شيع مناضلو ومناضلات حزب التقدم والاشتراكية، عصر أول أمس السبت، بالرباط، جثمان أحد قادة الحزب، الرفيق محمد بن الصديق الذي اختطفته يد المنية صباح الجمعة الماضي.
وشارك في جنازة الفقيد ثلة من رفاقه ورفيقاته بحزب التقدم والاشتراكية، يتقدمهم الأمين العام الرفيق محمد نبيل بنعبد الله بمعية أعضاء من القيادة الوطنية للحزب، وأفراد أسرته وأصدقائه وزملائه من الصحفيين في وكالة المغرب العربي للأنباء ومن مختلف المؤسسات والمنابر الإعلامية، بالإضافة إلى شخصيات من عالم الفكر والسياسة، وممثلي المنظمات الموازية للحزب كمنظمة الطلائع أطفال المغرب ومنظمة الشبيبة الاشتراكية وممثلي الفروع المحلية للحزب بجهة الرباط سلا القنيطرة.
وبتأثر بالغ، ووسط جو مفعم بالحزن والأسى، ألقى محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية كلمة تأبين في حق فقيد الحزب والوطن، استحضر من خلالها المسار النضالي المهني للراحل محمد بن الصديق الذي طبع على مسار نضالي متميز بدأه في مدينة تطوان، أوسط سبعينيات القرن الماضي، مرورا بمدينة الدار البيضاء حيث عمل كصحفي وككاتب خاص للراحل علي يعته، ليستمر حضوره المتميز في مختلف معارك حزب التقدم والاشتراكية الذي انتخبه في مؤتمره الأخير عضوا في ديوانه السياسي.
وقال بنعبد الله “إن أبا أيمن المناضل الفد، رحل بعد أن تركت سنوات النضال بصمات دامغة في مسيرته الطويلة في صفوف حزب التقدم والاشتراكية، تاركا خلفه إرثا نضاليا نقدره ونعتز به. رحل أبو نادية رفيق الفكر الثقافي غير المحدود، وفي وقت عز فيه العطاء”، مشيرا إلى أن مسيرة الراحل هي مسيرة طويلة تميزت بزرع بذور قيم الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والتضامن الأممي، مسيرة اتصفت بروح الكفاح والشموخ والإباء، وبالانحياز للفكر التقدمي المستنير، وبروح الانتماء والتضحية بغير حدود، من أجل الوطن الذي أحبه وناضل من أجل رقيه وازدهاره وتقدمه.
ويعتبر الراحل محمد بن الصديق قيد حياته، وفق ما أورده محمد نبيل بنعبد الله، من الحافظين لتاريخ حزب التقدم والاشتراكية، والمحافظين على ذاكرته، كما أنه ساهم من الداخل بفعالية في تحرير وصياغة وإغناء العديد من الأطروحات السياسية للحزب خلال مؤتمراته الوطنية واجتماعات لجانه المركزية.
وفي المجال المهني، ذكر الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، أن فقيد الحزب محمد بن الصديق كان قيد حياته صحفيا مشهود له بالكفاءة المهنية العالية والعلاقات الإنسانية الراقية، في وسط الإعلام المغربي عامة، وخاصة بوكالة المغرب العربي للأنباء، مشيرا إلى التكريم الذي حظي به من طرف النقابة الوطنية للصحافة المغربية بمناسبة اليوم الوطني للإعلام خلال سنة 2017.
وقد عرف عن الراحل في الوسط المهني، يضيف محمد نبيل بنعبد الله، أنه كان “ذلكم الصحفي والمحرر الألمعي، الذي يجمع بين سرعة الفهم والاستيعاب، وقوة التدقيق والتمحيص وشدة البرهنة ومتانة اللغة وسلاسة التعبير، بالإضافة إلى تواضعه وحكمة مواقفه وثباته عند الأزمات”.
واستحضر محمد نبيل بنعبد الله، في معرض كلمته التأبينية، سياق علاقته بالراحل محمد بن الصديق والتي تعود بحسبه إلى أزيد من ثلاثين سنة في إطار منظمة الشبيبة المغربية للتقدم والاشتراكية أوساط الثمانينات.
