زلازل وكوارث هزت العالم..-الحلقة 20-

على إثر الزلزال مدمر الذي هز تركيا وسوريا الشهر الماضي، والذي تلاه ما يزيد عن 4000 هزة ارتدادية، وهزات أخرى كانت أعنف، تعود بين الفينة والأخرى مجموعة من السيناريوهات التي تقض مضجع الناس حول ماهية هذه الكوارث وطبيعتها وكيف تحول حياة الناس بين ليلة وضحاها.

وخلال الأشهر القليلة الماضية فقط ضربت عدد من الهزات الأرضية دولا متعددة، وسجلت دول أخرى فيضانات وسيول جارفة، وأدت هذه الكوارث في مجملها لوفاة الآلاف من الناس والتأثير بشكل مباشر أو غير مباشر على الملايين بدول مختلفة.

بيان اليوم ومن خلال هذه النافذة الرمضانية، تعيد شريط مجموعة من الأحداث التي عرفتها دول مختلفة، وضمنها بلادنا المغرب، حيث هزت، بين ليلة وضحاها، كوارث طبيعية شعور الناس وشدت الانتباه إليها وخلقت حالة من التحول في مسار الملايين.

زلزال خوست.. الزلزال الأكثر دموية في أفغانستان منذ عقود

تعيش أفغانستان على وقع الكثير من المشاكل عقب ما عرفته من أحداث منذ نهاية القرن الماضي إلى حدود اليوم، حيث عرفت حروبا متعددة على أرضها، وكذا الحرب الأمريكية التي عمرت طويلا بالمنطقة إلى حدود عام 2021.

بعد انسحاب القوات الأمريكية وتسليم السلطة لحكومة أفغانية استمرت التوترات إلى أن سيطرت حركة طالبان على البلاد في غشت 2021، وهو ما زاد من حدة العزلة والأزمات المتتالية التي يعيشها الأفغان اجتماعيا واقتصاديا.

ولم تسلم أفغانستان والتي إن كانت لم تتعرض منذ عقود طويلة لكوارث طبيعية، من زلزال يزيد من حدة هذه المشاكل ويفاقم مشاكل المواطنات والمواطنين، الذين وجدوا أنفسهم في وضعية صعبة وأزمة مضاعفة جراء كارثة الزلزال التي حدثت عام 2022.

أفغانستان وبالرغم من موقعها الذي يقع جزء كبير منه في منطقة واسعة من التشوه القاري داخل الصفيحة الأوراسية، والذي يتأثر به النشاط الزلزالي عبر انزلاق الصفيحة العربية إلى الغرب والاندساس المائل للصفيحة الهندية في الشرق، إلا أنها لم تشهد كوارث بحجم كبير مثل باقي دول آسيا أو جارتها باكستان أو حتى الهند أو الدول المحيطة بها التي دائما ما تسجل هزات عنيفة.

تعود تفاصيل زلزال 2022 بهذه البلاد إلى يوم 21 يونيو 2022، أي مزامنة مع أول أيام فصل الصيف حيث ضربت هزة عنيفة بقوة 6 درجات على سلم ريشتر ولاية خوست في المنطقة الحدودية بين أفغانستان وباكستان في 22 وكانت حينها الساعة تشير إلى الثانية وأربعة وعشرون دقيقة بعد منتصف الليل حسب التوقيت المحلي.

تضاربت عدد من التقارير بين من حددت قوة الهزة في 5.9 درجة وبين من حددها في 6.2، والتي حدثت على عمق 10 كيلومتر، حيث شعر به السكان على مسافة أكثر من 500 كيلومتر في أجزاء من الهند، وفي العاصمة الباكستانية إسلام أباد، وإقليم البنجاب الشرقي، بإيران.

أدت هذه الهزة إلى رعب شديد بين الناس في ولاية خوست ومدنها وقراها، خصوصا وان ضربت في وقت متأخر من الليل والناس نيا، مؤدية إلى انهيارات في المباني والمنازل وخلقت جوا من الهلع والخوف وسط الساكنة التي هرعت إلى الشوارع وإلى الفضاءات المفتوحة خوفا من مصير يظل مجهولا.

في الساعات الأولى للكارثة، صنفتها السلطات وعدد من التقارير المختلفة بكونها الكارثة الأشد فتكا ودموية في تاريخ أفغانستان منذ زلزال 1998 الذي ضرب ولاية تخار بقوة 6.6 وأسفر عن مقتل ما لا يقل عن 4500 شخص وإصابة 50 ألف شخص آخر، وتدمر ما يزيد عن 100 ألف منزل.

