ذكرى رحيل المحجوب بن صديق

يتذكر أعضاء ومناضلو الاتحاد المغربي للشغل، والطبقة العاملة المغربية ومجموع قوى الصف الوطني والديمقراطي الزعيم النقابي المحجوب بن صديق الذي تحل الذكرى السنوية الأولى لرحيله، ويقف الكثيرون اليوم حول قبره مجددين له الدعاء، ومستحضرين تفاصيل مساراتهم وحكاياتهم وذكرياتهم معه.
في ذكرى الرحيل، يتجدد التفكير في أسئلة المغرب الكبرى، وفي الانشغالات الأساسية لشعبنا، وفي مسيرته النضالية من أجل الديمقراطية والتقدم والعدالة الاجتماعية، وهي المسيرة التي ساهم في التأسيس لتراكماتها وفي تطوير مكتسباتها عبر عقود زعماء كبار ومناضلون من أمثال المحجوب بن صديق، والدينامية السياسية الجارية اليوم في بلادنا تحفز على تمثل تضحيات هؤلاء الرواد، والحرص على مواصلة النضال من أجل ترسيخ الديمقراطية وحقوق الإنسان وتحقيق الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بما يستجيب لانتظارات شعبنا، وخصوصا الفئات الكادحة منه.
ذكرى رحيل المحجوب اليوم تتزامن مع الحراك السياسي والمجتمعي الجاري، وتأتي بعد أن صوت المغاربة بكثافة على دستور جديد، وأيضا وسط تطلعات أساسية لدى شعبنا وطبقته العاملة بخصوص تحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، وإعمال جيل جديد من الإصلاحات على هذا الصعيد، وذلك بما يجعل الإصلاحات السياسية والدستورية والمؤسساتية ديناميات مجتمعية حقيقية، ولها انعكاس مباشر وملموس على الواقع اليومي لشعبنا وعلى أوضاعه المعاشية.
إذا كان من الضروري اليوم تجديد التأكيد على أهمية تكريس الحوار الاجتماعي، والسعي لبلورة ميثاق اجتماعي تنخرط فيه كل الأطراف المعنية، وخصوصا النقابات الحقيقية، فإنه من المهم أيضا تمتين التواصل النضالي بين الأحزاب الديمقراطية والمركزيات النقابية الجادة، إلى جانب التنظيمات الاجتماعية والحقوقية والشبابية من أجل بناء جبهة وطنية واسعة لمواجهة الفساد والمفسدين، ومن أجل التنزيل السليم والتأويل الديمقراطي الحداثي لمقتضيات الدستور الجديد، وأيضا لمواجهة كل من يريد الالتفاف على إرادة الإصلاح وجر البلاد إلى الخلف وإلى المجهول.
وفي ذكرى الرحيل أيضا، يجدر بحركتنا النقابية المناضلة أن تؤسس لأفق جديد ومتجدد لتطورها، ولتكريس انفتاحها، من أجل أن تبقى حليفا أساسيا في معركة الديمقراطية والإصلاح والتنمية والحداثة.
المناسبة تفرض التأكيد كذلك على أهمية مواصلة تنفيذ مضامين اتفاق 26 أبريل 2011، واستئناف الحوار الاجتماعي حول ما تبقى من قضايا عالقة بين الحكومة والباطرونا والنقابات، كما يجب الحرص على جعل القضايا الاجتماعية أكثر بروزا وأهمية في القانون المالي المقبل، وفي نفس الوقت الإقدام على مبادرات مهمة بالنسبة لملفات مثل: التشغيل، السكن، الصحة والتعليم في مدى زمني قريب، علاوة على أهمية الانتقال إلى خطوات أكثر جرأة بشأن قضايا إستراتيجية أخرى مثل: إصلاح أنظمة التقاعد، مستقبل صندوق المقاصة، الإصلاح الضريبي، قانون الإضراب، الحريات النقابية، إصلاح القضاء…
إن الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية تمثل عمق الأوراش المغربية القادمة، وهي التي بإمكانها أن تجعل للإصلاحات السياسية والدستورية معنى ومضمونا، وتحقق التعبئة وسط شعبنا حول مسلسل الإصلاح.

Top