وفي تصريح لبيان اليوم، قال عبد الله البقالي رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، “إننا اليوم نفتقد أحد الوجوه البارزة في العمل الصحفي والعمل النقابي، فالفقيد محمد بن الصديق كان من الجيل الثاني للعمل النقابي الذي واجه تحديات كثيرة جدا، من أجل تنقيب زملاء له في مختلف المؤسسات الإعلامية، كما أنه كان من الجيل الجديد للصحافيين المهنيين الذين أوجدوا أو ساهموا في بناء مشهد إعلامي جديد، سواء على مستوى الصحافة الحزبية أو على مستوى الإعلام العمومي”.
ووصف عبد الله البقالي الراحل محمد بن الصديق، بـ “المناضل السياسي الصنديد” وبـ “الرجل الهادئ” الذي يمتاز بأخلاقه العالية وبتواضعه وبحسن معاملته، إلى درجة أنه “يصعب أن تجد اليوم شخصا يدعي أن محمد بن الصديق أساء له في يوم من الأيام” حسب نقيب الصحافيين المغاربة.
لقد كان الخبر كالصاعقة التي نزلت على مناضلات ومناضلي حزب التقدم والاشتراكية، وعلى عائلة بن الصديق وفي مقدمتهم رفيقة دربه عائشة السالكي ونجلاه أيمن ونادية… لم يصدق الجميع أن عاشق الجبل قد رحل.. لم يصدق الجميع أن محمد بن الصديق غادر دون أن يخبر أحدا، وحتى دون أن يطلب من رفيقه وصديقه سعيد سيحيدة تأجيل الموعد الذي كان بينهما في اليوم ذاته، حيث دأبا على اللقاء معا كل يوم جمعة.
يحق للجميع أن يحزن على فراقه. فهو المثقف المتنور الذي يمتاز بعطائه الفكري الذي يجسد بحق نموذج المناضل والمثقف العضوي، حيث كان صديق الجميع، يعشق الحياة التي كان يقبل عليها بكل أمل في التغيير وفي التقدم المجتمعي.
كل من عاشر أو جايل محمد بن الصديق يعرف أنه كان طيلة حياته يجمع بشكل متوازن بين صفات ثلاث. صفة الصحفي المهني الذي ينتصر لقواعد المهنة ولأخلاقياتها، وصفة النقابي المحنك في إطار النقابة الوطنية للصحافة المغربية، ثم صفة المناضل السياسي الملتزم الوفي لمبادئ حزبه والمناصر لقضايا الشعب والوطن.
ويذكر أن حزب التقدم والاشتراكية كان قد نعى صباح يوم الجمعة وفاة المناضل المخلص والإعلامي المهني الرفيق محمد بن الصديق عضو الديوان السياسي للحزب الذي وافته المنية في اليوم ذاته، عن عمر لا يتجاوز 61 سنة قضى زهاء أربعين ربيعا منها في الكفاح والنضال والعمل الجاد.
***
النقابة الوطنية للصحافة المغربية تعزي في وفاة الصحافي محمد بن الصديق
انتقل إلى رحمة الله صباح يوم الجمعة 29 يونيو 2018، الصحافي محمد بن الصديق.
كان الراحل صحافيا بوكالة المغرب العربي للأنباء وكذلك في صحيفة البيان، وعضو المكتب الوطني للنقابة الوطنية للصحافة المغربية سابقا، وانتخب مؤخرا عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية.
وبهذه المناسبة الأليمة، تتقدم النقابة الوطنية للصحافة المغربية، بتعازيها في فقدان المرحوم محمد بن الصديق لأسرته الكبيرة والصغيرة، ولكل الصحافيين، وأصدقائه أجمعين.
إنا لله وإنا إليه راجعون
***
وداعا رفيقنا المناضل الصادق محمد بن الصديق
< بقلم: موسى كرزازي
رحم الله رفيقنا، محمد بن الصديق، فقيد الحزب والشبيبة والصحافة والوطن.
خسارة كبرى لفقدانه، لكونه ينتمي لطينة فريدة من رفاق قدموا للحزب وللشبيبة المغربية للتقدم والاشتراكية ولمهنة المتاعب أكثر مما أخذوا، في إطار جريدة “البيان وبيان اليوم”، زمن الرصاص والاعتقال، والتضييق على حرية الرأي والحركة في صفوف التقدميين من صنف المرحوم بن الصديق. تحمل المرحوم وهو لا زال تلميذا مسؤولية الشبيبة بتطوان حتى قبل تأسيسها الرسمي، وحضر يوم الإعلان عن تأسيسها بالدار البيضاء يوم 18 يناير 1976. وانتخب عضوا في مجلسها المركزي وهو لا يزال يافعا. وكان يفتخر دوما بهذا التنظيم الذي ترعرع في صفوفه وفي صفوف حزبه، في جدلية الأخذ والعطاء لصالح الشبيبة المغربية والطلابية والوطن، بحيث يؤكد وهو يمزج الجد بالفكاهة في نقاشات مرحة مع من عاشوا نفس المرحلة، مرددا “هذا العمل المتقن والفعال قامت به الرفيقة أو الرفيق الفلاني المنتمي لـ “JMPS”. “الشبيبة الاشتراكية حالياJS “.
