توفي جون لو كاريه ملك روايات التجسس البريطاني عن عمر 89 عاما جراء إصابته بالتهاب رئوي حاد، وفق ما صرّحت به عائلته ووكيل أعماله.
وقال جون غيلر رئيس مجموعة “كورتيس براون” ومقرها في لندن “بحزن كبير أعلن عن وفاة ديفيد كورنويل المعروف في العالم بأسره باسم جون لو كاريه بعد مرض قصير (غير مرتبط بكوفيد – 19) في منطقة كورنويل مساء السبت 12 ديسمبر 2020. عن سن التاسعة والثمانين. وتتجه أفكارنا إلى أبنائه الأربعة وعائلاتهم وزوجته العزيزة جاين”.
وأضاف “خسرنا قامة كبيرة في الأدب الإنجليزي” مشيدا بـ”لطفه وحسه الفكاهي وذكائه”.
وأكدت العائلة وفاة الروائي الشهير جرّاء “التهاب رئوي حاد مساء السبت بعد معركة قصيرة مع المرض”.
ولد لو كاريه في إنجلترا عام 1931. وبدأ دراسة اللغات الأجنبية في جامعة برن السويسرية أواخر الأربعينات، وتخرج عام 1954 في جامعة أكسفورد، وبدأ في هذه الفترة التعاون بشكل غير رسمي مع المخابرات من خلال التجسس على الطلبة اليساريين.
وعمل لو كاريه خلال فترة بين عامي 1956-1958 مدرسا للغتين الفرنسية والألمانية في كلية إيتون.
وفي عام 1958 التحق لو كاريه بجهاز الاستخبارات البريطاني “MI5” وفي العام اللاحق انتقل إلى جهاز الاستخبارات الخارجية “MI6″، وعمل على مدى خمس سنوات كوكيل سري تحت التغطية الدبلوماسية في ألمانيا الغربية.
ونشر الكاتب روايته الأولى “دعوة للموتى” عام 1961 تحت الاسم المستعار جون لو كاريه الذي كان يستخدمه على مدى سنوات خلال عمله الاستخباراتي.
وقد عرف لو كاريه شهرة عالمية مع صدور روايته الثالثة “ذي سباي هو كايم إن فروم ذي كولد” (الجاسوس الآتي من البرد) في العام 1964 التي كتبها في سن الثلاثين حين كان “الملل ينهشه” جراء نشاطاته كدبلوماسي في سفارة بريطانيا ببون في ألمانيا، وقد استفاد في تأليفه لهذه الرواية من تجربته للعمل الاستخباراتي في ألمانيا.
وبيعت أكثر من 20 مليون نسخة من الرواية التي تروي قصة أليك ليماس وهو عميل بريطاني مزدوج انتقل إلى ألمانيا الشرقية. وقد حوّلت إلى فيلم سينمائي من بطولة ريتشارد بورتن وشكلت بداية تعاون طويل للكاتب مع أوساط السينما والتلفزيون.
وكانت مسيرة لو كاريه كعميل سري قد توقفت بعدما وشى به العميل البريطاني المزدوج كيم فيلبي إلى جهاز الاستخبارات السوفييتي مع مواطنين آخرين له. واضطر جون لو كاريه يومها إلى الاستقالة من جهاز “أم.آي 6”.
كتب لو كاريه ثلاث روايات قبل أن يترك عمله ويتفرغ كليا للكتابة. ليقدم تجربة استثنائية جعلته واحدا من أفضل 50 كاتبا بريطانيا منذ العام 1945.
ومن رواياته الشهيرة أيضا رواية “سمكري خياط جندي جاسوس” التي ترجمها يزن الحاج، وتعتبر من أهم أعماله.
وتدور أحداث الرواية، التي تعدّدت طبعاتها، في أجواء الحرب الباردة وتتناول الصراع بين المخابرات البريطانية والمخابرات الروسية في أوروبا. وقد تحوّلت على غرار أعمال الكاتب الأخرى إلى فيلم سينمائي.
بحبكة متقَنة من أستاذ كبير في هذا النوع الروائي يقدم لو كاريه صورة لتلك المرحلة التي عاشها شخصيا قبل أن يصبح أحد أبرز كتّاب رواية التشويق التي تجعل القارئ مركّزا بكل أحاسيسه لمتابعة الخيوط التي ينسجها ببراعة وشغف.
ويعتبر لو كاريه أستاذا في فن رواية الجاسوسية، فالتدفّق المستمر للانفعالات والمشاعر يرفعه فوق معظم الروائيين الآخرين في هذا النمط من الروايات.
أغلب أبطال روايات لو كاريه هم من الوكلاء السريين الذين يعملون كموظفين سياسيين وغالبا ما تتسم أعمالهم بنوع من الغموض الأخلاقي، ولذا يعمل الكاتب على اكتشاف الدراما النفسية أكثر من الدراما المادية.
في أعماله يؤكد الكاتب جون على ضعف الديمقراطية الغربية والخدمات السرية التي تحميها، علاوة على ذلك لا تركز رواياته على العنف الذي تتسم به الأعمال المصنفة ضمن أدب الجوسسة، ولا يورد العنف إلا كأداة لرسالة يريد من خلالها إيصال المغزى من عمله.
ومن أشهر شخصيات الكاتب شخصية جورج سمايلي، الذي نجده في العديد من كتب لو كاريه حيث لعب دورا أساسيا في 5 روايات من أعمال الكاتب.
كتب لو كاريه خلال حياته 22 رواية، منها رواية “البستاني المخلص” (2001) وغيرها، وتمت ترجمتها إلى 36 لغة.
وسلط الكاتب في رواياته المشهورة الضوء على حقيقة العمل الروتيني لرجال المخابرات بعيدا عن المغامرات المثيرة.
وحاز لو كاريه على الكثير من الجوائز الأدبية، وفي عام 2008 أدرجته صحيفة الـ”تايمز” في المرتبة الـ22 ضمن قائمة أبرز الأدباء البريطانيين بعد الحرب العالمية الثانية.
رحيل جون لو كاريه ملك روايات التجسس
الوسوم