د. لحنش شراف: صيام كبار السن في رمضان يستوجب استشارة الطبيب

رمضان هو شهر جوع وعطش ولكنه يعتبر في نفس الوقت بلسما وشفاء للأجساد والأرواح. وللصيام فوائد عديدة، تتوزع على العديد من الجوانب، منها الجانب الروحي والديني، الأخلاقي الاجتماعي، وكذا بالنسبة إلى الصحة البدنية للصائمين. ويوجد اليوم إجماع من قبل العلماء والأطباء على فوائد الجوع لفترات قصيرة للجسم، فأثناء الجوع يبدأ الجسم في تنظيف الأمعاء والكبد والدم من السموم، وتتقلص أمراض الأوعية الدموية، كما أن الجوع لفترات قصيرة ينشط المناعة. في هذه الزاوية، نسلط الضوء على بعض الجوانب الصحية التي يجب استحضارها من أجل صيام يجسد القول المأثور “صوموا تصحوا”.

د. لحنش شراف: صيام كبار السن في رمضان يستوجب استشارة الطبيب

صيام رمضان هو ركن من أركان الإسلام الخمسة وهو فريضة على القادر. وتفيد القدرة على الصيام القدرة بطبيعة الحال على الامتناع عن الشرب والأكل من الفجر إلى غروب الشمس مع ما يترتب عنه بالطبع من مخاطر ومضاعفات بالنسبة لبعض العينات المجتمعية و من بينها كبار السن.
شيخوخة المجتمع هي ظاهرة عالمية نظرا لتحسن مستوى العيش، إضافة إلى تطور سبل الوقاية والعلاج من الأمراض بمختلف أنواعها. ويمثل الأشخاص فوق 65 سنة نسبة 7% من مجموع ساكنة المغرب بما يعادل أكثر من 3 ملايين نسمة. ومن هنا نستنتج أهمية التطرق لموضوع صيام هاته الفئة المجتمعية حيث تتميز هذه المرحلة من العمر بما يعرفه الجسد من انخفاض تدريجي لقدراته على التحمل والتكيف مع العوامل الخارجية التي من شأنها التأثير على توازنه، ومنها الضغط الصحي والنفسي الذي يميز عملية الصيام مثلا، إذ يخاطب هذا الضغط جميع أعضاء الجسم (القلب، الكلي، الدماغ، الكبد، الرئتين).
وتتميز مرحلة الشيخوخة بظهور الأمراض وتطورها حيث تعرف الفئة العمرية ما فوق 70 سنة حوالي 3 إلى 5 أمراض في المعدل، مما يؤدي إلى الاستهلاك المفرط للأدوية خلال هاته المرحلة (6 إلى 8 أدوية في المعدل)، وهو ما يشكل إحدى التحديات الكبرى لكيفية ملاءمة السماح بالصيام مع استهلاك الأدوية التي قد تصل أعدادا مهمة وتتطلب مواعيد محددة ومراقبة مشددة، تفاديا لمضاعفات متفاوتة قد تشكل خطورة على صحة المريض كبير السن في بعض الأحيان.
بشكل عام يمكن تقسيم مرحلة كبار السن إلى ثلاث فئات ويهدف هذا التقسيم إلى تحديد مدى خطورة الصيام على كل فئة على حدة:
• فئة 65 إلى 75 – 80 سنة وهي فئة لا تختلف في مشاكلها عن الأشخاص الأصغر سنا.
• فئة 80 إلى 90 سنة مع مرض واحد وهي فئة كذلك لا تختلف كثيرا عن الأشخاص الأصغر سنا.
• فئة ما فوق 75 سنة مع وجود أمراض عديدة وهاته الفئة هي الأكثر عرضة لمضاعفات صحية خلال رمضان.
هذا التقسيم يفيد أيضا أن السن في حد ذاته ليس محددا رئيسيا لمدى قدرة كبير السن على الصيام من عدمه بل هو جزء من محددات كثيرة تهم العمر والحالة الصحية واستهلاك الأدوية ومدى تدهور عمل أعضاء وأجهزة الجسم.
إن المضاعفات التي تهدد صيام كبار السن كثيرة ومتعددة بتعدد الأمراض والأدوية، غير أن أبرزها هو نقص التغذية إضافة إلى خطر الاجتفاف، وهما محددان رئيسيان كذلك للحكم على مدى قدرة الشخص على الصيام مما يفرض استشارة الطبيب المتابع للحالة وطبيب الأسرة بمدة كافية قبل دخول الشهر الكريم للوقوف على الحالة والسماح بالصيام من عدمه تفاديا للأسوأ.
أما النصائح التي يمكن إعطاؤها لكبير السن بخصوص التغذية فهي نفس النصائح التي تقدم للجميع من تغذية متوازنة إلى شرب السوائل بكميات وافرة مع محاولة ممارسة الرياضة المناسبة لكل حالة على حدة.
أعراض تستوجب الانتباه

