لازالت مختلف الأوساط بالجارة الشرقية، تتحدث بكثير من المرارة عن إقصاء منتخبها أمام منتخب الكامرون، والحرمان من الوصول إلى مونديال قطر 2022.
أغلب هذه الأوساط، والتي تدور بصفة خاصة في فك الطغمة العسكرية الحاكمة هناك، تسعى بكل الوسائل إلى تحريف الحقائق، والادعاء بكون جهات معادية، هي التي تقف وراء هذه النتيجة الصادمة، واستعمال الحكم غاساما لتنفيذ المخطط، وغيرها من الهلوسات التي ضربت تفكير القيادة الفاسدة.
يمكن تفهم كل هذه ردود الفعل الخارجة عن المنطق السليم، بناء على مواقف وتجارب متعددة، أظهرت فيها دائما هذه الأوساط المعادية للمغرب، حقدا دفينا، وحربا بلا هوادة، وإلصاق كل المشاكل التي تتسبب فيها سياستهم الفاشلة، بالجانب المغربي.
كما نعرف جيدا أن النظام العسكري المتسلط على رقاب الشعب الجزائري الشقيق، يرغب دائما في استغلال فادح للإشعاع الذي تخلفه مثل هذه المشاركات الدولية، والسعي إلى التخفيف ما أمكن من درجة الاحتقان التي تسود الشارع الجزائري، إلا أن أملهم خاب هذه المرة، ليترتب عن هذا الإخفاق، سخط عارم، يتم السعي بكل الوسائل إلى تصدير الأزمة ولعب دور الضحية.
بناء عليه، فان مثل هذه السلوكات تيقى عادية ومتوقعة، لكن أن يسير المدرب جمال بلماضي، في نفس المنحى، وبسعار بلغ درجة غريبة، تصدر من هذا الإطار الرياضي الذي حاول دائما إظهار نوع من الحكمة والرزانة والشخصية المتوازنة، إلى أن سقط أخيرا في المحظور.
ففي آخر خروج إعلامي له، قال بلماضي إنه لم يتقبل أن يجد الحكم غاساما جالسا مرتاحا بصالون مطار الجزائر، يتناول في هدوء قهوة ويأكل حلوة “الميلفاي”، وعكس هذا التعامل العادي الذي يجب أن يعامل به هذا الحكم “الحݣار”، كان من الضروري مهاجمته ومحاسبته على الأخطاء التي ارتكبها، والتي قادت -في نظره- إلى إقصاء منتخبه.
كما اعترف في نفس التصريح، أنه هاجم شخصيا الحكم الغامبي، سواء بمطار الجزائر، وأيضا بمطار إسطنبول.
إنه اعتراف خطير، من طرف مدرب يقال إنه إطار محترف، ومن المفروض أن ينتج عنه اتخاذ عقوبات صارمة، من المؤسسات الدولية، لأن ما قاله، يدخل في إطار التحريض على العنف، والإساءة الشخصية المباشرة، وإظهار قلة الاحترام اتجاه شخص أجنبي،، مكلف بأداء مهمة محددة في المكان والزمان، تقتضي الإحاطة بظروف أمنية مناسبة، وشروط تعامل لا تسمح بأي تجاوزات.
وفي هذا الإطار سجلت الصحافة الفرنسية أيضا، وبكثير من الاستغراب والدهشة، المنحى الخطير الذي ذهبت إليه تصريحات بلماضي، وقالت إن مدرب “محاربي الصحراء” هاجم غاساما بألفاظ قوية، حيث وصفه بـ”الظالم والمستبد”، بسبب ما اعتبره “انحيازا” من طرفه لمنتخب الكاميرون خلال مباراة إياب الدور الحاسم من تصفيات مونديال 2022.
كما سجلت أيضا انتقاده للتعامل الحضاري مع الحكم الغامبي بعد المباراة، إذ قال ما معناه: “لقد سرق حلمنا، لا أقول إنه كان ينبغي قتله، لكن كان علينا عدم تركه يمضي في حال سبيله بدون أي رد فعل”.
لم تقف درجة الهذيان عند الحد، بل امتدت الشرارة إلى أطراف أخرى، منها الجانب الكامروني، إلى درجة جعلت النجم صامويل إيتو، يخرج برد صارم يؤكد فيه لجوءه لرفع دعوة أمام لجنة أخلاقيات الاتحاد الدولي للعبة (فيفا) ضد بلماضي، ورفض كل المزاعم التشهيرية التي صاغها مراراً قادة الكرة الجزائرية، على غرار ما اسماه إيتو بـ “العدوان اللفظي” الذي تعرض له المسؤولون الكاميرونيون في الأول من أبريل الجاري في الدوحة على هامش إجراء قرعة المونديال.
للإشارة فان الحكم باكاري غاساما تلقى رسالة تهنئة من طرف (فيفا)، على التحكيم المميز والنزيه للمباراة، كما أنزل الاتحاد الدولي أيضا عقوبات مالية ضد الاتحاد الجزائري نظرا للتجاوزات التي شهدتها المباراة المذكورة.
قضي الأمر وانتهى الكلام…
محمد الروحلي