وصف النائب البرلماني رشيد الحموني عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، مصادقة المجلس الحكومي على مشروع قانون 22.20 المتعلق باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي وشبكات البث المفتوح والشبكات المماثلة، ب “الجريمة” المكتملة الأركان، محمل المسؤولية في ذلك لرئيس الحكومة ولوزير الدولة المكلف بحقو الإنسان ولوزير العدل، لأنهم في نظره، تكتموا على هذا الشروع وتستروا عليه.
وقال النائب البرلماني عن حزب التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، الذي شارك إلى جانب النائب البرلماني شقران أمام رئيس الفريق الاتحادي بمجلس النواب في ندوة تفاعلية عن بعد نظمتها الشبيبة الاشتراكية، قال “إن كل مكونات الشعب المغربي، تجمع على أن هذا المشروع القانون، فيه تراجع كبير على المكتسبات الحقوقية التي ناضل من أجلها المغاربة والقوى الوطنية، وأنه جاء مخالفا للدستور، ومخالفا للمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب” وبالتالي يضيف المتحدث، فهو يعتبر جريمة مع سبق الإصرار والترصد، مشيرا إلى الحكومة حاولت طمس هذه الجريمة بالتستر عليها، وعدم نشرها على الموقع الإليكتروني للأمانة العامة كما ينص على ذلك القانون المتعلق بالحق في الحصول على المعلومة.
وأضاف القيادي في حزب التقدم والاشتراكية، خلال هذه الندوة التفاعلية التي أدارها عبد العالي البوجيدي عضو المكتب الوطني للشبيبة الاشتراكية، أن تتبع خيوط وملابسات هذه الجريمة المكتملة الأركان، تبدأ من الدعوة لمقاطعة بعض المنتجات، والتي لقيت تجاوبا كبيرا من قبل المغاربة، وأن بعض هذه المنتجات هي لشركات في ملكية مسؤول سياسي ووزير في الحكومة، وهو المسؤول والوزير ذاته الذي خرج على المغاربة شهر دجنبر الماضي من إيطاليا، وقال إنه “سيربي المغاربة، لأنهم في حاجة لإعادة التربية”، بعدها، يورد رشيد الحموني، تم تعميم بلاغ يوم 13 مارس المنصرم، عقب اجتماع بين حزبين مشاركين في الحكومة، وهما حزبا الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والتجمع الوطني للأحرار، يتضمن إشادة خاصة بالعمل الذي يقوم به وزير العدل دون غيره من الوزراء، يلي ذلك مباشرة، برمجة مشروع هذا القانون من أجل المناقشة والمصادقة في اجتماع المجلس الحكومي المنعقد يوم 19 مارس.
ويتضح، وفق ما ساقه رشيد الحموني، أن الوزير الوصي على القطاع، والذي جاء بالمشروع للمجلس الحكومي، لم يستشر مع المكتب السياسي لحزبه الاتحاد الاشتراكي، وهو ما يخالف، في نظر النائب البرلماني، الأعراف السياسية التي تفرض على الوزير أخلاقيا وسياسيا، الاستشارة مع الهيئة السياسية التي يوجد باسمها داخل الحكومة، خاصة إذا تعلق الأمر بقوانين ذات حساسية سياسية ومجتمعية كبيرة.
وفي السياق ذاته، تساءل القيادي في حزب الكتاب، عن السبب في تسريب مذكرة وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان مصطفى الرميد في هذا الوقت بالذات، أي بعد مرور شهر على إحالتها على الأمانة العامة للحكومة، لماذا لم يتم إخراجها إلى العموم في تلك الفترة حتى يفتح بشأنها نقاش إذا كانت النية حسنة؟، محملا المسؤولية في كل ذلك، لرئيس الحكومة ولوزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان ولوزير العدل، في التستر والكتمان على مشروع هذا القانون، مشيرا إلى أن ذلك يعبر عن سوء نية، وأن الهدف من وراء تسريبه اليوم، هو ضرب اللحمة الوطنية التي ظهرت مع هذه الأزمة الصحية التي تمر منها بلادنا، وإعادة زعزعة الثقة التي بدأت تعود تدريجيا، بين المواطنين ومؤسسات الدولة، وبين المواطنين والأحزاب السياسية، وهو ما يعني، في نظره، أن من سرب الوثيقة له مصلحة في بقاء الخريطة السياسية كما هي دون تغيير، ودفع غالبية الشباب لمقاطعة الانتخابات، لأنه في حالة كانت المشاركة مكثفة وقوية، ستحدث الفارق في المشهد السياسي.
ووفق ما ذهب إليه رشيد الحموني، فإن الدرس الذي يتعين استخلاصه من النقاش الذي أثاره مشروع القانون رقم 20-22 هو ضرورة فصل الاقتصاد عن السياسية، لأن القوة الاقتصادية تمتلك أدوات ضبط القوة السياسية عبر مجموعة من اللوبيات التي أصبحت تتحكم في السياسية، وهذا، في نظر الحموني، يتعارض مع الجوهر الديمقراطي للممارسة السياسية، ويخلق نوعا من التضارب في المصالح التي يتضرر منها المواطن بشكل مباشر.
