في إطار سلسلة لقاءات في الظل التي تنظمها جمعية أبي رقراق على هامش الدورة السابعة لمهرجان مقامات، عرض الأستاذ الباحث سعيد أمسكان في جلسة فكرية مفتوحة، مساء أول أمس الثلاثاء بالمكتبة الصبيحية بسلا، أسرار وتحف من تاريخ الموسيقى العربية. حيث استعرض الباحث الأمازيغي خلالها قوة ذاكرته التي عادت به إلى أهم محطات الموسيقى العربية والمقامات.
واختار سعيد أمسكان السياسي والوزير السابق أن يتحدث في لقائه عن الموسيقى التي أحبها وأعطاها جزءا من حياته، وعادت ذاكرة أمسكان، خلال اللقاء الذي سيره الإعلامي عتيق بنشيكر، وحضرته مجموعة من الفعاليات الفنية والسياسية، إلى شغفه على جمع ولم التحف الموسيقية، حيث قال “كلما ذهبت إلى مدينة باريس وقبل أن أدخل إلى الفندق الذي أحل به، لابد أن أزور معهد العالم العربي الذي دائما ما يجدد خزانته الموسيقية بأقراص جديدة مشرقية ومغربية وغيرها من المقاطع التي تعود إلى زمن مضى، كما أنني أعرج على محطات بيع أقراص الموسيقى ودار الثقافات العالمية بباريس حيث أقتني كل جديد تضعه هذه الخزانات والذي هو عبارة عن أقراص أو كتب تعنى بالموسيقى العربية”، مضيفا أن “الهدف وراء ذلك هو جمع ولم التحف الموسيقية العربية التي برزت في جيل سابق لكنها لم تنشر إلا مؤخرا”.
وحكى أمسكان الذي أذهل الحضور بذاكرته القوية، عن أول مؤتمر للموسيقى العربية والذي أقيم بالقاهرة سنة 1930، حيث استعرض النقاشات التي أثارها المؤتمر آنذاك كما قدم عرضا مفصلا عن العديد من الفرق المشاركة في هذا المؤتمر، خصوصا فرق مصر والمغرب والجزائر وتونس التي شاركت بقوة، كما استعرض أمسكان بالمناسبة العديد من المقاطع الموسيقية التي اختارها من خزانته الموسيقية والتي تعود إلى التسجيلات التي تمت خلال المؤتمر، حيث أخذ الحضور في سفر موسيقي عاد بهم إلى ثلاثينيات القرن الماضي، خصوصا عندما استعرض موسيقى الفرقة المغربية التي شاركت بدورها في المؤتمر والتي بزغت عن ثلاث مدارس مغربية وهي المدرسة الفاسية والمدرسة الرباطية والمدرسة التطوانية حيث شكل انسجام أفراد هذه المدارس في فرقة واحدة كشكولا من الأغنية المغربية العتيقة التي تطرب الآذان.
وفاجئ أمسكان الحضور باحتفاظه بموسيقى تعود إلى القرن الثالث عشر والتي تعود إلى أحد فناني العود ومفكري الموسيقى الذي اشتهر بترجمته للكتب اليونانية وكتابة مؤلفات حول الموسيقى أهمها، كتاب “الأدوار الموسيقية”، هذا الكتاب يشير أمسكان إلى أن به مقطعا موسيقيا خطه الكاتب بـ “الصولفيج” (حروف أبجدية وأرقام)، حيث قام مدير معهد الجامعة الأنطونية بلبنان بتحويل هذا الصولفيج من الحروف الأبجدية إلى الصولفيج الحديث، وتم تسجيل هذه الموسيقى مع فرقته الموسيقية، بحيث أنها تعود إلى القرن الثالث عشر، قبل أن يعرضها أمسكان على أسماع الجمهور الذي أتحف بالقطعة الموسيقية.
وعبر مقطع فيديو مسجل بمنزل أمسكان، استعرض هذا الأخير خزانة غنية ومليئة بتاريخ الموسيقى العربية من مختلف الأصناف والأنواع التي تختلف باختلاف المناطق العربية من المشرق إلى المغرب، يحتفظ بها في منزله، حيث دعا المهتمين بهذا المجال إلى الالتفاتة إلى هذه الخزانة مشيرا إلى أنه مستعد لمشاركتها مع أي مؤسسة مهتمة وذلك صيانة للتراث اللامادي التي تزخر به.
يشار إلى أن هذه الجلسة الفكرية التي تعد الحلقة الأولى من سلسلة لقاءات في الظل التي تنظمها جمعية أبي رقراق بمناسبة المهرجان السابع للمقامات الذي يحتفي بمرور 30 سنة على ميلاد الجمعية، حضرها أندري أزولاي مستشار جلالة الملك، ومحمد نبيل بنعبد الله وزير السكنى وسياسة المدينة، وعبد الكريم بناني رئيس جمعية رباط الفتح، وعدد كبير من المثقفين والفنانين والإعلاميين من بينهم مدراء مهرجانات موسيقية كبرى كمهرجان فاس للموسيقى الروحية.
يذكر أيضا إلى أن هذه الجلسة الفكرية تلتها احتفالية بالموسيقى الأمازيغية بمشاركة مجموعتي ريف إكسبريونس وسعيد بونادم احتضنتها القاعة الكبرى للجماعة الحضرية باب سيدي بوحاجة بسلا. محمد توفيق أمزيان
سياسي مغربي يسافر بالجمهور في رحلة فنية ممتعة
الوسوم