وإذا كان الصيام مسموحا به لكبار السن بعد استشارة الطبيب وتقييم الحالة الصحية، فإن الحذر والمتابعة يبقيان في نفس الوقت ضروريين حرصا على استقرار الحالة، حتى لا يتعرض كبار السن الصائمون لهبوط مفاجئ في مستوى السكر في الدم أو ارتفاع أو انخفاض في الضغط. وينصح بضرورة الانتباه لبعض العلامات التي قد تنذر بتدهور الحالة الصحية وتستوجب بالتالي كسر الصيام عند ملاحظة أحد الأعراض التالية:
< إجهاد أو نهجان شديد.
< ضعف في التركيز.
< عدم القدرة على بذل أي نشاط بدني، حتى لو بسيط.
< الدوخة.
< زيادة سرعة ضربات القلب.
< ارتفاع درجة حرارة الجسم.
ويمكن كسر الصيام في هاته الحالة بتناول الماء وعصير طبيعي محلى بكمية مناسبة من السكر، لضبط مستوى السكر في الدم، مع ضرورة التوجه للطبيب بعدها، لتشخيص الحالة.

****

نصائح غذائية لكبار السن خلال رمضان

ينصح خبراء التغذية كبار السن ومن يعانون ضعف المناعة بالحرص على تناول أكلات معينة خلال شهر رمضان، لتعزيز المناعة ودعم قدرة الجسم على مقاومة الأمراض، خاصة مع تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) حول العالم.
ويعد الجفاف من أكثر الأمراض التي يعاني منها كبار السن خلال شهر رمضان، خاصة مع زيادة ساعات الصيام، ما يؤثر سلبا على مناعتهم، لذا من المهم أن تعتمد أغذيتهم بشكل كبير على السوائل بمختلف أنواعها، خاصة الماء والمشروبات الساخنة التي لا تحتوي على سعرات حرارية مرتفعة.

نعم للماء والفاكهة

وبالإضافة إلى السوائل فإن للفاكهة أيضا بكل أنواعها فوائد مهمة لكبار السن خاصة بعد الإفطار، فتناول الفواكه ضرورة لا غنى عنه بالنسبة لهذه الفئة العمرية، ولا بد أن يتناولوها يوميا خاصة تلك الغنية بفيتامين سي الذي يلزم تناوله بجميع صوره، سواء كفاكهة أو كأقراص بعد استشارة الطبيب.
ولا بد من التأكيد على أهمية الدور الذي يضطلع به الأشخاص المحيطون والمقيمو ن مع كبار السن في هذا الصدد، إذ أنهم يتحملون جانبا كبيرا من المسؤولية في مساعدتهم على الالتزام بالنظام الغذائي المناب لحالتهم الصحية وكذا تذكيرهم بتناول الأدوية، حتى وإن كان عليهم أن يلاحقوهم أحيانا بهذه الأمور، بحي لا بد من تذكير كبار السن بين وقت وآخر بتناول الماء ولو بمعدل قليل، وتقطيع الفاكهة ووضعها أمامهم لأنهم كثيرو النسيان ووجباتهم ضعيفة.
ويمكن تناول من تمرة إلى 3 تمرات عند أذان المغرب، حيث تتميز هذه الثمرة بأنها أول داعم ومقو لمناعة الجسم، خاصة لفئة كبار السن.

حذار من الحلويات واللحوم الغنية بالدهون!

ويحذر خبراء التغذية من تناول الحلويات الرمضانية المختلفة بإفراط، مشيرين أن القليل منها بحجم عقلتي الإصبع في اليوم كاف جدا لمن لا يعانون من مرض السكري ولغير الملتزمين بتطبيق حمية غذائية، أما خلاف ذلك فقد يشكل خطرا على الصحة.
بالمقابل، من الضروري الإكثار من تناول الخضراوات بجميع أنواعها، شرط أن تكون مطهية بطريقة صحية، مع البعد تماما عن الأكلات المقلية في الزيت لكبار السن، لأن من شأنها أن تؤثر سلبا على الصحة خاصة لمن تخطوا سن 60 عاما.
كما ينصح بالابتعاد تماما عن اللحوم التي تحتوي على نسبة مهمة من الدهون. ويفضل لكبار السن أكل اللحوم البيضاء، مثل الدجاج والأسماك، حتى لا يسبب لهم النوع الآخر صعوبة في الهضم.

> إعداد: سميرة الشناوي

Related posts

Top