وفي سياق متصل، دعا عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، إلى ممارسة السياسية بأخلاق، من أجل إعادة الثقة للمواطنين في السياسية وفي الأحزاب السياسية، مستغربا، كيف لحزب مشارك بستة وزراء في الحكومة، في إشارة إلى حزب التجمع الوطني للأحرار، أن يخرج على الرأي العام ببلاغ يطالب من رئيس الحكومة بالإفراج عن النص المعتمد، هذا في نظر الحموني فيه ضرب لمصداقية الفاعل السياسي وإخلال بثقة المواطنين في العمل السياسي، وفيه ضحك، وفي الوقت ذاته، كذب على المغاربة، بالإضافة إلى مفارقة أخرى، ساقها القيادي في حزب الكتاب، وهي أن وزير الشغل والتنمية الاجتماعية، الذي صادق على المشروع، خلع قبعة الوزير، وارتدى قبعة شبيبة حزبه العدالة والتنمية، ووقع بلاغ يطالب فيه بعدم إدراج هذا المشروع وعدم المصادقة عليه، مشيرا إلى أن ذلك فيه نوع من الانفصام السياسي الذي يساهم في إبعاد المواطنين عن السياسية.
من جانبه، أوضح شقران أمام عضو المكتب السيسي للاتحاد الاشتراكية للقوات الشعبية ورئيس الفريق الاتحادي بمجلس النواب، أن الاجتماع الذي أشار إليه رشيد الحموني بين الاتحاد الاشتراكية والتجمع الوطني للأحرار هو اجتماع تنسيقي بين حزبين مشاركين في الحكومة، نافيا أن يكون هذا الاجتماع قد ناقش مشروع القانون المتعلق بشبكات التواصل الاجتماعي، لكنه في الوقت ذاته، أشار إلى أن إشادة الاجتماع بوزير العدل دون غيره من الوزراء، كان بسبب تعاطيه مع مشروع القانون الجنائي، دون أن يدخل في نقاش أعمق، لأن المرحلة في نظره لا تستدعي ذلك، لكن بعدها، يجب أن توضع النقط على الحروف، على حد قوله، مشيرا إلى أن المواطن بدأ يعي جيدا أن المسألة لم تعد تحتاج إلى كثير من العاطفة بقدر ما تستدعي إعمال العقل، وأن على الحزب السياسي، في إشارة إلى حزب العدالة والتنمية، أن يوضح ما هي طبيعة المشروع المجتمعي الذي يريده للمغاربة، وأن يكف عن استخدام العاطفة واستقطاب الناس بالدين، أو بخلق فقاعات إعلامية من هنا وهناك.
وبحسب شقران أمام، فإنه يتعين استخلاص الدروس من هذه الجائحة، وبلوة نموذج جديد في الممارسة السياسية، لأن المواطن في حاجة إلى الحكم على الحزب السياسي من خلال مواقفه، ومن خلال برامجه وتصوراته، مشيرا إلى أن مشروع قانون رقم 20-22 تم تسييسه أكثر من اللازم، ولا يمكن ربطه بمقاطعة بعض المنتجات، معبرا عن رفضه المطلق لبعض المواد التي جاءت في هذا المشروع، لأنها، في نظره تتعارض مع حرية التفكير والتعبير، وليس لسبب آخر.
في المقابل، أكد عضو المكتب السياسي لحزب القوات الشعبية، أن بعض المواد من داخل المشروع هي محبذة وضرورية، ولا تثير أي إشكال، خاصة تلك المتعلق بحماية الناس من الابتزاز والتشهير بهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، داعيا في الوقت ذاته، إلى بلورة قوانين مؤطرة لحماية الاقتصاد الوطني والرأسمال الوطني في إطار المنافسة وتكافؤ الفرص بين جميع الفاعلين الاقتصاديين.
وقال رئيس الفريق الاتحادي بمجلس النواب، إن ” المشروع كما أطلعنا عليه، لا يمكن لأي مؤمن بالحريات أن يقبل به، لأنه تضمن مجموعة من المقتضيات القانونية التي لا يمكن القبول بها والتي لا تتماشى مع المسار الذي اختاره المغرب والتحولات التي عرفها على المستوى الديمقراطي وعلى مستوى حقوق الإنسان”، مشيرا إلى أن هذا المشروع لازال لم يحل على البرلمان، ولا زال قيد الدراسة داخل الحكومة، مضيفا أن تسريبه في هذه الظرفية التي تتميز بتعبئة وطنية في مواجهة جائحة كورنا، هو فعل مقصود ومدروس لأغراض سياسوية ضيقة.
وأوضح شقران أمام أن العديد من الهيئات التنظيمية داخل الاتحاد الاشتراكية للقوات الشعبية عبرت عن موقفها الرافض لهذا المشروع الذي يتعارض مع فضاء الحريات الذي يدافع عنه حزب القوات الشعبية، مشيرا إلى أنه باعتباره عضوا بالمكتب السياسي، فإن هذا الموضوع ستترتب عنه مسؤوليات، في إشارة إلى المسؤولية المحتملة في صياغة المشروع من طرف الوزير العدل والحريات محمد بنعبد القادر عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية
محمد حجيوي