وقالت السلطات إنها هذا الزلزال هو الأشد دموية منذ 25 عاما، أي منذ الزلزال الذي ضرب البلاد في 1998، حيث أن مختلف الزلازل التي تضرب البلاد تكون في العادة طبيعية وامتداد لزلازل حدثت في باكستان أو الهند أو دول أسيوية أخرى.

أعلنت السلطات من خلال عملياتها الأاولى عن مقتل ما لا يقل عن 1543 شخصا، وإصابة أزيد من 2000 شخصا في جميع أنحاء أفغانستان وباكستان، مما جعله، كما سبق الذكر، أكثر الزلازل فتكا في عام 2022 والأكثر دموية في أفغانستان منذ عام 1998.

كما أدت هذه الكارثة إلى أضرار بالغة لحقت ما يزيد عن 25 قرية، فيما دمرت مئات المباني، حيث أوضحت التقارير أن هذا الزلزال كان مدمرا للغاية بالنسبة لحجمه، حيث ردت الأسباب إلى كون مركزه غير عميق ويقع تحت منطقة مكتظة بالسكان معرضة للانهيارات الأرضية، وأغلب المباني مصنوعة من الخشب والطين وليست مقاومة للزلازل.

وهكذا زاد الزلزال محنة الأفغان الذين عاشوا فترات عصيبة وظرفية صعبة جراء تشرد الآلاف ممن فقدوا منازلهم التي هدمت بفعل الزلزال وتوابعه، وكذا بفعل غياب ونقص المواكبة الطبية والمساعدات الإنسانية لإغاثة المنكوبين.

عملت السلطات الأفغانية على إطلاق عمليات الإنقاذ في البلاد، حيث وصلت فرق الإنقاذ عبر مروحيات قدمتها وزارة الدفاع وجرى على إثر ذلك نقل العديد من السكان الجرحى عبر طائرات الهليكوبتر بعيدا عن المنطقة المنكوبة، كما قامت طائرات الهليكوبتر بإيصال الإمدادات الطبية والغذاء إلى المنطقة.

حثت السلطات الأفغانية المنظمات بالبلاد إلى الإغاثة وإرسال مساعدات إلى المنطقة لمنع وقوع المزيد من الخسائر جراء الكارثة، خصوصا في ظل الدمار الهائل الذي شهدته البلاد، وحالة الهلع التي عانى منها الناس.

وترى بعض التقارير أن عملية الإغاثة والإنقاذ كانت بطيئة للغاية، وذلك بالنظر لفرار العديد من منظمات الإغاثة الدولية من البلاد بعد الإطاحة بالحكومة السابقة، بالإضافة على أن كارثة الزلزال كانت قد سبقتها بقليل أمطار غزيرة وفيضانات بعدد من مناطق البلاد.

عانت أفغانستان من شح المساعدات الدولية،  خصوصا أمام العقوبات المفروضة عليها بعد استيلاء طالبان على السلطة، وخاصة في القطاع المصرفي، مما أدى إلى قطع الكثير من المساعدات الدولية على البلاد، إلا أنه وبالرغم من ذلك ظلت المساعدات الإنسانية متاحة من وكالات مثل الأمم المتحدة، فيما قدمت بعض الدول مساعدات إنسانية عاجلة لإغاثة المنكوبين.

ولم تكن أفغانستان وحدها التي عانت، فقد شملت خسائر هذا الزلزال مناطق مختلفة من باكستان، بحيث تسبب الزلزال في أضرار وعشرات القتلى، مما يجعله، هو الآخر، أكثر الزلازل فتكا في البلاد منذ عام 2015.

وبحسب تقارير وصحف محلية فقد قتل أزيد من 30 فردا من أفراد القبائل، كما لقي عشرة آخرون مصرعهم وأصيب 25 آخرون عندما طمر انهيار أرضى قرية في منطقة شمال وزيرستان، مما أثر على 600 شخص. وأُبلغ عن إصابات وخصصت المستشفيات في منطقة شمال وزيرستان ومنطقة الجنوب لاستقبال المرضى والمصابين المحتملين.

كما سقط قتلى آخرون في منطقة دارا بيزو، ولاكي مروات، وخيبر بختونخوا، وذلك نتيجة الزلزال ونتيجة الآثار المشتركة للزلزال والأمطار الغزيرة، التي صعبت مهام الإنقاذ وإغاثة الناجين وهو ما عمق جراح الباكستانيين في تلك الليلة وما تلاها من ايام عصيبة جراء الكارثة.

  • إعداد: محمد توفيق أمزيان

Related posts

Top