كبيرة تبعا للبلدان.
وباتت البدانة تمثل «مشكلة عالمية كبيرة على صعيد الصحة العامة في مناطق عدة ذات دخل متوسط (بلدان المحيط الهادئ والشرق الأوسط وشمال افريقيا وبعض بلدان اميركا الجنوبية ومنطقة الكاريبي)»، بحسب الدراسة.
تفشي البدانة في البلدان الغنية
ومع أن مؤشر كتلة الجسم بقي ثابتا في المجمل بين سنتي 1975 و2014 لدى النساء اليابانيات ومعظم الأوروبيات (باستثناء البريطانيات)، سجلت البلدان الغنية الستة الناطقة بالإنكليزية (الولايات المتحدة وبريطانيا واستراليا وكندا وايرلندا ونيوزيلندا) نتائج مقلقة بدرجة أكبر إذ إنها تضم حوالى 20 في المائة من أعداد البالغين المصابين بالبدانة في العالم أي 118 مليون شخص و27 في المئة من المصابين بالبدانة المفرطة أي 50 مليون شخص.
غير أن المستويات الأعلى تبقى في جزيرتي بولينيزيا وميكرونيزيا في المحيط الهادئ حيث 38 في المائة من الرجال البالغين ونصف النساء البالغات يعانون البدانة. وفي جزر ساموا الأميركية في جنوب المحيط الهادئ، يبلغ معدل مؤشر كتلة الجسم حاليا 34.8 لدى النساء و32.2 لدى الرجال البالغين في مقابل 28 في الولايات المتحدة.
في المقابل، لا يزال نقص الوزن (مؤشر كتلة الجسم دون 18.5) المرتبط بسوء التغذية مشكلة كبرى في مناطق أخرى حول العالم، بينها جنوب آسيا وبعض البلدان الأفريقية.
وبحسب الدراسة، كان ما يقرب من ربع السكان يعانون نقصا في الوزن في جنوب آسيا سنة 2014 في مقابل 12 في المائة إلى 15 في المائة من سكان وسط افريقيا وشرقها.
وسجلت أدنى معدلات مؤشر كتلة الجسم حول العالم سنة 2014 في تيمور الشرقية واثيوبيا واريتريا، في حدود 20.
وتنسب إلى نقص الوزن المسؤولية عن وفيات متزايدة لدى النساء والأطفال الصغار قبل الولادة وبعدها، كما أنه يزيد خطر الوفاة جراء أمراض معدية مثل السل. أما البدانة فتساهم في الإصابة ببعض أنواع السرطان والأمراض القلبية الوعائية.