ذكرى خطاب الملك في وجدة

شهدت وجدة، نهاية الأسبوع، احتفالية بذكرى مرور عشرين سنة على خطاب جلالة الملك، الذي كان قد ألقاه في 18 مارس 2003، والذي أعلن عن خارطة طريق لتنمية الجهة الشرقية.
وتميزت فعاليات هذه الاحتفالية الحاشدة بمشاركة وزراء ومسؤولين عموميين وفاعلين اقتصاديين ومنتخبين وخبراء وباحثين وضيوف أجانب، خصوصا من عدد من البلدان الأفريقية ونظمت نقاشات متنوعة، كما دشنت مشاريع ووقعت اتفاقيات شراكة.
أهمية المناسبة تبدأ من استحضار سياق الخطاب الملكي قبل عقدين من الآن، أي التطلع لتنمية وتأهيل منطقة لا تخلو من حساسية، وهي تتواجد على تماس حدودي مع الجارة الشرقية التي أغلقت الحدود، وهي تعاني من ضعف فرص النمو، ومن هشاشة واضحة في عديد مجالات، كما أن ظرفية اليوم تحتم إجراء تقييم للحصيلة المنجزة، وأيضا رسم معالم المستقبل على ضوء تحديات الحاضر.
الخطاب الملكي في 2003 مثل إعلانا تاريخيا من أجل بناء انطلاقة تنموية مهيكلة لهذه الجهة، والنهوض بأوضاع الساكنة المحلية، وتعزيز الاستثمارات والبنيات التحتية، وذلك بما يحقق الأثر التنموي والاجتماعي الملموس على الناس في حياتهم اليومية، ويحقق متانة الثقة في المستقبل، ويجعل، بالتالي، الجهة قطباً تنموياً حقيقيا ومجالاً جاذبا ومحفزا على استقطاب الاستثمارات وخلق فرص الشغل وتحسين ظروف عيش سكان الجهة.
اليوم يجب مواصلة التفكير والتقييم والتخطيط ضمن هذا الأفق الذي كان رسم معالمه جلالة الملك، أي الاهتمام بالناس أولا، واعتبار البناء والتشييد والعمران بلا أهمية إذا لم يحقق انتظارات وتطلعات الناس، علاوة على أن تنمية الجهة الشرقية من الضروري وضعها ضمن بعد إقليمي وقاري استراتيجي من شأنه تقوية إشعاع المملكة على الصعيد الأفريقي وأيضا ضمن الانتشار التنموي الأفقي والعمودي معا.
الامتداد الترابي للجهة الشرقية يبرز تنوعها وثراء امكانياتها الجغرافية والطبيعية والاستراتيجية، وهو ما يكسبها عامل قوة يجب استثماره والبناء عليه.
وهنا لا بد أن نعيد قراءة مضمون الخطاب الملكي لعام 2003، وأن نستعرض ما تضمنه من تطلعات تنموية ومخططات مهيكلة، وذلك على غرار إنجاز البنيات الأساسية التحتية الضرورية للجهة، كالطريق السيار الرابط بين فاس ووجدة عبر تازة، وخط السكة الحديدية الرابط بين تاوريرت والناظور، مع الإسراع بإنجاز الطريق الساحلي الشمالي، وتوسيع وإصلاح الطريق الرابط بين الناظور ووجدة وفكيك، إضافة إلى إنجاز المشروع الكبير لتزويد مدينتي وجدة وتاوريرت بالماء الشروب، وتعميمه على جميع حواضر وبوادي هذه الناحية، وكذلك إحداث منطقة حرة بالناظور، تضم إلى جانب الميناء مناطق اقتصادية وتجارية وصناعية وسياحية، تروم فتح بوابة متوسطية أمام تنمية الجهة الشرقية، والإسهام في النهوض بالاقتصاد المغربي، إلى جانب تهيئة المنطقة الساحلية للسعيدية، بهدف جلب الاستثمار الوطني والأجنبي، وهي مشروعات منها ما جرى انجازه أو الشروع فيه تبعا للتوجيهات الملكية المتضمنة في خطاب وجدة، كما أن سياقات الظرفية الوطنية والعالمية الحالية باتت تفرض اليوم الوقوف أساسا عند ما لم يتم إنجازه أو عند التحديات المستجدة والحاجيات المعبر عنها اليوم، والسعي لتلبيتها، وبالتالي وضع وجدة والجهة الشرقية ضمن التطلع التنموي المغربي العام، واعتبارها انطلاقة وبوابة تجاه الفضائين الإفريقي والمتوسطي، وأيضا حلقة استراتيجية أساسية للارتباط التنموي الوطني مع جهات أخرى، على غرار ما يمكن تحقيقه من خلال تعاون أفقي بين جهة الشرق وجهة فاس مكناس مثلا، أو مع جهات أخرى، وتعبئة مختلف الإمكانيات المتوفرة للتصدي للتحديات الإجتماعية والتنموية، ومن أجل رفاهية السكان وتحسين ظروف حياتهم وتمتين ثقتهم في وطنهم وفي المستقبل.
التظاهرة الاحتفائية التي احتضنتها وجدة، وأقيمت تحت شعار ( شرقيات…)، كانت بشراكة بين ولاية الجهة ومجلس الجهة والمركز الجهوي للاستثمار ووكالة تنمية جهة الشرق، وهي مثلت كذلك مناسبة لاستقبال وجوه إعلامية وفنية وأبطال رياضيين، وكفاءات وطنية متنوعة تنحدر من أقاليم الجهة، والكل ساهم في إغناء مناقشة جلسات وحوارات هذه الإحتفالية، كما تم تجديد التأكيد الجماعي على ضرورة مواصلة الجهد التنموي من أجل تحقيق أوراش الخطاب الملكي لعام:2003، والارتقاء بجهة الشرق لتتحول إلى قطب تنموي وطني وقاري حقيقي.

<محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

Related posts

Top