جزء من تكوينه الصحفي وممارسته النضالية استقاها المرحوم من رفيقنا علي يعته، الذي كان بمثابة رفيقه وكاتبه الخاص الذي يعتمد عليه لكونه يسهر على بلورة أفكاره وتحرير مقالاته وافتتاحياته وتدخلاته في البرلمان والتجمعات الخطابية، وما أكثرها في فترة الرصاص والقمع. وبممارسته السياسية والأخلاقية الرفيعة الحزبية والصحفية والشبيبية، إلى جانب أهرامات الحزب رفاقنا: علي يعته وعبد السلام بورقية وعبدالله العياشي وعزيز بلال وشمعون ليفي وشعيب الريفي وعبد المجيد الذويب، رحمة الله عليهم، إلى جانب الرفاق الأحياء من طينتهم، تمكن فقيدنا من تكوين رصين، تمثل في قلمه السيال ورؤيته الحكيمة، بدون التسابق على شغل المناصب والمسؤوليات، ولا التهافت للحصول على الامتيازات “وهو القريب من الأمين العام للحزب علي يعته، ثم من الرفيق نبيل بنعبد الله”… هذه هي طينة وميزة مناضل في حزب التقدم والاشتراكية، التي بدأنا نفتقدها في العقدين الأخيرين مع كل أسف، في غياب تكوين معمق للرفيقات والرفاق الذين انخرطوا في الحزب، وهذا كان هاجس المرحوم، الذي كان يتعجب من بعض التصرفات البعيدة عن مدرسة الحزب وعن مبادئه كما تعلمها ومارسها.
رفيقنا، تميز بالكفاءة وبحصوله على الدكتوراه كأعلى شهادة من الاتحاد السوفياتي، وبالتواضع وبحب الحياة واحترام الآخر، مما جعله، رجلا معتدلا، له علاقات طيبة وممتازة مع رفاقه وأصدقائه. ففي غيبته، كانت رفيقات ورفاق يتأسفون على أن هذا الرفيق، رغم كل الإمكانيات التي يتوفر عليها، ليس عضوا في الديوان السياسي، حتى يكون إحدى الركائز التي يعتمد عليها الحزب في التوجيه والتحليل وترجيح المواقف المعروفة عن حزب عبد الكريم بنعبد الله وعزيز بلال….
ولكن تشاء الأقدار، أن ينتخب رفيقنا في آخر المطاف، عضوا في الديوان السايسي، في الستين من عمره، بعد أن ناضل في الحزب أربعين سنة بما فيها عهد الرصاص. وينطفئ فجأة، بدون سابق إنذار، وهو يهيئ ورقة للديوان السياسي، حول نقطة ضعف أصبح الحزب يعاني منها، وتهم برنامج التكوين السياسي للرفاق والرفيقات لضمان استمرارية نضاليتهم حتى في الأيام الحالكة، ورفع مردوديتهم السياسية والنضالية، التي تأتي عن اقتناع بالمبادئ، وليس فقط تصيد الفرص للتموقع الفارغ الذي يسيء للحزب والوطن.
رحم الله رفيقنا بن الصديق، الرفيق الودود، والصادق في رفاقيته وصداقته. وعزاؤنا واحد، في فقدانه. نتقاسم مع أسرته الصغيرة المكلومة وسائر رفيقاته ورفاقه الذين يقدرونه ويحترمونه، نفس الإحساس بالحزن العميق ومرارة الفراق.
رحم الله الفقيد، الذي إن غاب عنا جسده، فهو حاضر معنا بروحه الطاهرة، وما تركه للحزب وللصحافة المكتوبة والمقروءة من مقالات وتدخلات رزينة وحكيمة، آخرها تحرير المقرر العام للمؤتمر الوطني العاشر (ماي 2018)، وحضوره المتميز بالمهرجان العالمي للشباب والطلبة بمدينة سوتشي الروسية، كمرافق شرفي ومؤطر لوفد الشبيبة الاشتراكية سنة 2017.
*عضو اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية