اعتبر كشف وزارة الثقافة والشباب والرياضة نهاية الأسبوع الماضي، عن مخطط يسمح باستئناف الرياضية بعد تخفيف قيود الحجر الصحي، بمثابة إعطاء الضوء الأخضر لعودة الحياة للملاعب والقطاعات الرياضية.
وبمجرد صدور هذا الإعلان، ووضع جدول زمني، وتحديد التواريخ المقترحة، لإعادة فتح الملاعب والفضاءات الرياضية، بدأت تتعالى أصوات من طرف مجموعة من الأندية والفرق، مطالبة بضرورة الاهتمام بالجانب المالي للأندية، ومساعدتها على الخروج ولو ظرفيا، من تبعات أزمة، زادت جائحة كورونا من استفحالها، خصوصا من طرف الأندية التي كانت تفضل، الإعلان عن موسم ابيض أو اعتماد الترتيب، المحصل إلى حدود الدورة العشرين من البطولة.
صحيح أن مدة التوقف تعتبر نسبيا طويلة، نتج عنها توقف ايضا لمداخيل الدعم، لا من طرف المستشهرين والمجالس المنتخبة، ولا بالنسبة لمداخيل مباريات الأندية الجماهيرية خاصة، الشيء الذي نتج عنه، انقطاع الدعم و العائدات التي كانت منتظرة، إلا أن هناك ملاحظ تسترعي الكثير من الانتباه، وتتجلى في ظهور سريع للأزمة، الشيء الذي يكشف حقيقة الهشاشة، وضعف البنية المؤسساتية للأغلبية الساحقة من الأندية الوطنية.
فقد طالبت أندية، تهتم فقط بكرة القدم من الجامعة التابعة لها، بتأجيل اقتطاع ديون النزاعات، وبضرورة الحصول على الشطر الثالث كاملا من منحة النقل التلفزي البالغة قيمته 200 مليون سنتيم، وإذا كان مثل هذا الإجراء قد يساعد على إيجاد حل مؤقت، إلا انه غير مجد تماما على الأمد القريب، كما يمكن أن يطرح الأمر من الجانب القانوني، لأن هناك أصحاب الحقوق المعلقة، ولديهم هم كذلك إكراهات وانتظارات كثيرة.
يحدث هذا في وقت، أخلت فيه العصبة الاحترافية لكرة القدم مسؤوليتها، ورفض أية إمكانية للتدخل في مسألة حل أزمة رواتب ومنح اللاعبين، وأيضا المدربين، سواء كانت رواتب متأخرة منذ مدة، أو تلك التي كان ينتظر الحصول عليها طيلة فترة التوقف، فان هذا الرفض يتقاطع مع رفض مماثل من طرف الجامعة أيضا، التي حرمت على نفسها هى الأخرى، التدخل أو مناقشة الموضوع، لا من قريب أو بعيد، والتعامل مع الأمر على أنه مسألة داخلية للأندية، وبالتالي لابد من إيجاد حلول فردية لأزمة المستحقات، عن طريق الوصول للتراضي مع اللاعبين والمدربين بالتفاوض وليس الإجبار أو فرض التنازل.
أمام هذه الوضعية المعقدة، تطرح الكثير من علامات استفهام حول الأسباب التي تؤدى، إلى هذه الهشاشة والضعف المزمن، الذي يخيم على التسيير في أغلب الأندية الوطنية، وغياب منهجية واضحة في التسيير والاختيارات، وطريقة عقد الصفقات، وعدم الاجتهاد في البحث عن الموارد المالية، وغياب فادح للتوازن ما بين المداخيل والمصاريف.
صحيح أن هناك أسبابا موضوعية أخرى تلعب دورا في الوصول إلى الباب المسدود. أسباب يمكن العودة لها في مناسبة أخرى، بالإنصات إلى المبررات التي تقدم من طرف مسؤولي هذه الأندية، لكن هناك أسباب مباشرة، وأخطاء فادحة قادت وتقود بسرعة إلى عمق النفق، دون أن تلوح في الأفق، أية بوادر للخروج من عنق الزجاجة.
فصفقات انتقالات اللاعبين وعقود المدربين، تعتبر من النقاط السوداء في عمل جل المكاتب المسيرة للأندية الوطنية، والتي يشرف عليها مباشرة رؤساء ومسؤولو الأندية، بل نجدهم يتسابقون ويسارعون الزمن من أجل الانفراد بهذا الجانب، مع تهميش أي دور لأصحاب الاختصاص، وهذا يزيد من الغموض الذي يحيط بالأندية، ولا يساعد تماما على الكشف عن حقيقة الأوضاع، كما لا يساعد على جلب موارد، سواء من طرف المؤسسات الخاصة، ولا من طرف مستثمرين خارجيين.
صحيح أن هناك مطالب معقولة يجب تلبيتها، لكن هناك هناك أخطاء، وغموض وغياب الوضوح، في تعامل الكثير من الأندية وبالتالي لابد من فرض مراقبة صارمة وقوانين رادعة، تمكن من معالجة الخروقات والاختلالات الفادحة، التي تصدم كل يوم الوسط الرياضي عموما.
محمد الروحلي