شيعت، الخميس المنصرم، جنازة الراحل نجيب بودربالة، أستاذ علم الاجتماع القروي بالمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة، وسط حضور قوي لرفاقه وزملائه الأساتذة والباحثين، حيث وري الراحل الثرى بالمقبرة المسيحية بالرباط.
وخلف رحيل نجيب بودربالة الذي كان رجلا ميدانيا، وكرس حياته للبحث وتدريب الأجيال الشابة في المعهد الزراعي، أثرا كبيرا في نفوس زملائه الأساتذة والطلبة وعائلته الصغيرة والكبيرة.
وكان نجيب بودربالة، ذو المسار الأكاديمي المتميز، قد توفي يوم السبت الماضي، عن عمر يناهز 84 سنة قضاها في البحث العلمي وتكوين أجيال الطلبة في مجال علم الاجتماع القروي، بالإضافة إلى بحوث متميزة في المجال.
الراحل ذو الأصول التونسية، أو كما يصفه أصدقاه “المغاربي”، كان واحد من أعمدة الدراسات الاجتماعية والاقتصادية، إلى جانب أصدقائه الباحثين الراحلين أمثال عزيز بلال الاقتصادي المتميز، وبول باسكون مؤسس علم الاجتماع القروي بالمغرب، حيث شكل هذا الثلاثي ركيزة أساسية في مجال الدراسات الخاصة بالعلوم الاجتماعية والاقتصادية بالمغرب.
في رحيله، وتشييع جثمانه بالمقبرة المسيحية بالرباط، نعاه أصدقائه بالورود والأزهار، في مراسيم دفن ذكرت فيها خصال الراحل وميزاته، وما عاش من أجله طيلة 84 سنة.
زوجته مونيك، وأبناؤه إسكندر، وصوفيا، وآلن، بالإضافة إلى أصدقائه، وزملائه، وطلبته، وشخصيات أخرى، حضروا مراسيم الدفن، واستمعوا إلى كلمة تأبينية ألقتها ابنته صوفيا ذكرت فيها بالتاريخ المهم والمتميز الذي قضاه والدها في البحث العلمي وكذا القضايا التي دافع عنها.
صوفيا بودربالة ابنة الراحل: والدي قدم لنا نظرة سخية عن العالم
نجيب بودربالة كان مثقفا مغاربيا أولا، كان عربيا، وكان تونسيا، وكان فرنسيا. لكن المغرب كان بلده، ومستقرا له، إنه بلد فكر. لقد قام بتدريب أجيال من الطلاب، وقد حاول دائما إحراز تقدم في فكرة دولة القانون… وكان ذلك أمرا مهما جدا لأطفاله وطلابه وأصدقائه. لقد أعطانا نظرة سخية على العالم، وطريقة لمحاولة فهمها للجميع، كانت تحركه دائما قضايا التعليم وحقوق المرأة والشباب.
مولاي إسماعيل العلوي رئيس مجلس رئاسة حزب التقدم والاشتراكية ورئيس مؤسسة علي يعتة: كان مكتبة متنقلة.. كان عالما وباحثا
عرفت نجيب منذ حوالي أربعين سنة. أستطيع أن أشهد أنه كان رجلا صالحا. كان عالما، باحثا، كان دافعه دائما هو تحقيق رفاهية الشعب، فقد قدم مجموعة من الدراسات في مجال علم الاجتماع القروي، وكان يروم النهوض بهذا المجال وتحقيق نهضة بالقرى من خلال مجموعة من الدراسات التي قام بها على هذا المجال، نجيب سيبقى بالنسبة لي مثالاً على الباحث المتميز، غير المتهاون، فقد كان شغوفا بالبحث، ليس فقط في المغرب وإنما بل أيضا في عديد من البلدان الأفريقية الأخرى، حيث قام بمهام بحث ودراسة في بلدان البحيرات الكبرى في أفريقيا الاستوائية وبلدان أخرى. لقد كان نجيب مكتبة متنقلة ولا يسعنا إلا أن نأسف لمغادرته “.
الفردوسي محمد العربي الكاتب العام السابق للإدارة البيداغوجية بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة: جندي من جنود الخفاء
عرفت نجيب بودربالة عندما كنت أعمل في دورة تدريبية في مشروع “سبو”. كان يعمل في تطوير حوض سبو، وفي وقت لاحق تعرفت عليه أكثر في معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة في السبعينات، وكان معي في قسم العلوم الإنسانية بالمعهد. إنه الجندي الذي عمل في الظل. هو مغربي وتونسي وجدته من منطقة الغرب. ويمكن أن نصفه بـ “المغاربي”، ونجيب في الحقيقة رجل نزيه، نشيط وديناميكي، نجيب معلم تربوي ومدرس كفء ورجل من طينة نادرة.
سعيد أوعطار ، أستاذ في معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة: رحيل بودربالة خسارة كبيرة
ربما هو واحد من المتخصصين الرائدين في علم اجتماع القروي. هو الشخص الذي درس بشكل عميق مع فريق بول باسكون. لقد قاموا بدراسات دقيقة للغاية. وهو من بين أول من قارن السياسات الزراعية. علاوة على ذلك، قام بتأليف كتاب مشهور جداً حيث قارن بين السياسات الزراعية للأحزاب السياسية “حزب التقدم والاشتراكية، حزب الاتحاد الاشتراكي، والاستقلال”. ساعد في تدريب العديد من الشباب في المعهد الزراعي، كما أن مساهماته مهمة جدا في مجال علم الاجتماع القروي. رحيله خسارة حقيقية.
محمد مدغل طبيب وصديق المتوفى : رجل استثنائي
أنا صديق نجيب وجاره. صحيح، لم أكن أتقاسم معه نفس المهنة لأنني طبيب، لكنني أعرفه جيدا. فهو من الذين لعبوا دورا هاما في التخصصات التي كانت جديدة نسبيا، لا سيما في مجال علم الاجتماع القروي، بالإضافة إلى تخصصه وبحثه في الأرضي القروية. كان واحدا من أعظم المتخصصين في علم الاجتماع القروي وتخطيط الأراضي القروية في المغرب. عمل مع بول باسكون الذي كان معروفا جدا.وبالإضافة إلى ذلك، كان مدرسا محبوبا جدا في المعهد الزراعي. كنت أعرفه عاطفيا لأنه، كذلك، كان جاري، فقد عرفته منذ وقت طويل، والتقينا في مناسبات عدة وتبادلنا الزيارات ووجدته رجلا استثنائيا لأنه حتى نهاية حياته كان دائما يحرص على علاقته بعائلته وأصدقائه، هذا رجل لا تجد فيه الأشياء السلبية لتقولها. وهذا أمر نادر، إنه فعلا رجل استثنائي.
< محمد توفيق أمزيان
تصوير رضوان موسى